رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نقرأ في الأنجيل المقدس عن سبع حالات تُذكر فيها لمسة يسوع ليصْنَعَ في كلِّ حالةٍ معجزةً من معجزاته. وقبل أن نتكلم عن هذه الحالات السبع لا بد أن نذكر أن المسيح لم يصنع معجزة واحدة من معجزاته طوال فترة بشارته بدافع شخصي ، ولا للاستعراض أو من أجل حب التظاهر. وإنما كانت لمعجزاته أهدافاً معيّنة ودروساً اراد من خلالها إيصال رسائله إلينا. وإن أردنا تحديد الأهداف بشكل عام وراء معجزاته نقول: أولاً: الشفقة على الإنسان الذي كان بحاجة الى معجزاته، لذلك ترد كثيراً كلمة ”تحنَّنَ يسوع“ أو "أشفَقَ يسوع" ثانياً: كانت معجزاته تثبت الحقيقة التي قالها عن نفسه وهي إنه يتمّم الأعمال التي أراد الآب أن يعملها ولكي تشهد تلك الاعمال العلاقة الوثيقة بينه وبين الآب ”إنّ الأعمال التي وَكّلَ اليّ الآب أن أتمّمها، هذه الأعمال التي أعملها هي تشهد لي بأن الآب أرسلني“(يوحنا 36:5). ثالثاً: كانت معجزاته في كل المناسبات تؤدي إلى تمجيد الله. ورابعاً: كان لكل معجزة من معجزاته تطبيقات ودروس روحية ، ورسائل يرسلها في كل مرة إلى البشر. وفيما يلي الحالات السبعة التي وردت في الانجيل مصاحبة للمسة يسوع والتي أشرنا إليها وسنذكر الدروس المستخلصة من كل حالة: 1- تطهير الأبرص ”وإذا أبرص يَدنو منه فيسجد له ويقول يا رب إن شِئْتَ فأنت قادرٌ على أن تبرئني فمَدَّ يسوع يده فلَمَسَهُ وقال: قد شِئْتُ فأبرأْ، فبريء من بُرصِهِ لوقتِه.“ (متى 2:8-3). كان الأبرص إنساناً بائساً ومنبوذاً لا يحلّ له أن يخالط الآخرين، بل كان مكانه خارج المدينة، وكثيرون منهم يعيشون بين القبور، لأنهم كانوا بحسب الشريعةيُحسَبون نجسين. وفي هذا المثل رمزٌ للنجاسة الناتجة عن الخطيئة. وهذا ينطبق على كل إنسان منا قبل أن يطهّرنا يسوع المسيح، كما هو مكتوب ” ودم يسوع المسيح إبنه يطهّرنا من كل خطيئة “ (1يوحنا 7:1) وهذه كانت رسالة يسوع في تطهير الأبرص حيث قال: "شِئْتُ فأبرأ" ومد يده له. هكذا هو يمد يده لنا ليطهرنا من دنس الخطيئة. 2- شفاء حماة بطرس ” وجاء يسوع إلى بيت بطرس، فرأى حماته ملقاة على الفراش ومحمومة. فلَمِسَ يَدَها ففارقتها الحمى. فنهضت وأخذت تخدمه “ (متى 14:8-15). الحمى جعلت حماة بطرس مطروحة لا تستطيع أن تعمل شيئاً أو تقوم بمسئولياتها. وهذا ما تعمله الخطيئة إذ نصبح ضعفاء " لما كنا لا نزال ضعفاء " (رومية 6:5)، وبلا فائدة حقيقية من الناحية الروحية، لأن الخطيئة تسلب منا قوتنا فنصبح مرضى مطروحين. ولكن لمسة يسوع هي التي تشفينا وتعيد لنا الصحة. وكما أن حماة بطرس ” قامت وخدمته “، كذلك المسيح هو الذي يجعلنا نستطيع أن نقوم بالخدمة التي يكلّفنا بها الرب، حيث قال المسيح: ” لأنكم بدوني لا تستطيعون أن تعملوا شيئاً “ (يوحنا 5:15). 3- فتح عيون عميان نشروا الخبر وبشّروا آخرين ” ومضى يسوع في طريقه فتبعه أعميان يصيحان: رُحماك يا ابن داود! ، فلما دخل البيت دنا منه الأعميان فقال لهما يسوع: أتؤمنان بأني قادر على ذلك؟ فقالا له: نعم يا رب،فلمس أعينهما وقال: فليكن لكما بحسب ايمانكما فانفتحت أعينهما ، فانذرهما يسوع بلهجة شديدة قال: أيّاكما أن يعلم أحد ، ولكنهما خرجا فشهراه في تلك الارض كلها " (متى 27:9-30). الإنسان بطبيعته أعمى روحياً حيث نقرأ في رسالة بولس ” إله هذه الدنيا قد أعمى بصائر غير المؤمنين، لئلا يبصروا نور بشارة مجد المسيح، الذي هو صورة الله “ (2كورنثوس 4:4). لذلك يقول الرسول يوحنا: ” ونعلم أن ابن الله أتى وإنه أعطانا بصيرة لنعرف بها الحق “ (1يوحنا 20:5). ونحن بسرور نرنّم قائلين: كنّا عميان والآن نبصر، فيسوع هو نور العالم ، وبهذا النور تظهر لنا حقيقة هذا العالم. 4- وعميان آخرون أبصروا فتبعاه ” وفيما هم خارجون من أريحا تبعه جمع كثير، وإذا أعميان جالسان على الطريق. فلما سمعا أن يسوع مارٌّ من هناك صرخا قائلَين: إرحمنا يا رب يا ابن داود !.فانتهرهما الجمع ليسكتا فصاحا أشد الصياح: إرحمنا يا رب يا ابن داود ! فوقف يسوع وناداهما وقال: ماذا تريدان أن أصنع لكما؟ قالا له: يا رب، أن تفتح أعيننا ! فتحنّن يسوع ولمس أعينهما، فللوقت أبصرتْ أعينهما وتبعاه “ (متى 29:20-34). الاثنان الأولان فتح الرب أعينهما فلم يستطيعا أن يسكتا بل ” أشاعاه في كل مكان “، وهذان الاثنان فتح الرب أعينهما فتبعاه. وفي كل هذا لنا دروس عملية واضحة، وهي أن نخبر الجميع بكل ما يصنع الرب لنا وبنعمه علينا فنكون رسل لبشارته ، وأن نتبعه لأنه قال في انجيل يوحنا: " من أراد أن يخدمني فليتبعني وحيث أكون أنا يكون خادمي" (يوحنا 26:12). كلنا نعلم ، وإستناداً لما نقرأه في أنجيل لوقا ، أنّ المسيح ” وهب البصر لعميان كثيرين “ (لوقا 21:7). ولكن الأنجيل المقدس يسجل لنا هذه العينات لكي يذكرنا بأن المسيح هو نور العالم وبه نبصر الحقيقة ومن خلاله نستطيع رؤية الطريق المؤدي لخلاصنا لأنه هو الطريق والحق والحياة. 5- لمسة يسوع تشفي الأصم الأخرس ” وجاءوا إليه بأصمّ معقود اللسان، وطلبوا منه أن يضع يده عليه. فأنفرد به عن الجمع ووضع أصبعيه في أذنيه ثم تفل ولمس لسانه. ورفع عينيه نحو السماء وتنهّد وقال له إفّثا: أي انفتح. وللوقت انفتحت أذناه، وانحلّ رباط لسانه، فتكلم بلسان طليق. وأوصاهم أن لا يُخبروا أحدا. فكان كلمّا أكثر من توصيتهم ، أكثروا من إذاعة خبره. وكانوا يقولون وهم في غاية الإعجاب: قد أبدع في أعماله كلّها ، إذ جعل الصُمَّ يسمعون والخُرس يتكلمون ! " (مرقس 32:7-37). إن غير المؤمن هو أصمّ روحياً. كما قال الله في إشعياء: ” اسمعوا سماعاً ولا تفهموا “ (إشعياء 9:6). وكما قال المسيح لليهود: ” لماذا لا تفهمون ما أقول ؟ ، لأنكم لا تقدرون أن تسمعوا كلامي “ (يوحنا 43:8) ولكن الأيمان بيسوع يفتح الأذان ويجعلنا نسمع كلامه ونفهمه ونعرف ماذا يريد منا الرب وهو يرشدنا الى طريق الخلاص. والإنسان لا يستطيع أن يتكلم طليقاً حيث قال رسول الأمم “ لأن حناجرهم قبور مفتوحة، وبألسنتهم يمكرون. سمّ الأصلال تحت شفاههم، وأفواههم مِلؤها اللعنة والمرارة “ (رومية 13:3-14). ولكن متى لمس المسيح ألسنتنا يجعلنا نتكلم بشكل طليق ومستقيم . فلا تخرج كلمة رديئة من أفواهنا، ويعطينا بولس الرسول في ذلك نصّا ضمن رسالته الى افسس فيقول: " لا تَخرجنّ من أفواههم أية كلمة خبيثة بل كل كلمة طيبة تفيد البنيان عند الحاجة وتهب نعمةً للسامعين " (أفسس 29:4). 6- لمسة يسوع تحيي الميت ” وذهب بعدئذٍ إلى مدينةٍ يقال لها نائين ، وتلاميذه يسيرون معه ، وجمع كثير. فلمّا إقترب من باب المدينة ، إذا ميت محمول ، وهو ابنٌ وحيدٌ لأمه وهي أرملة. وكان يصحبها جمع كثير من المدينة. فلمّا رآها الرب أخذته الشفقة عليها ، فقال لها: " لا تبكي ! " ثمّ دنا من النعش فلمسه فوقف حاملوه ، فقال : " يا فتى أقول لك قمْ ! " فجلس الميّت وأخذ يتكلّم فسلّمه الى أمه. فأستولى الخوف عليهم جميعا فمجّدوا الله قائلين: لقد قام فينا نبيٌّ عظيمٌ وافتقد الله شعبَهُ ! “ (لوقا 11:7-16). التطبيق الروحي للنص أعلاه واضح جداً، فنحن جميعاً كنا أمواتاً (روحياً) بزلاتنا وخطايـانا (أفسس 1:2)، ولكن ” الله الواسع الرحمة ، لحبّه الشديد الذي أحبّنا به ، مع اننا كنا أمواتا بزلاتنا ، أحيانا مع المسيح (بالنعمة نلتم الخلاص) ، وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماوات في المسيح يسوع.“ (أفسس 4:2-6). 7- يسوع لا يبخل بلمسته حتى لأعدائه فكيف يكون مع أحبائه والمؤمنين؟؟ ” وضرب أحدهم خادم رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى. فأجاب يسوع وقال: " دعوهم ! كفى ! ". ولمس أذنه فأبرأها “ (لوقا 50:22-51). ليس غريبا أن نجد يسوع يتعامل مع أعدائه هكذا ، فهو الذي علّمنا أن نحب أعداءنا " أحبوا أعداءكم وصلوا من أجل مضطهديكم لتصيروا بني أبيكم الذي في السماوات (متي5: 44 – 45) ،فقد أراد هنا أن يعطينا أعظم مثال على ذلك. نرى من كل هذا أن لمسة الرب يسوع المسيح تطهرنا من نجاسة الخطيئة، وتشفينا من حمّى الخطيئة، وتعيد لنا البصيرة الروحية، وتفتح آذاننا لنسمع صوته ونفهم كلامه، كما تعلمنا كيف نتكلم كلاماً مستقيماً نظيفا خاليا من أية خطيئة، ولمسته هي التي تنقلنا من الموت إلى الحياة، وتنزع الخوف من قلوبنا. وهذه اللمسة تأتينا عندما نطلبها وإنها مقدمة حتى للأعداء. أتمنى لكم أَعزائي القرّاء لمسة من لمسات الرب يسوع فهي قريبةّ منّا دائما عندما يكون أيماننا عميقا بالرب فهو الذي قال: "إن كان لكم من الأيمان قدر حبة خردل قلتم لهذا الجبل: إنتَقَل من هنا إلى هناك ، فيَطيعكم" (متى17: 20). |
|