رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
إنها حرب قديمة
____________ إنها الحرب التي حورب بها أبوانا الأولان ، حينما أغراهما الشيطان ، قائلاً : " تصيران مثل الله ، عارفين الخير والشر " ( تك3 : 5 ) . وكما كان كبر الذات حرباً للإنسان كان هو نفسه سقطة الشيطان . وفي ذلك وبخه الوحي الإلهي قائلاً : " وأنت قلت في قلبك : أصعد إلى السموات . أرفع كرسي فوق كواكب الله . أصعد فوق مرتفعات السحاب ... أصير مثل العلي " ( إش14 : 13 ، 14 ) . فتكرار كلمة " أصعد وكلمة فوق مع كلمة مرتفعات " كلها تدل على محاولة تكبير الذات . بل أن تكبير الذات وصل هنا إلى درجة التأله ... أصير مثل العلي . هلب ترون خطورة للذات أكثر من هذا الارتفاع ، أو من هذا الانحدار ؟ لقد حورب هيرودس بهذه الحرب ، فضربه ملاك الرب ، فأكله الدود ومات ( أع12 : 22 ، 23 ) . ومن مظاهر تكبير الذات أن يكون الإنسان باراً في عيني نفسه . وقد قيلت هذه العبارة في سفر أيوب " فكف هؤلاء الرجال الثلاثة عن مجاوبة أيوب . لكونه باراً في عيني نفسه " ( أي32 : 1 ) . بل وبخه اليهو قائلاً له : " قلت أنا أبر من الله " ( أي35 : 1 ) ومن مظاهر تكبير الذات في القديم ، قصة برج بابل : هؤلاء الذين قالوا : " هلم نبن لأنفسنا مدينة وبرجاً ، يكون رأسه في السماء ... ونصنع لأنفسنا اسماً " ( تك11 : 4 ) . وكانت النتيجة أن الله عاقب كبرياء هؤلاء ، بأن بلبل ألسنتهم وبددهم في الأرض . يقودنا هذا أن نبحث نقطة أخري وهي أن محبة الذات . تصطدم بالله إذا وثق الإنسان بذاته ، يبدأ بعمل خطير و هو : استقلال ذاته عن الله ... يثق بتدبيره لنفسه ، و تحلو تدابيره فى عينيه ، فلا يستشير الله فى شئ و يقول : ما دمت أعرف ، فلماذا اطلب معرفة من الله ، و لماذا أطلب معونة ؟ لذلك فالواثق بذاته : تصعب علية جداً حياة التسليم . حياة التسليم تحتاج إلى اتضاع قلب ، و عدم التمسك بالرأى الخاص ، و بالتالى تقف ضدها تمااً حرب الذات. هنا و نتذكر الخطأ الذى وقع فيه يونان النبى ، الذى هرب من الله ، إذ كان له مشيئة خاصة لم تتفق و قتذاك مع مشيئة الله . و لما عفا الله عن نينوى – غم ذلك يونان غماً شديداً فاغتاظ – حتى وبخه الله قائلاً : " هل اغتظت بالصاب ؟ " (يون1:4،4) . حقاً انها مأساة ، أن يغتاظ إنسان من مشيئة الله ، اغتياظاً يطلب به الموت و لكنها الذات !! حتى بالنسبة إلى نبى عظيم كيونان ، حورب كما حورب غيره . على أن هناك اتجاهاً آخر فى مشكلة الذات ، و هو رفض الله كلية 0 وقع فى هذا الخطأ المرعب ، الوجوديون الذين رأوا بسبب شهواتهم الخاصة أن وجود الله يعطل وجودهم 0 و رأوا أن محبة الله تقف ضد رغباتهم ، و ضد تحقيق الذات عندهم بالصورة التى يحبونها فى حياة اللذة و المتعة ، و فى حياة الحرية المطلقة التى تريد أن تفعل ما تشاء ، حتى لو كان ضد القيم و الآداب و المثل ، و ضد وصايا الله . أن الحرية المطلقة التى تطلبها الذات ، هى حرب من حروب الذات ، تهدف إلى الاباحية ، و تنتهى إلى الالحاد . و بعض الناس دخلوا فى هذا النطاق و لكن بأسلوب مختلف ، و لكنه للأسف ينتهى إلى نهايات مشابهة .. هؤلاء هم اللاهوتيون أعطوا أنفسهم حرية فى العقيدة بغيرة حدود . و كل ما لم يوافقهم من تعليم الكتاب انكروه ، أو اعتبروه اساطير أو حاولوا ترجمته حسب إتجاه الذات عندهم . قصة فلك نوح لا تعجب عقلهم مثلاً ، إذن لا مانع من اعتبارها أسطورة 00 على أن هناك نوعاً آخر اتخذت عنده الذات أسلوباً ضد وصية الله و لكنه أخف من هذا بكثير 00 مثال ذلك الذين لا يحفظون وصية يوم الرب بسبب الذات و مشاغلها أو الذين يكسرون وصية العشور ، بسبب الذات و انفاقاتها . هؤلاء اصطدمت عندهم الذات بالله سلوكياً و ليس عقيدياً . |
|