رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أعاجيب المحبة الإلهية ما أعجب أن تصلب على رابية الجلجثة في المكان الذي دفنت فيه جمجمة آدم، وهكذا صار مكان صلبك هناك حتى يتقابل معطى الحياة مع معطى الموت لتنتصر الحياة بالنهاية. إن رفع صليبك في موضع الجمجمة كان لتهب حياة للعظام الجافة الميتة ولكي لا يعود بعد في آدم بموت الجميع (1كو 15: 22) إنما فيك يحيا جميعنا ونشفى من لدغة الحية القديمة. وما أعجب أن ترتفع على شجرة الصليب في الجمجمة لتهب حياة لآدم فاقد الحياة بسبب أكله من الشجرة. ما أعجب أنك سحقت إبليس (عب 2: 14) بينما آدم الأول غلبه إبليس. وما أعجب أنك قهرت الموت ودست شوكته (1كو 15: 54) بينما آدم الأول قد مات. ما أعجب أنك أبطلت الخطية بذبيحة نفسك (عب 9: 26) بينما آدم الأول أوجد الخطية. ما أعجب أنك فتحت الفردوس (لو 23: 42) بينما آدم الأول أغلقه (تك 3: 24) وبما أن صلبك وموتك كان يوم الجمعة فلا يستبعد أن يكون موت آدم وطرده قد كانا في يوم جمعة أيضا. ما أعجب أن تدخل بوتقة الألم بينما لم تكن قد ارتكبت أية خطية إنما صنعت كل ذلك حبا فينا. وما أعجب آلامك التي كانت فريدة واحتملتها نيابة عن البشرية لتحقق إرادة الآب، وعوض العصيان الذي مارسه آدم الأول جئت أنت يا رب آدم الثاني لتصحح موقفنا بتسليم الإرادة أيها الابن، بل لكما مشيئة واحدة ولاهوت واحد، فلم تكن آلامك عملا تحقق بغير إرادتك. ما أعجب ملكك على الصليب، فبينما أراد آدم أن يكون إلها، لم ترد أنت آدم الثاني أن تكون ملكا دنيويا ولا أن تكون مملكتك من هذا العالم، إذ أن ملكك ملك أزلى أبدى لا يكون له نهاية لأنك مسحت بزيت البهجة أكثر من رفقائك. وما أعجب ملكك على الخشبة، ذلك الملك السماوى الذي به ستأتى لتدين الأحياء والأوات ولن يكون له إنقضاء. ما أعجب ملكك الذي اقتنيته بدمك الكريم حين اشترينا بعد أن كنا مبيعين بسبب الخطية. وما أعجب رفضك لأى ملك أرضى، فبينما أرادوا أن يأتوا ويختطفوك ليجعلوك ملكا (يو 6: 15) أعلنت أنك مجدا من هذا العالم لست تقبل (يو 5: 41) لترد آدم وبنيه إلى الفردوس ملكوتك الأبدى. ما أعجب أن يجعلوا في طعامك علقما وفي عطشك يسقونك خلا ممزوجا بالمر، لأنه كان ضروريا ولائقا بك لأجل التدبير أن تصير إنسانا مثلنا وتمارس أعمالنا عندما استلزم الأمر بذلك، إذ أنك افتديتنا لا بأشياء تفنى بل بدم كريم، وبالجملة رددت كل الأشياء إلى الصلاح والكمال مبطلا تسلط الموت ولعنة الأرض وإنفتاح الجحيم وإغلاق الفردوس وفساد الإنسان وتوحشه (مز 49). ما أعجب يديك ورجليك المثقوبتين يا مسيح الآلام. وما أعجب المعصرة التي اجتزتها ودستها وحدك، بينما دبرت ذلك وقبلته لتحمل عارنا حيا وميتا، ورضيته من أيدى الأثمة وألسنتهم معا، وأنت البار الذي بره أقوى من الموت لأنك بر الله، بر الحياة الأبدية، هذا ما أعلنته في صلاتك الوداعية أنك مجدت أبيك وأكملت العمل الذي أعطاه لك، لذلك تمجدت بالمجد الأزلى الذي لك، وتحمله الآن وأنت في الجسد كبر إلهي لتكون لتكون لنا برا نعيشه ونمارسه ونقول الرب برنا. ما أعجب أفواههم التي فغروها عليك وما أعجب إنسكابك كالماء، فبينما لم يكن هناك من يحكى ولا من ينعى ولا من يدرك صورة آلامك وأحزانك الواقعية، إلا أن سرها يدوى غى عالم الإنسان حتى اليوم وإلى الأبد، إذ تزلزلت أعتاب السماء وسماء السموات لما علق أحد الثالوث المقدس على الصليب!! ما أعجب أن تذوق الموت، إذ لم تبق مائتا معنا لأنك أنت الحياة، وكنت حيا حتى عندما ذقت الموت بالجسد في وقت الساعة التاسعة، محاربا الموت عنا في جسدك الخاص لتبطله وتستطيع بذلك أن نقدم لأجسادنا المائتة كمال عدم الفساد، وهكذا يصير لنا نحن ايضا طريق الحياة. ما أعجب أنك يا رب وأنت على الصليب توصى يوحنا حبيبك وتلميذك على أمك، بينما هي واقفة على رابية الجلجثة تنظر إليك وهي يجوز في نفسها السيف (لو 2: 35)،وها هي واقفة صامتة تشخص نحوك وقلبها يعتصر حزنا وألما، وبينما أنت قد سبقت ووعيتها تماما بكل ما ستجوزه إلا أحشاءها قد غلتهبت من أجل صلبوتك الذي أنت صابر عليه، أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص. ما أعجب حملك للصليب وأنت مكلل بالأشواك، لأن بذلك كانت الرياسة على كتفك (أش 9: 6)، فالصليب هو رئاستك، وإكليل الشوك هو ملكك، وما أعجب أن تصلب في موضع الجمجمة حيث آدم مدفون، لأنك أنت آدم الثاني الذي حررتنا من سقوط آدم الأول، وفي حنان سكبت نفسك حتى نتجمع في حضن أبيك. ما أعجب صلاتك يا رب من أجل مضطهديك لأنهم لا يعرفون ماذا يعملون!! وما أعجب وعدك بالفردوس للص اليمين وأنت معلق على الصليب، إذ أنك السيد الملك. وما أعجب فرحك على الصليب بعد أن ذقت الخل لأنك قد أكملت كل النبوات قبل أن تموت. نعم فقد وبدت من أجلنا وتألمت من أجلنا ومت من أجلنا ثم قمت ايضا من أجلنا ومن أجل خلاصنا. وما أعجب أن تكون أول قدم وطئت الفردوس هي قدم هذا اللص الطوباوى ديماس الحلو اللسان والمنطق، والذي جعلته ملكا للتائبين لتعلمنا أنه ليس من يبدأ حسنا هو الكامل بل الذي يبدأ ويكمل ويواصل إلى التمام هو الذي يربح الميراث الأبدى. وما أعجب صليبك لأن أسماءنا قد نقشت عليه، وما أعجب موتك الذي يبعث الأموات إلى الحياة وما أطهر جرحك الذي يجدد القوى. وما أعجب قطرات دمك المنسابة لأن بها تمحى خطايانا واحدة فواحدة، وما أعجب محاكمتك التي حملت فيها خطايانا بينما أنت الديان والحاكم العادل والقاضى المعين لفحص كل إتهام، وما أعجب قبولك لحكم الموت دون أن ينفصل لاهوتك قط لا عن نفسك ولا عن جسدك، إلا أنك بذلك ألغيت قانون حكم الموت الأبدى بكل مشتملاته، وما أعجب طعنة الحربة التي فتحت باب صمام الحياة ليفيض من جنبك نهر أسرار الكنيسة ويخرج منه دم الكأس لمغفرة الخطايا وماء الجرن المحيية التي للحياة الأبدية. ما أعجب أن تكتب على صلبك Titulus "يسوع الناصرى ملك اليهود" إلا أن في هذا إعلان ملكوتك، وبأنك ملكت على خشبة وأن صليبك هو عرشك وأنك لست ملكا لليهود لكنك ملكا للعالم كله، وملك الملوك ورب الأرباب، ملك الدهور الذي لا يفنى (1تى 1: 17). ما أعجب قولك "إلهي إلهي لماذا تركتني" لأنك جعلت نفسك واحدا منا تتكلم باسم الطبيعة البشرية كلها فبألامك الإلهية وحدها تم خلاصنا وشفاؤنا، لأنك لم لم تكن قد خفت لما كانت طبيعتنا قد انعتقت من الخوف، ولو لم تكن قد حزنت لما كنا تخلصنا من الحزن، ولم لم تكن قد بكيت بشريا لم جففت دموعنا، وهكذا بتدبيرك الخلاصى صرت ضعيفا في بشريتك لكي تبطل ضعفاتنا. وما أعجب الطلبات التي قدمتها للآب في بستان جثيمانى لكي تجعل آذان الآب صاغية لصلواتك فنأخذ نحن شجاعة لائقة بالله ولا نخاف فيما بعد من الموت. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بحر المحبة الإلهية |
وعد المحبة الإلهية |
المحبة الإلهية |
المحبة الإلهية |
المحبة الإلهية |