شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
تفسير سفر نبوة باروك - الفهرس
تقديم للأنبا أثناسيوس مطران بني سويف والبهنسا لكتاب سفر باروخ
كتبه باروخ الذي تتلمذ على إرميا، ولازمه، حتى استقرا في مصر عندما اصطحبهما الشعب الهارب إليها من السبي البابلى. وقد كان باروخ يكتب ما يمليه عليه معلمه، كما ورد في نبوة إرميا مرتين، الأولى: في كتابة عقد شراء حقل (إر 12:32،15)، والثانية: الرسالة التي وجهها إرميا من السجن للشعب والملك يهوياقيم (إر 4:36،19)، ثم عاد وكتبها بعد أن أحرقها الملك.
*أما نبوته فجاءت في ستة أصحاحات، وتحوى ثلاثة أقسام رئيسية بعد المقدمة:-
اعتراف (با 15:1 - 8:3)، تصوير الحكمة (با 9:3 - 4:4): رسالة الرجاء للمسبيين (با 5:4 - 9:5). وهذه الأقسام الثلاثة تتفق مع العناصر الثلاثة التي وردت في سائر الأنبياء. ألا وهى:-
1- الصلاة والاعتراف بالخطية، وتمجيد عدل الله وقوته، وطلب المغفرة.
مثلما نجدها في نحميا (نح 6:9،37) أَنْتَ هُوَ الرَّبُّ وَحْدَكَ. أَنْتَ صَنَعْتَ السَّمَاوَاتِ وَسَمَاءَ السَّمَاوَاتِ... اخْتَرْتَ أَبْرَامَ... قَطَعْتَ مَعَهُ الْعَهْدَ أَنْ تُعْطِيَهُ أَرْضَ الْكَنْعَانِيِّينَ وَ.... وَ.... وَرَأَيْتَ ذُلَّ آبَائِنَا فِي مِصْرَ.... أَظْهَرْتَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ.... أَعْطَيْتَهُمْ خُبْزًا.... وَأَخْرَجْتَ لَهُمْ مَاءً مِنَ الصَّخْرَةِ... وَلَكِنَّهُمْ بَغُوا هُمْ وَآبَاؤُنَا... لأَجْلِ مَرَاحِمِكَ الْكَثِيرَةِ لَمْ تُفْنِهِمْ... هَا نَحْنُ الْيَوْمَ عَبِيدٌ وَالأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتَ لِآبَائِنَا لِيَأْكُلُوا أَثْمَارَهَا... هَا نَحْنُ عَبِيدٌ فِيهَا... نَحْنُ فِي كَرْبٍ عَظِيمٍ.
وما جاء في دانيال (دا 4:9،19).
2- الحكمة، وهى التي وهبها الله للشعب على جبل سيناء، فميزهم على الشعوب التي عبدت الآلهة الزائفة والشياطين.
3- النبوات عن مجئ المسيح، كما نجدها هنا في (با 2: 35) وأقيم لهم عهدًا أبديًا فأكون لهم إلهًا ويكونون لي شعبًا... المرادفة لإرميا (إر 40:32)، وكذلك ما ورد في (با 1:5- 4) يناشد فيها الشعب أن يفرح بالخلاص الأبدي وحلول ملكوت السلام.
أما النبوة الصريحة عن تجسد الرب فكانت دائمًا نورًا يشع من هذه الأسفار - التي يتجاهلها البعض- وركيزة في الدراسات اللاهوتيه: "هو وجد طريق التأدب بكماله، وجعله ليعقوب عبده ولإسرائيل حبيبه. وبعد ذلك تراءى على الأرض وتردد بين البشر" (با 36:3 -38).
قام بهذا التفسير الراهب الأب يوأنس الأنبا بولا. وقد بذل فيه جهدًا عميقًا ممتدًا لوقت طويل. إذ أن المراجع التفسيريه لمثل هذه الأسفار المسماة "القانونية الثانية" قليلة في اللغة العربية.
وجدير بالذكر أن الكنيسة لا تعتبرها في درجة ثانية بالنسبة لباقي الأسفار. وإنما سميت كذلك لأن الأصول العبرية الموجودة منها غير كاملة. ولكنها كانت كاملة عند ترجمة العهد القديم إلى اللغة اليونانية، ولذلك وردت كاملة في النسخة السبعينية. حتى أن بعض الطبعات تسميها (الكتب اليونانية من الترجمة السبعينية) أنظر الطبعة الخاصة من الكتاب المقدس باللغة العربية نشر دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط الطبعة الأولى 1993م.
ومن متابعة جهد الأب يوأنس خلال درس وكتابة هذا الكتاب، تبين لي تدقيقه فيما يصل إلى يده، وتمحيصه بالبحث من جوانب مختلفة وما يتعلق بها من موضوعات أخرى.
كما قام بوضع شواهد للآيات كلفته بحثًا مثابرًا متعمقًا في ميدان بكر لم يطرق في اللغة العربية، لم ننشره هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت، ولكننا سنستخدمه لاحقًا في قسم آخر بالموقع..
أرجو لهذا الكتاب القيم أن تعم فائدته لأبناء الكنيسة، وأرجو لمؤلف قوة وتوفيقًا فيما يفكر فيه من الدراسات الأخرى، ولا زال شابًا مباركًا أمامه مجال طويل للعمل في الدرس مع الحياة الرهبانية الملتزمة.
ويسرنى أن أثبت أن نيافة الحبر الجليل أنبا أغاثون مطران الإسماعيلية ورئيس دير القديس العظيم الأنبا بولا يولى المؤلف تشجيعًا كريمًا.
*وإذ أقدم هذا العمل إلى صاحب القداسة البابا المعظم أنبا شنوده الثالث. أطلب للكتاب وكتابه ولى بركة قداسته ودعواته، أدامه الله ذخرًا ومعلمًا للكنيسة.