حِجَابُ ٱلْهَيْكَلِ

[بيدو توما]

«وَإِذَا حِجَابُ ٱلْهَيْكَلِ قَدِ ٱنْشَقَّ إِلَى ٱثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَٱلأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَٱلصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ».
متى 51:27

حِجَابُ ٱلْهَيْكَلِ هو الحجاب الفاصل بين القدس وقدس الأقداس. وكان من إسمانجوني موشى بذهب، طوله نحو 28 ذراعاً وعرضه نحو 14 ذراعاً. ولم يكن يجوز لأحد سوى رئيس الكهنة أن يدخل إلى ما وراءه، وكان رئيس الكهنة يدخل قدس الأقداس مرة واحدة في السنة
«وليس بِلاَ دَمٍ»
(خروج 26: 31 و30: 10 ولاويين 16: 2 - 19 وعبرانيين 9: 7)

ٱنْشَقَّ كان انشقاقه في التاسعة التي هي وقت تقديم الذبيحة المسائية، ووقت تبخير الكاهن في القدس أمام الحجاب.
ويشير انشقاق ذلك الحجاب إلى ثلاثة أمور:

( 1 )
موت المسيح في ذلك الوقت عينه، ويوضحه قول كاتب رسالة العبرانيين
«طَرِيقًا كَرَّسَهُ لَنَا حَدِيثًا حَيًّا، بِالْحِجَابِ، أَيْ جَسَدِهِ»
(عبرانيين 10: 20).
فقد انشق في ذلك الوقت حجابان، حجاب جسد يسوع، وحجاب الهيكل.

( 2 )
نسخ النظام الموسوي وإبطال كل الطقوس التي كانت تشير إلى الكفارة. لأن الكفارة الحقيقية تمَّت بموت المسيح لأنه حمل الله الحقيقي الذي ذُبح، ودخل رئيس الكهنة الأعظم إلى قدس الأقداس السماوية بدم نفسه
... ليشفع فينا...
(عبرانيين 6: 19،20 و9: 12، 24).
وأُقيمت عبادة روحية بدل العبادة الطقسية، فلا حاجة بعد إلى رئيس كهنة أرضي، ولا إلى رش دم في قدس الأقداس، ولا إلى التبخير في الهيكل. قد أُنجزت كل النبوات بالمسيح وأُكمل عمل الفداء.

( 3 )
إزالة كل حاجز بين الله والإنسان، لأن الحجاب كان يرمز إلى أن طريق الإنسان إلى الله مغلق، وكان شقه إشارة إلى فتح طريق حديث حي يصل به الإنسان إلى الله. وقد بطُل أن يكون قدس الأقداس في أورشليم مكاناً خاصاً لحضور الله بين الناس، وأنه يسوغ لكل إنسان أن يقترب من الله ويقف في محضره الأسنى، لأن قدس الأقداس السماوية فُتح له.

والذين شاهدوا انشقاق الحجاب هم الكهنة دون غيرهم، فأخبروا الآخرين، لأن كثيرين منهم آمنوا بالمسيح
(أعمال 6: 7).
ولا ريب من أن مشاهدتهم ذلك أثرت فيهم كثيراً.

وَٱلأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ لم يذكر هذه الحادثة وما في العددين الآتيين أحد من البشيرين سوى متّى، وهي ليست زلزلة طبيعية بل خارقة الطبيعية، وهي شهادة إلهية بأمور محسوسة تشير إلى أهمية موت المسيح. واعتبرت الزلازل في الكتاب المقدس في الغالب إنها علامة لحضور الله وقوته
(قضاة 5: 4 و2صموئيل 22: 8 ومزمور 77: 18 و97: 4 و104: 32 وعاموس 8: 9 وحبقوق 3: 10).

ولم تكن تلك الزلزلة هائلة أو ضارة ليكون لها ذكر في تواريخ العالم، بل كانت إشارة إلى اشتراك الخليقة الجمادية مع الخلائق الروحية في الانفعالات. وكما أن الشمس في السماء حجبت نورها لكي لا تشاهد آلام المسيح، كذلك الأرض ارتجفت من فظاعة إثم سكانها بصلبهم رب المجد. وكأن ذلك كان جواباً لقول الهازئين بالمسيح
«إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ!»
(متّى 27: 40).

وَٱلصُّخُورُ تَشَقَّقَت تشقق الصخور مما يحدث كثيراً وقت الزلزلة. وحدوثه عند موت المسيح كان علامة غضب الله، ووعظاً وإنذاراً للناس الذين أظهروا بأعمالهم أن قلوبهم كانت أقسى من الصخور، لأن الصخور تشققت وقلوبهم لم تزل على حالها.
أشكرك أحبك كثيراً
الرب يسوع المسيح يحبكم
جميعاً فتعال...هو ينتظرك
* * * *
والمجد لربنا القدوس يسوع المسيح
دائماً .. وأبداً .. آمين