تعاليم القديس وإرشاداته
كان القديس يركز في تعاليمه لتلاميذه على الهدف المستقيم، فبدون هدف حقيقي يصعب أن يكون للصلاة حرارة وقوة، إذ أن الهدف يستطيع أن يحفظ الدافع من الانحراف، وكان القديس يطعم تعاليمه بأمثلة حية الترسخ هذه التعاليم في ذهن مستمعيه وليستمدوا منها عبرة ودرساً في ميزة جهادهم. والتدليل على ذلك، نورد هنا وهذا الحديث للقديس إيلاريون:
سئل القديس إيلاريون رئيس رهبنة فلسطين عن تعليل رجوع بعض الأخوة إلى العالم بعد أن يكونوا قد ساروا في الحياة الرهبانية، وكيف يتحاشى الإنسان المجاهد التأثر بهم؟ فقال لهم: (إنه يليق بنا أن نأخذ مثلًا لذلك من كلاب الصيد التي تنطلق وراء الأرانب البرية، فأنه يحدث أن أحد الكلاب يلحظ أرنباً بعيداً فينطلق وراءه، وإذ ترى الكلاب الأخرى التي معه أنه يجرى فإنها تنطلق تجرى معه – دون أن تكون قد رأت الأرانب- فتظل تجرى معه ولكن إلى فترة ما، حتى يثنيها التعب والجهد عن تكميل مشواره الطويل، أما هو فيستميت في تقدمه لا يعطى لنفسه راحة ولا يجرى حتى يفوز بما كان يراه غير عابئ لا بالعثرات التي تصادفه في طريقه، هكذا الإنسان الذي يتبع محبة المسيح، ينبغي عليه أن يثبت نظره على الصليب إلى أن يفوز بالمصلوب الذي صلب عليه، حتى ولو رأى الكل قد تخلفوا ورجعوا إلى الوراء).