رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يروى أحد الرهبان المتوحدين :
" كنت في أحد أيام شهر مايو الماضي , استيقظت كالعادة في الوقت المحدد ككل يوم , كل شئ على ما يرام , صليت صلوات الصباح , ثم بعد أن انتهيت منها خرجت خارج المغارة , أتأمل يد الله في مشهد الشروق , بقيت هكذا لمدة ساعة , ثم دخلت بعدها ثانية إلى مغارتي للقراءة , و قلبي ملئ بمشاعر تكفيني طيلة اليوم . جلست على اﻷرض و أسندت ظهري إلى الحائط , ثم مددت يدي ﻷلتقط كتابي المقدس , و إذ بشئ يحدث لم يعرض لي منذ عشرات السنين , شعرت بطعم غريب في حلقي .. ما هذا يا ربي ؟؟ حاولت أﻻ أفكر في اﻷمر و أن أكمل يومي كما يسير , و لكني تذكرت هذا الطعم , نعم إنه طعم "الملبن. " تعجبت كثيراً فأنا لم أذق هذا النوع من الحلوى منذ ما يقرب من أربعين سنة , حاولت أﻻ أعير اﻷمر اهتماما , و بدأت أقرأ في الكتاب المقدس , و لكن لم تمر إﻻ لحيظات قليلة و إذ بي أفقد تركيزي و شهوة الملبن تشتعل داخل حلقي , أغلقت كتابي و وضعته في مكانه و قمت أصنع ميطانيات أمام الله أطلب منه أن يسري هذا اليوم على خير , ثم أنهيت الميطانيات و طعم الملبن ﻻ يزال في فمي .. فخرجت خارج القﻼية أحدث نفسي : ملبن يا راهب !! ملبن يا متوحد ؟؟ أجئت إلى البرية هنا لتبحث عن الملبن ؟! إذا كان الرهبان في الدير ﻻ يرونه , أتطلبه أنت هنا في الصحراء يا متوحد ؟! ملبن يا عجوز " !!! دخلت أيضاً إلى قﻼيتي و أغلقت بابي عليّ , صرت أتضرع إلى الله أن يرحمني و يتحنن عليّ , و أسكب أمامه نفسي حيناً بالميطانيات و حيناً بالدموع و حيناً آخر بقرع الصدر , أطلب منه أﻻ تتسلط عليًّ هذه الشهوة , و أﻻ تكون نهاية أيامي معه بشهوة مثل هذه . صرت هكذا طيلة هذا اليوم , و أنا في حال غير مستقرة , إلى أن غادرت الشمس سماء الصحراء الواسعة , و بدأت تعطي شفق الغروب اﻷخير ... و إذ بي أجد باب القﻼية يقرع ........ رشمت ذاتي بعﻼمة الصليب ثم ذهبت ﻷسأل عن الطارق , فرد عليَّ " : أغابي يا أبي " فقلت " : أغابي " فقال " : أنا إبنك أبونا القس فﻼن , هل تصنع معي محبة " ففتحت له و وجدته فعﻼ أبونا "س" و قد كان متعبا جدا , فسألته عما أتى به إلى هنا , فأخبرني أن الطبيب أوصاه أن يمشي كثيرا كل يوم ﻷنه مصاب بمرض السمنة , فأخذ يتمشى في الصحراء حتى ضل الطريق و إذا به عند باب مغارتي . رحبت به و استقبلته عندي هذه الليلة , و صلينا سويا ثم نمنا , و في الغد استيقظنا و صلينا أيضا حتى شروق الشمس , فاستأذنني أن يغادر , فقلت له " : ﻻبد أن أوصلك حتى ﻻ تضل الطريق ثانية " , رفض كثيرا , و لكني صممت على ذلك . مشينا سويا في الصحراء حتى وصلنا على بعد أمتار قليلة من أسوار الدير , فقبلنا بعضنا البعض و شكرني كثيرا , ثم ابتسم لي , و أخرج لي من جيبه شئ مستطيل ملفوف في ورقة و قال لي " : اتفضل يا ابونا دي من إيد المسيح و اللي من إيد المسيح ماترفضوش , " فشكرته وودعته , ثم رجعت إلى قﻼيتي . عدت إلى القﻼية , و صليت صﻼة الساعة التاسعة في وقتها المعتاد , ثم جلست ﻷقرأ , و بعد أن انتهيت من قراءتي جاءت عيني على الورقة التي أعطاني إياها أبونا .. أخذت الورقة ثم فتحتها ... و إذ بها قطعة من الملبن !!!!!!!!!!! نظرت إليها و أنا أتعجب مما كنت فيه باﻷمس , حيث لم تعد في بالي هذه الشهوة التي كدرت عليّ يومي الماضي , و تذكرت أني حتى في صغري لم يكن يستهويني هذا النوع من الحلوى . ضحكت كثيرا , و تذكرت كلمة أبونا لي " دي من إيد المسيح " وضعت قطعة الملبن حتى آكلها وقت المساء , و صرت أتأمل طيلة هذا اليوم في حنو الله علينا و كيف أنه ﻻ يهتم بنا فقط بل يدللنا أيضا " على اﻷيدي تحملون و على الركبتين تدللون " عجيب هو الله في حنوه .... فهو ﻻ يعطينا اﻷشياء الضرورية التي نحتاجها فقط بل حتى اﻷشياء التي قد تبدو غير ضرورية و صغيرة في نظر الناس . إن تأملت قليﻼ فيه سوف ﻻ تجده إله المﻼيين و المليارات من البشر , بل إلهك الشخصي الذي يهتم بكل تفاصيل حياتك , و يعطيك كل ما تحتاج و لكن علي شرط أﻻ يصارعه في قلبك احتياجك هذا. " أطلبوا أوﻻ ملكوت الله و بره و كل هذه تزاد لكم. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
طوبيت البار وقطعة شعرية عن دفن الموتى |
لكن أنا سللت سيفه الذي كان بيده، وقطعت رأسه |
زوادة اليوم: الفلاح وقطعة الأرض |
ابرة وقطعة قماش |
القرد كروكى وقطعة السكر |