|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إذا قدم آدم توبة نصوحة ألا يقبله الله ويرضى عنه؟ وإلاَّ فما لزوم التوبة للإنسان؟! ج: لا تحل التوبة مشكلة السقوط للأسباب الآتية: أ - عندما خرج آدم من الفردوس يجر أذيال الخيبة والعار، وأخذ يقرأ آثار خطيته على الأرض التي تنبت له شوكًا وحسكًا، وعلى جسده الذي بدأ يتعرض للتعب والعرق والضعف، وعلى الطبيعة الثائرة ضده، والحيوانات التي تود افتراسه لكيما يكون وجبة شهية لها، وعندما رأى ابنه مقتولًا أمام عينيه بيد ابنه.. كم وخذه ضميره بشدة وسال الدمع من عينيه وهو يصرخ في أعماقه: هذه ثمرة خطيتي ومعصيتي ..كم كانت توبته وندمه؟! وكم كان حزنه ودموعه؟! ولكن هل استطاعت هذه التوبة أن تعيده إلى طبيعته الأولى وإلى فردوسه المفقود؟ .. كلا. ب - التوبة لا تلغي الحكم الصادر من فم الله، إنما تنقل هذا الحكم من الجاني إلى الفدية، فعندما تاب داود واعترف أمام ناثان النبي قائلًا "قد أخطأت إلى الرب" قال له ناثان "الرب أيضًا نقل عنك خطيتك فلا تموت" (2 صم 12:13) لقد نقل الله عقاب خطية داود ووضعها على رأسه وهو على صليب الموت والحياة.. التوبة والندامة هي الخطوة الأولى للمصالحة مع الله، ولكن يظل قصاص الخطية حتى يحمله الفادي في جسده، ونحن في توبتنا نقدم اعترافاتنا لله أمام الأب الكاهن الذي يحمل خطايانا ويضعها على الذبيحة وقت تقديم الأسرار المقدسة. ج - التوبة تفيد الإنسان في المستقبل حيث يمتنع عن ارتكاب الخطية وتكرارها، ولكن ما هو الحل في الخطية التي ارتكبها الإنسان؟ هل ترفع التوبة الحكم الإلهي الصادر بموت الخاطئ؟ كلاَّ.. وهل توفي التوبة مطلب العدل الإلهي؟ كلاَّ.. وهل تنزع التوبة الخطية وتمحو الإساءة التي وجهها الإنسان لله؟ كلاَّ. ولنضرب مثلًا على هذا. هب أنك سكبت قليلًا من الحبر على ثوب أبيض نقي، ثم توقفت عن سكب المزيد، فهل يعود الثوب إلى ما كان عليه من النقاء؟ كلاَّ، لأن الحبر قد التصق بالثوب وتخلل أنسجته، ولا يمكن إزالته إلاَّ بمُزيل قوي لمحو آثاره، وهكذا لا يمكن محو الخطية إلاَّ بدم المسيح كقول الملاك " هؤلاء الذين أتوا من الضيقة العظيمة وقد غسَّلوا ثيابهم وبيَّضوا ثيابهم في دم الخروف" (رؤ 7: 14) ومثال آخر لو أن مندوب صرف اختلس مرتبات الموظفين، ووصل الأمر للقضاء فاحتج بظروفه المأسوية، وأعلن توبته وتعهد بعدم تكرار هذا الخطأ.. تُرى هل يحكم القضاء بتبرئة ساحته ويسامحه بما اختلسه؟ قطعًا لا.. إذًا دموع التوبة والاستجداء لا تُكفِر عن خطية هذا السارق، فجميع المحكوم عليهم بالإعدام يشعرون بالندم الشديد وبعضهم يُقدّم توبة نصوحة، ولكن لم تقدر هذه التوبة أن تنقذ واحدًا منهم من تنفيذ الحكم. د - وإن كانت التوبة لا تُصلِح ما مضى من أخطاء فإنها أيضًا لا تُصلِح الطبيعة الفاسدة يقول القديس أثناسيوس " أي طريق كان ممكنًا أن يسلكه الله؟ أيطلب من البشر التوبة عن تعدياتهم؟ وهذا قد يُرى لائقًا بالله - لعلهم كما ورثوا الفساد بسبب التعدي ينالون عدم الفساد بسبب التوبة. ولكن التوبة أولًا: لا تستطيع أن توفي مطلب الله العادل، لأنه إن لم يظل الإنسان في قبضة الموت يكون الله غير صادق. ثانيًا: تعجز عن أن تغير طبيعة الإنسان، لأن كل ما تفعله هو أنها تقف حائلًا بينه وبين ارتكاب الخطية.ولو كان الأمر مجرد خطأ بسيط ارتكبه الإنسان ولم يتبعه الفساد، فقد تكون التوبة كافية. أما وقد علمنا أن الإنسان بمجرد التعدي انحرف في تيار الفساد، الذي كان طبيعة له، وحُرِم من تلك النعمة التي سبق أن أُعطيت له وهي مماثلته لصورة الله.. من الذي كان يستطيع أن يعيد إليه تلك النعمة، ويرده إلى حالته الأولى، إلاَّ كلمة الله الذي خلق كل شيء من العدم منذ البدء" (تجسد الكلمة 7: 2-4). ونختتم إجابة هذا السؤال بسؤال جانبي: ألم يصفح الله عن أهل نينوى عند توبتهم ورد غضبه عنهم (يون 3: 10)؟ ونحن نقول أن الصفح عن أهل نينوى كان متمثلًا في رفع الكارثة التي كانت ستحل بهم، فكما يسمع الله للخاطئين الصارخين إليه الذين يلتمسون نجاة الجسد هكذا سمع الله لأهل نينوى ولم يقلب مدينتهم، ولكن خطيتهم التي فعلوها لم تغفرها توبتهم القوية، ولم يكن لهم غير طريق واحد للخلاص من خطيتهم وهو الإيمان بإله إسرائيل، وتقديم ذبائح عن خطاياهم فتغفر لهم خطيتهم في دم الصليب.. فهل فعلوا هكذا؟ .. ربما. |
|