رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس أنبا صموئيل في جبل القلمون طابت نفوس تلاميذه بسبب هذه الرؤية، ولما رأوا معلمهم قد شفى قاموا بصحبته وكانوا يسيرون بإرشاد الرب إلى منطقة الفيوم وهم يرتلون تحت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصياد، الفخ انكسر ونحن نجونا بعون الرب خالق السماء والأرض. وكان التلاميذ هم أنبا يعقوب وأنبا يوساب وأنبا سلون وأنبا سلوانس. مضى جميعهم إلى إقليم الفيوم وسكنوا في دير القلمون المقدس، وهناك كانوا يواظبون على تلاوة المزامير والتسابيح ويقطعون سكون الليل في التراتيل الروحية. مواهب الشفاء وتوحد القديس ولما رأى جميع الإخوة الذين في الدير (ذكرت مخطوطة دير البرموس.. فلما رأى جميع الإخوة الذين في دير "النقلون" بدل القلمون حيث جسدت خلط بين الديرين السابق الكتابة بشأنهما".) هدوءهم وسكونهم مجدوا الله قائلين لقد استحق ديرنا كرامة عظيمة بحضور هذا القديس وأولاده الروحانيين، وقد منحه الرب مواهب الشفاء فكانوا يأتون إليه بالمرضى يشفيهم حتى ذاع صيته ليس في جبل القلمون (المخطوطة ذكرت النقلون) فحسب بل في منطقة الفيوم كلها. فكل من كان به مرض أو سقام كانوا يأتون به إليه، وكان يشفيه باسم الرب يسوع الإله الحقيقي.. ولما رأى كثرة الناس المحيطة به رغب في التوحيد ليتفرغ للاختلاء بالله -رغب في الابتعاد عن الكل ليلتصق بالواحد- فصنع له مغارة شرقي الجبل من الناحية البحرية تبعد عن الدير نحو ميل واحد ولم يكن يعرفها أحد، وصار يختلي فيها طوال الأسبوع عدا يوميّ السبت والأحد حيث كان يحضر إلى كنيسة الدير لتناول الأسرار المقدسة. كان يعمل بتعب في صنع الشباك وكان إذا حضر إلى الدير يحد كثيرين مجتمعين عند باب الدير. المقوقس يتعقب رهبان الفيومبعد كمال سنة وكان الهدوء يرفرف على الدير وساكنيه وإذا المقوقس يجد في طلب الآب البطريرك أنبا بنيامين 38، ويتعقب الرهبان ليجبرهم على الاعتراف برسالة لاون والمجمع الخلقيدوني. وانطلق المقوقس إلى إقليم وهناك أمر بنشر القرار الخلقيدوني وتلاوته في المدينة، ثم انتقل إلى الأديرة. ولما رأى القديس أنبا صموئيل ذلك جمع رهبان دير القلمون وكانوا نحو 260 راهبًا (مائتان وستون) ومكث وقتًا طويلًا يخاطبهم بكلام الله ويعلمهم بما فيه منفعة النفس وطلب إليهم باتضاع قلب قائلًا: "أطلب إليكم يا آبائي وأخواتي الأحباء الذين أحبهم بالحق أن تطيعوا كلامي وتستمعوا إلى تعليمي ومشورتي، فلنطاق كل واحد منكم إلى حيث يشاء وتختفي أيامًا قليلة حتى ينجينا الرب يسوع من الاعتراف الرديء لمجمع خلقيدونية، وأنا أؤمن أنه إن أطعتم فإن الرب سوف يديركم ويظلل على مساكنكم بسلام. أطاع الرهبان قوله وودعهم بسلام، واختفى هو أيضًا مع تلاميذه، وفي صباح اليوم التالي إذا طلعت الشمس هرع ثلاثة من الجنود إلى دير القلمون لكي يمهدوا الطريق للمقوقس، فلم يجدوا أحد من الرهبان في الدير سوى البواب فقط فأخذه الجند وانطلقوا به إلى المقوقس وأخبروه أننا لم نجد أحدًا في الدير سوى هذا الراهب البواب فأتينا به،سأله المقوقس عن الرهبان وسبب هروبهم واحتفائهم فلم يرد أن يقر بشيء في بادئ الأمر، فأمر بضربه إلى أن يخبره بالحقيقة ومن شدة العذابات التي لاقاها روى قصة هروب أنبا صموئيل ورهبان الدير، وكيف أن القديس جمعهم ووعظهم وحثهم على الفرار ففعلوا كذلك. ولم يكن هناك يد من مغادرة الجنود لمنطقة دير القلمون، وعاد القديس أنبا صموئيل والإخوة بعدئذ إلى ديرهم بسلام. لكن المقوقس ورجاله كانوا يضمرون السوء الرهبان وعلى رأسهم أنبا صموئيل، ووصلوا إلى مدينة الفيوم وهناك بث العيون في كل مكان وطلب المقوقس ضرورة إحضار أنبا صموئيل فورًا أنما وحد مكبلًا بالأغلال. فاقتادوا القديس كمجرم وطوق اليدين إلى خلف وفي عنقه سلسة، وسار معهم وكان وجهه يتلألأ بالنور السمائي وكان يقول " لعلى في هذا اليوم أكون مستحقًا لسفك دمى على اسم يسوع". ولما مثل القديس أمام المقوقس اشتد حنقه وغيظه عليه وأمر الجند أن يضربوه بعنف وضراوة إلى أن تشرب الأرض من دمه وكان يخاطبه بتهكم "أنت صموئيل الغير ناسك، مَنْ الذي أقامك مدبرًا على الأديرة؟ ومَنْ أمرك أن تعلم الرهبان أن يختفوا من الدير ولا يخضعوا لأوامر الإمبراطور". حينئذ رد القديس على الفور يجب أن يطاع الله أكثر من الناس وينبغي لنا نطيع رئيس أساقفتنا أنبا بنيامين من أن نطيع تعاليمك فأمر أن يضرب على فمه وقال له سوف أؤدبك وأعلمك أن تتكلم حسنًا لأنك لا تكرم السلطان. فلم يعره القديس التفاتا وحينئذ عذبه الجند عذابًا شديدًا وأمر بإخراجه من جبل القلمون (ذكرت المخطوطة جبل النقلون) وقال له مادمت لا تخضع لأوامري فاخرج من أديرة هذه الأقاليم. وبينما القديس أنبا صموئيل في ضعف كثير إذا ملاك الرب ظهر له وابرأ جميع جراحاته وقال له قم وأصعد إلى جبل "دقناش" وأقم هناك مع تلاميذك، وهكذا خرج من جبل القلمون وكان سائرًا وهو يرتل ويصلى، وكان يعزى تلاميذه قائلا جيد لنا أن نقيم زمان حياتنا كلها متعبين مع الأمانة المستقيمة التي لآبائنا الأرثوذكسيين من أن نتركها ونشارك مخالفي الإيمان. ولما سكنوا في جبل دقناش كانوا في هدوء عظيم متفرغين للصلاة والصوم وتلاوة المزامير والسهر بلا كلل أو ملل. وكان القديس أنبا صموئيل في كل وقت يعظ ويعلم أن الصلاة والصوم هما خلاص النفس، وهما خصومة الخطية، وهما مطهران من الخطايا، وأنهما سلاح المجاهدين وسيرة الملائكة، بهما يطردان الشياطين حسب المكتوب أن هذا الجنس لا يخرج إلا بالصوم والصلاة. الصوم والصلاة جعلا موسى يخاطب الله فمًا لفم، وبهما سار إيليا وإليشع على مياه الأردن. وخلص بولس من غرق البحر وهو ماض إلى رومة وظهر له ملاك الرب وعزاه وقواه. وكل من يريد أن يحيا حياة الرهبنة الصحيحة فليطهر نفسه بالصلاة والصوم، وبغير الصلاة والصوم لا يخلص الراهب من الخطية. |
|