وأنهى مقاله بطلب السماح من كنيسته المحبوبة "كنيسة القيامة" (أناستاسيه)، التي يدعوها مجده وإكليله، والكنائس الأخرى في المدينة، والرسل القديسين الذين يكرمون فيها، وعرشه الأسقفي، وإكليروسه، والرهبان، وكل خدام الله، والإمبراطور، وكل البلاط، والشرق والغرب، والملائكة الموكلين بكنيسته، والثالوث الأقدس المكرم فيها. ثم أضاف قائلُا:
"يا أولادي الأعزاء، احفظوا وديعة الإيمان، وتذكروا الحجارة التي رموني بها لأني كنت أعمل من أجل غرس التعليم الحق في قلوبكم".
ولكن المؤمنين وبالأخص الذين ربحهم أولا للمسيح، كان لا يمكن تعزيتهم. كان قد سبق لهم أن أظهروا دلائل تعلقهم الشديد به. وقد تألموا من جراء اضطهادات مختلفة ن أجل محبتهم له. فتبعوه باكين وهم يستحلفونه أن يبقى معهم. وأشفق القديس اغريغوريوس عليهم ورق لدموعهم، ولكن أسباب عليا أرغمته على تنفيذ خطته. وإذ عاد إلى نفسه، شعر بفرح عظيم، كما قال بعد ذلك إلى أحد أصدقائه:
"انه لا يمكنني أن أقدر بما فيه الكفاية المزايا التي أعطاني إياها أعدائي بحسدهم، لقد نجوني من نار سدوم بتخليصهم إياي من أخطار الأسقفية".
وقبل أن يقدم استقالته، كان قد كتب وصيته، وهي موجودة حتى الآن، وعليها توقيعات ستة أساقفة وكاهن واحد، وقد اتبعت فيها الإجراءات المنصوص عليها في القانون الروماني. وفيها يؤمد القديس إعطاء كل أمواله الحقيقية والشخصية للكنيسة ولفقراء نزنيز. والقليل الذي يحتفظ به لكي يعيش منه، تركه ليعط أصدقائه وخدامه المحتاجين.