رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تقديم الألم للرب منذ زمنٍ طويل، سادت في الكنيسة روحانيّة تدعو المؤمن إلى أن يقدّم آلامه للرب. إنّه لا يقدّمها على أنّها هديّة، إذ لا يليق أن يهديَ الإنسان ما يكرهه ويمقته. إنّه يقدّم آلامه للربّ من خلال تقدمة ذاته له. ذاتٌ متألّمة تريد أن يجتاحها الله بروحه كي تتمكّن من عيش آلامها في جوٍّ من المحبّة، وتكون هذه الآلام عاملاً على النموّ في الإيمان والرجاء. بهذه الطريقة، يصبح للآلام معنىً وقيمة. وهذا ما فعله المسيح. فقد اجتاز بروح المحبّة محنة الآلام الّتي فرضها البشر عليه. "حيث كثُرَت الخطيئة فاضت النعمة" (روم 5/20). وما كان جديراً بأن يسحق يسوع جعله يعظُم، لأنّ قامة الإنسان تُقاس بمقدار محبّته. نستطيع إذاً أن نستعمل الألم كما الفرح كي نتشبّه بالله، ونصبح على صورته. فالمسيح ينضمّ إلى آلامنا ويتألّم معنا. إنّه شريك البشريّة المتألّمة منذ أن عُلِّقَ على الخشبة. إنّه لا ينضمّ إلى المتألّم ليشرح له علّة ألمه، لأنّ السؤال: "لماذا ... لماذا أنا؟" يظلّ لغزاً. إنّه هنا ليكسر العزلة: أنا لا أتألّم وحدي، فإلهي يتألّم معي وبسببي، ومعاً سنقاوم الألم، معاً سنعطي ما أعانيه معنىً، معاً سنجتاز المحنة ونتخطّاها، معاً سنسمو على ما يؤلمني. وهو سيساعدني في كلّ هذا، يكفيني أن أثق به وأمدَّ له يدي لينتشلني من هوّة الظلمة واليأس. إذا مهمّتنا الأولى هي القضاء على الألم. وحين يظهر على أنّه قدرٌ محتوم، علينا أن نحوّل معناه بالمحبّة. فالمحبّة الّتي قادتنا إلى مكافحته، تقودنا حينها إلى قبوله. فللمحبّة الكلمة الأخيرة. وهكذا، لا يكون للألم مستقبل لأنّ المستقبل أصبح محجوزاً لفرح المحبّة. |
|