رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هجوم البربر وأسر القديس صموئيل حسد الشيطان القديس على جهاده ومثابرته فوثب عليه قائلًا: "الغوث منك أيها الراهب.. تركت لك العالم ألم يكفك حتى أتيت إلى هذا المكان، لأحاربنك بكل عنف". ثم هجم ليضربه بكل قوته فبسط القديس للحال يديه وصلى قائلًا: "الرب نورى وخلاصي ممن أخاف.." فاختفى عنه الشيطان. وبعد أيام نزل قوم من البربر إلى الوادي من ناحية الغرب، ولما رآهم القديس قلق وأراد أن يختفي عن أبصارهم لكن الرب لم يسمح بذلك حتى يعظم أجره وإيمانه، وسمع القديس صوتًا: "لا تخف بل أدخل إلى الكنيسة واصمت فإني لا أدعهم يرونك، ففعل". ثم دخل البربر إلى الكنيسة وفي أيديهم سيوف مسلولة وهم يصرخون، فما أن وقع بصر القديس عليهم حتى خاف. لكنه رأى جرأتهم في البيعة والمذبح المقدس فأخذته الغيرة المقدسة ووبخهم بشدة. أما هم فقالوا: "أتجلس هنا ولم نرك؟" ثم أمسكوه وسألوه عن آنية الكنيسة. أجاب وقال لهم لا توجد ههنا أوان ولا إنسان ولم يكن لي إلا وقت قصير قد سكنت في هذا المكان. ولما سمعوا منه هذا القول ضربوه ضربا مبرحا وهم يسوقونه طالبين منه أن يسلم انية الكنيسة، ثم أرنقوه في عمود البيعة بمنتهى القسوة، وكانوا يعذبونه بضراوة حتى أشرف على الموت. ولما تعبوا من ضربه ولم يجدوا شيئًا حلوًا وناقة فسقط على الأرض ولم يستطيع القيام من كثرة الضرب، فأمسكوا برجليه وجروه بقساوة عظيمة إلى أن مضوا به حيث جمالهم، وحملوه على ناقة ليأخذوه ويسيروا به إلى كورتهم. يا للأعجوبة التي حدثت فإن الناقة لم تتحرك من مكانها وكانت في حالة تهيج شديد وقطعت حبالها المقيدة بها، فتقدم إليها البربري وضربها كثيرًا لكنها لم تستطع بل رقدت على الأرض والقديس يمتطيها، فأنزلوه منها فعند ذلك وثبت قائمة وكانت تجرى. ثم إنهم حملوا القديس أنبا صموئيل على الناقة ثانية فلم تمش وضربوها فلم تتحرك وغضب صاحب الناقة وأمسك بالقديس وطرحه أرضًا واستل سيفه ليقتله، فأمسك به أحد رفاقه قائلًا له: لا تصنع به ذلك بل اطرحه في هذه البرية وهو يموت وحده، وهكذا طرحوه في الجبل ومضوا إلى كورتهم. وأصاب القديس أنبا صموئيل هزال شديد وتهشمت أعضاؤه عندما طرحوه عن الناقة، وظل يتحامل على نفسه وهو يسير حتى وصل إلى الكنيسة، ومع كل هذا كان قوى القلب شاكرًا الرب يسوع قائلًا مع بولس الرسول: من يفصلني عن محبة السيد المسيح أشدة أم ضيق أم اضطهاد.." أيضًا كما هو مكتوب إننا لأجلك نُمات كل يوم، وحسبنا كحملان للذبح.." وهكذا أقام في الكنيسة وحده في عبادة حارة ونسك زائد،وفي ذلك الوقت كان البربر يجتازون في البرية يطوفون الأماكن وينهبون أموال الناس الذين يقطنون في الجهات القريبة منها ويسبون من يقدرون عليه إلى كورتهم.. وبينما كان البربر ماضين في طريقهم إذ بهم يصلون إلى جبل القلمون حيث كان القديس أنبا صموئيل بالحديقة قبلي الكنيسة ينظف النخل، فأحاطوا به وأمسكوه وضربوه ضربًا أليمًا وربطوه وحملوه ثانية وأخذوه إلى كورتهم أسيرًا. يا لعظم الأتعاب التي يقبلها القديسون لأجل ملكوت الله.. ويا لعظم الانزعاج والشدائد التي صبر عليها القديسون من أجل المسيح..!! ويا لعظم التجارب والضيقات التي أحاطت بهم من كل ناحية..!! ما أعظم مجد البطاركة والأنبياء والرسل والقديسين وما أجل كرامتهم.. أنهم يضيئون كالشمس في ملكوت أبيهم.. باعه البربر كعبد لأحد كبارهم، وبتدبير من الله اتفق أن يتم ذلك في طريق القرية التي بيع فيها أنبا يوحنا قمص شهيت فأرسل القديس أنبا صموئيل أيرعى الجمال. وإذ كان يمضى إلى الحقل كان يجتمع مع أنبا يوحنا القمص وكانا يتحدثان بكلام الله ويعزيان بعضهما بعضًا عن الأتعاب التي قبلاها. وكانا يصليان صلوات كثيرة بطلبات وتسابيح روحية ويعطيان المجد السيد المسيح في كل وقت لأنه وجعلهما مستحقين أن يجتمعا في كورة بعيدة عابدة للأوثان. كان أنبا يوحنا يقول له: طالت مدة الأسر. كن في غاية التشدد والحفظ يا أخي لئلا يكلفك هؤلاء البربر بالسجود للشمس وكن قوى القلب وتشجع في كل ما سوف يصنعونه بك، لقد ضربوني ضربًا كثيرًا واحتملت عذابات مبرحة، وهذه هي عادتهم إذا ما رأوا طلوع الشمس يديرون وجوههم للشرق ويسجدون للشمس قائلين: حسنًا قدومك يا سيدنا الشمس لأنك أضاءت علينا من ظلمة الليل، وقبيل الغروب يديرون وجوههم إلى الغرب ويسجدون لها قائلين: "يا سيدنا الشمس تمضى وتتركنا في الظلمة الليل أسرع وأطلع وأضئ علينا.." |
|