هل أخطاء الأنبياء تسقط عنهم العصمة عند كتابة الأسفار؟ وماذا عن أخطائهم؟
س10: هل أخطاء الأنبياء تسقط عنهم العصمة عند كتابة الأسفار؟ وحتى لو كانت خطايا الأنبياء حقيقة فلماذا ذكرها الكتاب المقدَّس؟ هل يقصد التشهير بهم؟ وتساءل صموئيل ريمارس: كيف يعمل الوحي في رجل قاتل مثل موسى، أو رجل زاني مثل داود، أو رجل مضطهد الكنيسة بإفراط مثل بولس؟
ج: نود في سياق إجابتنا علي هذه التساؤلات أن نؤكد علي الحقائق الآتية:
1 - جميع الرجال الذين كتبوا الأسفار المقدَّسة هم بالحقيقة قديسون، ليس بمعني إنهم كانوا معصومين في حياتهم الشخصية ولم يخطئوا قط، لأنه ليس مولود امرأة بلا خطية، ولكن بمعني إنهم أحبوا الله من كل قلوبهم، وقد قدموا توبة صادقة عن كل خطية ارتكبوها.. عجبًا لإنسان يركز علي خطية داود ويغض البصر عن توبته ودموعه (راجع مز 6: 6، 51: 3 - 11).
2 - لم يتساهل الله مع أنبيائه الذين أخطأوا، ولم يعفهم من العقوبة، إنما حملوا عقاب خطاياهم بالكامل، فليس لدى الله محاباة قط، حتى لو كان المخطئ هو ملاكًا، أو هو الإنسان الوحيد علي الأرض (آدم)، أو يعقوب المحبوب، أو موسي رئيس الأنبياء، أو داود قيثارة الروح.. الخ.
3 - نحن لا نعترف بعصمة إنسان ما علي الأرض، فالجميع تحت الضعف، والعصمة الوحيدة لكتَّاب الأسفار المقدسة هي أثناء تسجيلهم لكلمات الله في الأسفار المقدَّسة أما في حياتهم الشخصية فإنهم كانوا عرضة للسقوط، فهم من نفس عجينة البشرية، وما أجمل صلوات الكنيسة في أوشية الراقدين " لأنه ليس موت لعبيدك بل هو انتقال، وإن كان لحقهم توان أو تفريط كبشر، إذ لبسوا جسدًا وسكنوا في هذا العالم فأنت كصالح ومحب البشر اللهم تفضل أغفر لهم. فإنه ليس أحد طاهرًا من دنس ولو كانت حياته يومًا واحدً علي الأرض".
ويقول "د. ادوار ج. يونج": "فإنه من الحماقة أن يتصوَّر ريماروس أن بعض الكُتَّاب كان لا يجوز أن يكونوا من حملة الوحي نسبة إلى الخطايا التي ارتكبوها في حياتهم إذ أن الله لم يعطِ كتابه للبشر عن طريق رجال معصومين من الخطية (في جميع جوانب حياتهم).. كانت حياة داود ملطخة بالخطية، ومع ذلك كتب (بعد توبته) أروع المزامير التي أعطاه الله إياها، كان موسي قاتلًا.. وكان بولس مُضطهد الكنيسة، ولكن الله اختارهم وصيَّرهم كُتَّابًا للوحي، ولكن ليس معني ذلك أن الله كان لا يُبالي أو يقلّل من خطاياهم، بل بالعكس كان ذنبهم أمامه قاسيًا.. كانوا فقط معصومين عندما حملهم الروح ليكتبوا الكتاب المقدَّس!!.." (36).
4 - عندما ذكر الكتاب المقدَّس أخطاء هؤلاء الأنبياء فلكي يعلمنا أن الجميع تحت الضعف، وأن هؤلاء الأنبياء كانوا من نفس عجينة البشرية ولكيما يتعلم الإنسان أنه مهما بلغت قامته الروحية فإنه معرض للسقوط، ولكيما يتعلم الإنسان أن السقوط ليس نهاية المطاف، إنما التوبة تعيد الإنسان إلى مرتبته الأولي، إذًا لم يقصد الكتاب المقدَّس التشهير بهؤلاء الأنبياء القديسين، ولم يذكر خطاياهم ليشجع الإنسان علي ارتكاب المعصية، إنما ليحذر الإنسان، ومن أجل تعليمنا سمح الوحي الإلهي بتسجيل خطايا هؤلاء العظماء. إن الكتاب المقدَّس كتاب صادق وأمين، يذكر الحقائق كما هي، إن كانت خيرًا أو شرًا، ولم يلتمس الأعذار لمن أخطأوا..