مارمرقس في محبته للخدمة كان ينزل لمستوى مخدوميه ليرفعهم معه

[Mary Naeem]

مارمرقس في محبته للخدمة كان ينزل لمستوى مخدوميه ليرفعهم معه

† أيضًا يا أحبائي رأينا روح الخدمة التي لأبونا مارمرقس ظاهرة في إنجيله في حرصه على أن ينزل لمستوى مخدوميه وهو يتعامل معهم.

† فالإنسان الذي لديه روح الخدمة يعرف كيف يتباسط حتى ينزل لمستوى المخدومين وكل الذي يهمه أن يوصل رسالته للناس. حتى ولو تباسط لأقصى درجة وكما قال بولس الرسول:

"فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ. وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ. وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ ­ مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ للهِ، بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ ­ لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ، لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَال قَوْمًا" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 9: 20).

وإذا سألنا معلمنا بولس لماذا فعلت هذا؟ يقول: لكي أوصل لهم الرسالة. كل الذي يهمه أن يوصل رسالته لهؤلاء الناس.

†† وقد سبق أن قلت لكم أن مارمرقس كان يمتلك موهبة التعليم.

† وما هي موهبة التعليم؟

موهبة التعليم هي شخص يكون له القدرة والموهبة أن يقول الحقائق الإيمانية بصورة مبسطة يستطيع الكل أن يفهمها.

فالمعلم هو الذي يبسط الحقائق الإيمانية للناس حتى يفهمها الكل ويقبلها الكل.

† وموهبة التعليم هذه موهبة من الروح القدس.

"أما المعلم ففى التعليم" كما قالها بولس في رومية.

† ومارمرقس كتب للرومان وعندما كان يكتب بعض الكلمات الآرامية كان يهتم أن يوضح معناها حتى يفهمها الرومان. وسأعطيكم أمثلة على ذلك:

† "بوانرجس" أي "ابني الرعد":

عندما قال للرومان أن الرب يسوع دعا اسم يعقوب ويوحنا بوانرجس وهي كلمة آرامية راعى أن يوضح لهم معناها أنها "ابني الرعد".

"وَيَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ، وَجَعَلَ لَهُمَا اسْمَ بُوَانَرْجِسَ أَيِ ابْنَيِ الرَّعْدِ" (إنجيل مرقس 3: 17).

لأنه يريد أن يوصل الرسالة فكان ينزل لمستوى الناس ويبسط التعليم.

† "قربان" أي "هدية":

مارمرقس عندما حكى للرومان في إنجيله عن السيد المسيح عندما كان يتكلم مع الكتبة والفريسيين وقال لهم:

"وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: إِنْ قَالَ إِنْسَانٌ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ، أَيْ هَدِيَّةٌ، هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي" (إنجيل مرقس 7: 11).

حرص مارمرقص أن يترجم لهم كلمة "قربان" فقال لهم أي هدية.

† "يا طليثا" أي "يا صبية":

وفي معجزة إقامة ابنة رئيس المجمع يقول مارمرقس في إنجيله:

"وَأَمْسَكَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ وَقَالَ لَهَا: «طَلِيثَا، قُومِي!». الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا صَبِيَّةُ، لَكِ أَقُولُ: قُومِي!" (إنجيل مرقس 5: 41).

حرص مار مرقص أن يترجم للرومان كلمة "طليثا" بأنها تعني "يا صبية".

† "إفثا" أي "انفتح":

وفي معجزة شفاء الأصم الأعقد نجده يفسر كلمة "إفثا"وهي كلمة آرامية بأنها "انفتح":

"وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ" (إنجيل مرقس 7: 34).

† "جلجثة" أي "جمجمة":

وعندما حكى عن الرب يسوع أنهم أخذوه ليصلبوه يقول:

"وَجَاءُوا بِهِ إِلَى مَوْضِعِ «جُلْجُثَةَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ مَوْضِعُجُمْجُمَةٍ" (إنجيل مرقس 15: 22).

راعى مارمرقس أن يفسر للرومان كلمة "جلجثة" بأنها تعني "جمجمة".

† "فلسين" قيمتهما "ربع":

وعندما حكى عن الأرملة التي ألقت فلسين قال:

"فَجَاءَتْ أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ وَأَلْقَتْ فَلْسَيْنِ، قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ" (إنجيل مرقس 12: 42)

وضح للرومان قيمة الفلسين "ربع".

† "نجسة" أي "غير مغسولة":

وعندما حكي عن حديث السيد المسيح مع الفريسيين:

"وَلَمَّا رَأَوْا بَعْضًا مِنْ تَلاَمِيذِهِ يَأْكُلُونَ خُبْزًا بِأَيْدٍ دَنِسَةٍ، أَيْ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ، لاَمُوا. لأَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ وَكُلَّ الْيَهُودِ إِنْ لَمْ يَغْسِلُوا أَيْدِيَهُمْ بِاعْتِنَاءٍ، لاَ يَأْكُلُونَ، مُتَمَسِّكِينَ بِتَقْلِيدِ الشُّيُوخِ وَمِنَ السُّوقِ إِنْ لَمْ يَغْتَسِلُوا لاَ يَأْكُلُونَ. وَأَشْيَاءُ أُخْرَى كَثِيرَةٌ تَسَلَّمُوهَا لِلتَّمَسُّكِ بِهَا، مِنْ غَسْلِ كُؤُوسٍ وَأَبَارِيقَ وَآنِيَةِ نُحَاسٍ وَأَسِرَّةٍ" (إنجيل مرقس 7: 2-4).

ولأن الروماني قد لا يفهم معنى كلمة "نجسة" ففسرها له قائلًا "أي غير مغسولة" كما شرح لهم عادات اليهود في غسل الأيدي والكؤوس والأباريق والآنية.

† فهذه هي روح الخدمة عند مارمرقس. إنسان كان كل الذي يهمه أن يوصل رسالته للناس الذين يبشرهم. فكان ينزل لمستواهم.

† ولهذا السبب أيضًا لم يقتبس مارمرقس كثيرًا من العهد القديم، لأن الرومان لا يهمهم العهد القديم وليس لديهم خلفية عنه مثل اليهود. وإنما هم كانوا محتاجين أن يعرفوا عن حياة يسوع. فبسط لهم الإيمان حتى يربحهم للمسيح. فمارمرقس كإنسان لديه روح الخدمة، لابد أن ينزل لمستوى من يخدمهم.