ما اجمل اسرارك ياأمى !!
انت يا أمى عاينت الاتضاع وإخلاء الذات وتفكرت بهذا فى قلبك وحفظت الاسرار التى لا ينطق بها ولا يُعبر عنها
عندما وُلد منك بسر لا يُدرك وإعجاز فاق كل تصور كيف كنت تتأملينه وتنظرين وجهه ؟ وكيف كنت تتفكرين فى ذاك الذى هو " ابرع جمالاً من بنى البشر " مز 45 : 2
قبلات فمك على وجنتيه الصغيرتين وحبك الحانى نحو رضيعك شئ مهول و اغوار لا يمكن للعقل البلوغ اليها .. عاطفة الامومه التى خلقها الله فيك تحولت لحسابه وحده .. ما اجمل اسرارك !
حملتيه على ذراعيك الطاهرتين وهو حامل الخليقه بكلمة قدرته .. فى اتضاعه العجيب اعتنيت به كطفل صغير وقلبك وعقلك وروحك تدرك جلاله المنزه عن الضعف .. ولكن اتضاعه زادك اتضاعاً .. وتفكرت فى اخلائه لذاته فأدخل فى اعماقك صفاء السموات عينها
اعتنيت بالذى يعتنى بالخليقه .. وغذيت الذى يغذًى كل ذى جسد
سهرت بجانبه كالملائكه الذين لا يكفون عن شكره ،، بل اعلى من الملائكه لانك صرت اماً له
ولما نما قليلاً بشبه البشر .. كنت تلاحظينه يوماً بعد يوم وهو ينمو فى النعمه والقامه ، اتضاعه اذهل الملائكه العارفين قدره
خضع لك يا أمى الذى تخضع له الملائكه ، وكان خضوعه هذا يزيد خضوعك الذى بدا واضحاً من البدايه حين احنيت الرأس للرب الاله واذعنت بخضوع فاق كل خضوع وقلت للملاك المبشر " هوذا انا امة الرب ليكن لى كقولك " لو 1 : 38 كان خضوع الابن امام ناظريك يزيدك جلالاً .. خضوع عجيب، فارتفعت باتضاعك وصرت اعلى من السموات .
ياترى يأأم المسيح ، ياأم ابن الله المتجسد ، يا ام يسوع كيف كان نظرك اليه وكيف كان قلبك نحوه ؟
انها امور لا يسوغ لانسان ان يُدرك مداها مهما بلغ من قوة التصور ولكنها مُدركه لدى الذين حازوا روح المسيح وحبه الحانى .. ماجمل اسرارك ياأمى !!
تأملات فى حياة العذراء القديسه مريم / القمص لوقا سيداروس