26 - 06 - 2014, 02:38 PM | رقم المشاركة : ( 25 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي
ليتورجيتنا وإبداعات الإيمان -3 من الصلوات الغنيّة والمتكرّرة بكثرة في اللّيتورجيا بمختلف أشكالها وأنماطها هي صلوات استدعاء الرحمة مثل: كيرياليسون، ارحمنا كلّنا معًا، شعبك وبيعتك يطلبون إليك..، ارحمني يا الله كعظيم رحمتك، ارحمنا يا الله ثمّ ارحمنا.. إلخ. كلّها صلوات ترتكز عند نقطة واحدة وتنطلق منها وهي الاحتياج الإنساني للغفران والنعمة الإلهيّة والستر في مخابئ العلي مع تجديد العهد وكسر قيود الشرّ. لا يمكننا فهم المعنى الغني لطلب الرحمة في تلك الصلوات دون أن ندرك أنّ الكلمة اليونانيّة / القبطيّة الواردة في تلك الصلوات هي إليسون (من إليوو) وهي الكلمة التي قد استخدمها مترجم العهد القديم إلى اليونانيّة عن العبريّة في الترجمة المعروفة باسم السبعينيّة. كلمة إليسون تشير إلى التعاطف إلاّ أنّ الكلمة العبريّة المعبّرة عن إليسون هي [حِ سِ د]. وكلمة [حِ سِ د] لا يمكن ترجمتها في كلمة واحدة إذ سيكون ذلك إخلالاً بالمعنى الغني الذي للكلمة.(1) كلمة [حِ سِ د] تستند على ثلاثة معاني متداخلة يمكن أن تشكل أعمده لفهم هذه الكلمة ألا وهي:
تعبّر تلك الكلمة عن الرابطة والالتزام بين أطراف في علاقة كالتي كانت بين الله يهوه وشعب إسرائيل. الكلمة نشأت في مناخ من الحديث عن العهد وكأنّ [حِ سِ د] هي الالتزام بالحماية القادرة والمستمرة والنابعة عن الحبّ من يهوه تجاه شعبه وخاصّته. من هذا المعنى يمكن أن تستمد صلاتك بُعدًا جديدًا وهي تناجي الله بالـ كيرياليسون، إذ وبينما تناجي الله مطالبًا بالرحمة فأنت لا تسعَى إلى عفو ملوكي كالذي كان يقوم به الملوك والأباطرة في بعض المواسم والمناسبات، الأمر ليس كذلك على الإطلاق!! الرحمة الإلهيّة [حِ سِ د] تنبع من العلاقة التي تكوّنت بينك وبين الله بعد أنّ قدّم لك هذا الفداء الإلهي دون أي دور من جانبك. من تلك العلاقة والتي أخذت شكل العهد في مياه المعموديّة يمكن لتلك العلاقة أن تستمر وخاصّة بعد سكنى وثبوت الروح القدس فيك ذاك الذي مُسِحْتَ به. العلاقة الآن قائمة على عهد حبّ وإمكانيات هائلة من عون الروح القدس. إلاّ أنّ الجسد العتيق المنتفخ بالذات يريد على الدوام أن يفسد تلك العلاقة ويخرق ميثاق العهد. لم يفت الربّ يسوع أن يُحصِّن الإنسان ضدّ تلك السقطات فكان السرّ الإفخارستي من بعد التوبة هو بمثابة قبلة الحياة من جديد لمن خرج خارج دائرة العهد وعانى من الفقر والجدب والجوع والاحتضار بعيدًا عن دفء الربّ يسوع. ويأتي الدور الإنساني وهو النداء طالبًا الرحمة الإلهيّة [حِ سِ د] والتي من سمتها: - الثبات؛ فالله لا يتغيّر إن تغيّرت أنت. - القدرة؛ فالله القدير يستطيع أن ينتشلك من أيّة حفرة قد تسقط فيها مهما كانت عميقة. - الحبّ؛ فالمحبّة الإلهيّة الفائضة باللطف نحونا لن تتوقّف يومًا مهما تمرّدت عليها، فالله أمين وإن كنّا غير أمناء. لذا لا يمكن لأيّ مُصلّي أن يطلب الرحمة، ولا يستطيع أن يتمتّع بطلبة الكيرياليسون إن لم يكن في علاقة مع الله؛ فكيف لمن لم يستشعر بعلاقة أن يطالب الله بترميم العلاقة بالحبّ العطوف والنعمة الرحيمة؟! حينما تقول كيرياليسون مع الجمع المصلّي في الكنيسة أو في مخدعك في المنزل أو حتى في الطريق يجب أن تشعر بأنّ الله محبّ لذا فهو يغفر ويرحم، أنّ الله أمين لذا فهو يتراءف، أنّ الله قدير لذا فهو ينجي ويعفو. كيرياليسون من الطلبات القديمة في الكنائس الرسوليّة كلّها كانت تصدح بها الكنائس. كانت طلبة خارجة من القلوب قبل الأفواه تستند على يقين في حبّ الله.. في الأغابي التي نراها متمثّله في ذلك الصليب فوق الهيكل. أثناء الكيرياليسون إن اعتراك شك ولو لحظة في الحبّ الإلهي؛ ارفع عينيك إلى ذلك الصليب والمُعلَّق عليه لتدرك الحبّ وقيمته الأبديّة. هذا الذي على الصليب قَبِلَ كلّ الجراح لكيما يحييك، هو يسرّ بالرحمة والغفران أكثر ممّا تحتاج أنت. ارفع نداءك بالكيرياليسون إليه مع الجمع المُصلِّي على خفقات قلب ممتلئ بالاحتياج واليقين، بالحبّ والألم، بالشوق والجوع.. ثق أنّك لن تخرج من الصلاة إلاّ وأنت مبرّرٌ لأنّ الكيرليسون كانت صلاة العشّار الذي خرج مُبررًّا.. اقرع ليفتح لك، ولتكن قرعاتك قرعات الشوق والحبّ والجوع لوجه الربّ يسوع حتى يطلّ عليك بوجهه الحنون.. _____ الحواشي والمراجع :(1) Vine, W. E. ; Unger, Merrill F. ; White, William: Vine’s Complete Expository Dictionary of Old and New Testament Words. Nashville: T. Nelson, 1996, S. 1:142 |
||||
|