رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل الألم عقاب؟ آمن العبرانيّون لفترةٍ طويلةٍ من الزمن بأنّ الشرّ والألم عقاب من الله يعاقب به الإنسان لسلوكه السيّء. وعلى العكس، البارّ يزهر والحكيم يغتني. ويُعتَبَرُ سفر أيّوب احتجاجاً مطوّلاً على هذا الإيمان الّذي يبرهن الواقع بطلانه. ومع ذلك، ثابر الناس عليه حتّى أيّام يسوع. فحين رأى الرسل المولود أعمى سألوا: "مَن أخطأ، أهذا أم أبواه، حتّى ولِدَ أعمى؟" (يو 9/2). إنّه سؤال حرج. وقد سعى لاهوت قديم إلى الإجابة عنه بالاعتماد على مفهوم خاص للخطيئة الأصليّة. فلا ينسب هذا المفهوم الألم إلى خطيئة الأهل، بل إلى خطيئة الجدّين الأوّلين آدم وحوّاء. في هذا اللاهوت، يبدو الله بريئاً لأنّنا ننسب الخطأ إلى الإنسان. والشرّ بمختلف أنواعه هو عقوبة من الله بسبب هذا الخطأ. لكنّ هذه النظرة لا تتوافق مع اليقين بأنّ الله محبّة، وأنّه يعبّر عن محبّته من خلال المسامحة. فهل يمكننا الكلام على المسامحة إذا كان الله يدفِّع الخاطئ الثمن؟ وهل علينا أن نسامح إذا كان الله نفسه يحاسبنا على خطيئةٍ ارتكبها جدّنا منذ مليارات السنين؟ وإذا قلنا إنّ آلام المسيح سدّدت ديون البشر تجاه الله، فهذا لا يزيل التناقض. ففكرة ضرورة الألم لإرضاء العدالة الإلهيّة مطبوعة في سلوكيّاتنا الجزائيّة، لكنّها لا تتوافق مع ما يكشفه لنا المسيح عن الله. على كلّ حال، كانيجدر بآلام المسيح بدلاً عنّا أن تعفينا من التألّم. ولكنّنا نتألّم. ونعلم أنّالألم يصيب البريء أيضاً. فهل يا ترى عقاب الله يخطئ ولا يميّز البريء عن المذنب؟ إنّ جميع هذه الإشكاليّات نابعة من صورة الإله المتدخِّل. فإذا لم نتخلَّ عن هذه الصورة، وإذا جعلناه مسؤولاً عن آلامنا، حتّى وإن كانت عقاباً، نسقط في فخاخٍ يصعب علينا الفلات منها، ونصنع باسم العدالة الإلهيّة إلهاً ظالماً. فالكلام على الآلام العقابيّة، أو الإرضاء التكفيريّ الّذي دفعه المسيح بآلامه، يتعارض مع الوحي الإلهيّ الّذي يكشفه لنا إله يسامح بمجّانيّة. إنّه كلام ينفي مجّانيّة المحبّة ومجّانيّة النعمة، وينفي حتّة المحبّة نفسها. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
عقاب الحياة |
اشد عقاب |
من غير عقاب |
التأديبات: عقاب في العالم أم عقاب أبدي |
عقاب |