رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأنسان مخلوق من قبل الله ، ومن الله يستمد قوته ورجاءه ، فعليه أن يعلم ويؤمن كيف يستطيع أن يكون قوياً ، ومن أين تأتي القوة . المصدر الأهم في حياتنا هو الكتاب المقدس الذي يحتوي على دروس كثيرة توجه الأنسان نحو الطريق المؤدي الى الكمال والقوة . فعلى الجميع أن يقرأوا آيات وقصص هذا الكتاب الموحى من السماء لكي يحصلةا على القوة من الأعالي ، كما يكسبوا رضا الله . فعندم يعمل المؤمن بالمسيح بحسب الوصايا فيعيش مع الله والله معه ، فالمتكل على الله بأيمان يكون الله معه ( عمانوئيل ) وسيرافقه ويدافع عنه . ومن ترك الله ، فالله سيتخلى عنه كما تخلى عن شعب أسرائيل بسبب خيانتهم ، فأصبحوا ضعفاء أمام الأعداء فوقعوا في الأسر والذل . كل أنسان مؤمن عليه أن يرى يد الله معه ، ويرى بعين الروح بأن الله هو بقربه ، وهو يعينه . فطوبى لمن يعرف من أين يأتيه العون والقوة . من أهم الأسلحة التي يجب أن يتسلح بها الأنسان لكي ينمو ويرتفع هو سلاح الضعف والتواضع . لأن الكبرياء هو اله بحد ذاته ينافس الله وبسببه سقط كثيرون . فالأنسان المتكبر هو كعابد أوثان ، والوثن هو اله كأله المال الذي هو صنمُ يُعبَد . فمن يعبد المال لا يستطيع أن يعبد الله أيضاً وحسب قول الرب ( لا تستطيع أن تعبد الهين ، أما الله أو المال ) . هكذا لا يتحد الله مع كبرياء الأنسان . في الكتاب المقدس قصص كثيرة تنورنا بدروس مهمة مغزاها أن الله يختار الضعفاء فيفضلهم على المتكبرين والأقوياء ، أي وحسب قول العذراء في نشيدها التي تحمل الكثير من المعاني والدروس ، فقالت في لو52:1 ( يحط المقتدرين عن الكراسي ، ويرفع المتضعين ) . نقرأ في أول مثال في سفر التكوين قصة قايين وهابيل . الأول فرحت به حواء كثيراً لأنه البكر فقالت ( أقتنيت من الرب أبناً ) " تك 1:4" ولم تقل مثل هذا الكلام لهابيل ، ولم تفرح به كما فرحت بأخيه الأكبر . وحتى أسمه يدل على الضعف والهبل ، أضافة الى عمله كراعي غنم ، لأنه لا يستطيع أن يعمل في الزراعة كأخيه القوي . وهكذا نسل قايين أمتاز بالقوة والبطش . لكن الله أختار الضعيف لكي تكمن فيه قوته . ففضل ذبيحة هابيل على تقدمة أخيه . وهكذا بالنسبة الى أولاد أبراهيم فأسماعيل هو البكر وهو الأقوى جداً من أسحق ، فخافت سارة على أبنها فطلبت من أبراهيم طرده . وصف الكتاب أسماعيل بهذه الكلمات ( يكون رجلاً كحمار الوحش ، لا يدجَّن . يده على كل أنسان ويد كل أنسان عليه ، ويعيش في مواجهة أخوته ) " تك 12:16 " . المؤمن الضعيف يجب أن يكون قوياً في الله ولا يهاب من شىء كالمجاعة ، كما فعل ابراهيم الذي لم يستشير بالله قبل رحيله ، بل أعتمد على قوته وفكره ورحل ، ورحلته كانت الدخول في تجربة فوق طاقته ، فضعفَ ، ونكر بأن سارة ليست زوجته . ولولا محبة الله له وتدخله ، لخسر زوجته . بينما أسحق أبنه أتكل على الله في زمن الجوع أيضاً فلم يرحل ، بل زرع في تلك السنة فأصاب مئة ضعفٍ " تك 12" أنها الذروة في البركة ، هكذا يصنع الرب العظائم معنا اذا كنا في الوضاعة والضعف . كذلك أولاد أسحق فالبكر هو عيسو القوي والضعيف كان يعقوب ، وكان البكر هو المحبوب عند أسحق ، لكن بسبب قوته أستخفف بقوة الله التي هي البركة ، ومن تلك البركة ينال القوة لكنه باعها بأكلة عدس . فبعد أن أستيقض من كبريائه ، عرف حجم الخطأ الذي اقترفه فبكي بكاءً مراً . حكم عليه الكتاب المقدس حكماً قاسياً فكتب عنه في عب 12: 16-17 ( وأن لا يكون أحد فيكم زانياً أو سفيهاً مثل عيسو الذي باع بكوريته بأكلة واحدة . وتعلمون أنه لم أراد بعد ذلك أن يرث البركة ، خاب وما وجد مجالاً للتوبة ، مع أنه طلبها باكياً ) . فأخذ يبتعد عن بيت والده الذي فيه يد الله ، فتزوج من أمرأتين من بنات الحثيين ، وهذا ما سئم منه أسحق . عندما فقد الأمل عاد لكي يعتمد على قوته الذاتية كبطل جبار فينتقم من أخيه ، لا وبل يتحدى الله ، دون أن يفهم بأن مصدر تلك البركة ليس والده بل هي من الله ، وتلك البركة هي يد الله مع يعقوب الضعيف . قال الله ليعقوب ( لا أتخلى عنك حتى أفي لك بكل ما وعدتك ) " تك 15" . هكذا تحولت حياة يعقوب الى قوة . في ضعفه تغلب على الأقوياء وحول الله اسمه الى أسرائيل ، أي الرب هو القوي . فكل التحديات جاوزها بسهولة ، لأن الله كان يحارب المنتقمين ، كخاله لابان الذي سار وراءه مسيرة سبعة أيام لكي يستعيد منه النساء والبنين والغنم ، فأجبره الله في حلم الليل ، وقال له ( أياك أن تتكلم يعقوب بخير أو شر ) فخاف لابان أن يسىء الى يعقوب ، وهكذا حفظه من عيسو حيث كانت فترة الفراق التي طالت 20 سنة كافية لعيسو لكي يتنازل من أنتقامه ، لا وبل جعله الله أن يسرع الى لقاء أخيه حامل البركة والبركات الكثيرة والنساء والبنين ، فعانقه ، وألقى بنفسه على عنقه وقبله ، وبكيا " تك 4:33" . وقبل أن يلتقيا أراد الله أن يكافىء يعقوب . فظهر له بعد أن دفع كل زوجاته وأبنائه والغلمان امامه فحدث صراع بينهما ، ورفض يعقوب ان يتركه حتى الصباح قائلاً ( لا أتركك حتى تباركني ) . أنها ولادة جديدة له ، بل عماد خاص من الله ، فغطس في سر الله وفي عمقه قبل ان يدخل في الأرض التي أعدها له . هذا هو عمانوئيل مع يعقوب الضعيف . وهكذا أختار الله يوسف الصغير الذي لم يكن بكراً ليعقوب ، كما أختار الله بواسطة يعقوب أفرائيم بدلا من البكر منسي ، رغم أرادة يوسف . وفي مصر كان الله مع شعبه الضعيف المضطهد وهو الذي عبرهم البحر بيد قوية وهم ضعفاء أمام جيوش فرعون ، فكان الله يسير أمامهم في الليل على شكل عمود من نار . وفي النهار كغيمة لتظللهم وتخفيهم من الحرارة . ختاماً نقول ، علينا أن نسلم ذواتنا لرحمة الرب ونضع مصيرنا في أرادته القوية وبكل ثقة وتواضع وأيمان لكي يقودنا في درب القداسة لأن مسيرتنا مع الخالق تحتاج الى عري وتجرد ونكران الذات . المسيحية القوية اليوم ليست لكبح الآخرين والسيطرة عليهم ، بل قوة المسيحية تكمن في أحتمال الآخرين ثم كسبهم وربحهم . فالذي يحتمل ظلم الآخر هو الأقوى . أما المعتدين فهم الضعفاء ، لأنهم لا يمتلكون الحق والمنطق والحكمة . فيستخدمون سلاح القوة والبطش وأعلان الحروب والغزوات والنزاعات . فيحسبون أنفسهم أقوياء لكنهم يرتعشون من وجود الله . أما المؤمن الذي يحسبونه ضعيفاً فيعتز بوجود الله لأنه قوته . أذاً نحن الأقوياء ، وهم الضعفاء ، فعلينا أن نتحمل أساليب الضعفاء وحسب قول الرسول ( يجب علينا نحن الأقوياء أن نتحمل ضعف الضعفاء ) " رو 1:15" . |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
السعادة الحقيقية تكمن في قربنا من الله |
تكمن نعمة الله |
الأنبا يوليوس قوة الشباب تكمن في إرضاء الله |
الله مع الضعفاء |
الله مع الضعفاء |