رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاباته: الأعمال الدفاعية
1) الأعمال الدفاعية Apologetic Works وسط أعمال ترتليان الدفاعية، يرتبط كتاب "إلى الوثنيين "Ad Nationes وكتاب "الدفاع "Apologeticum ببعضهما البعض، فكلاهما كُتب عام 197 م.، وكلاهما يتناول نفس الموضوع، لكن يمثل "الدفاع" الشكل الأكمل للموضوع، وفي الغالب كتب ترتليان "إلى الوثنيين" قبل "الدفاع" كما يتضح من التلميحات الواردة في العمل نفسه. 1) إلى الوثنيين 2) الدفاع مضمون الدفاع 3) شهادة النفس 4) إلى سكابيولا 5) ضد اليهود 1) إلى الوثنيين To The Heathens (Ad Nationes) يتكون هذا العمل من كتابين: في بداية الكتاب الأول يوضح ترتليان أن الإجراءات الرسمية المتبعة ضد المسيحيين ليست فقط غير عادلة بل أنها تناقض كل مبادئ العدالة، وهذا الظلم هو نتيجة لجهل الوثنيين وعدم معرفتهم بالمسيحيين معرفة صحيحة (1). ثم يفند المؤلف(2) الإدعاءات الكاذبة ضد المسيحيين ويثبت عدم صحتها وكذبها ويضيف أنه حتى لو كانت حقيقية، فهذا لا يُعطى الوثنيين الحق في إدانة المسيحيين لأنهم هم أنفسهم يرتكبون جرائم أبشع. وبينما انتهج ترتليان في الكتاب الأول منهجاً دفاعياً نجده في الكتاب الثاني يتخذ منهجاً هجومياً، إذ كتب نقداً لاذعاً للديانة الوثنية بصفة عامة، وللمعتقدات الرومانية في الإلهة بصفة خاصة، وتحدث عن مفهوم الإله وبرهن على أن الآلهة الوثنية ليس إلا اختراعات بشرية مخلوقة. 2) الدفاع Apology (Apologeticum) "الدفاع" هو أهم أعمال ترتليان على الإطلاق، وهو يختلف كثيراً عن كتابه "إلى الوثنيين" رغم أنها يتشابهان في المضمون، إذ وضع ترتليان لـ"الدفاع" بنية مترابطة الأجزاء والأفكار، بينما يبدو "إلى الوثنيين" كمجموعة من المقالات وليس كعمل متكامل، فكتاب "الدفاع" يعطى على الفور انطباعاً بأنه نابع من احتياج داخلي عند الكاتب، وتأخذ المحاججة فيه شكلاً قانونياً، بينما المجادلات والمحاورات في "إلى الوثنيين" تأخذ شكلاً فلسفياً بلاغياً، ويُظهر ترتليان تحفظاً أكثر في كتابه "الدفاع" عنه في "إلى الوثنيين"، لأن كل من هذين العملين موجه إلى شخص مختلف، فكتابه "إلى الوثنيين" -كما يتضح من عنوانه- كان موجهاً إلى العالم الوثني بصفة عامة، بينما الدفاع كان موجهاً لحكام الأقاليم الرومانية الذين كان ترتليان يهاجمهم ولكنه في الوقت عينه كان يحاول أن يقنعهم، لذلك كان متحفظاً في هذا العمل أكثر مما في الآخر(3). مضمون الدفاع: في المقدمة التي تتكون من ستة فصول، يشرح ترتليان أن الجهل هو السبب وراء اضطهاد وكراهية المسيحيين (4)، وأن الإجراءات القانونية والقضائية التي تتبعها السلطات معهم تخالف كل مبادئ العدالة وتقاليدها، والوثنيون أنفسهم لا يستطيعون أن يقدموا سبباً معقولاً لكراهيتهم للاسم "مسيحي". وبعد المقدمة يتحدث ترتليان عن الاتهامات التي توجه إلى المسيحيين، وأوضح أن هذه الاتهامات لم تثبت صحتها أبداً، وكانت الشائعات وحدها دوماً هي مصدر هذه الافتراءات، بينما الوثنيون أنفسهم يسقطون فعلاً في أخطاء رديئة، وأخطر اتهام ضد المسيحيين هو الاتهام باحتقار ديانة الدولة والخيانة العظمى. وفي دفاعه يظهر ترتليان مهارته كرجل قانون، ويشرح أن المسيحيين لا يشتركون في تكريم آلهة الوثنيين لأنها ليست إلا كائنات من اختراع الإنسان وصورها مادية مائتة، وليس غريباً أن تكون هناك سخرية من هذه الآلهة في المسرح واحتقار لها في أعيادها، أما المسيحيون فيوقرون خالق العالم الإله الحقيقي الوحيد الذي أعلن ذاته في الأسفار الإلهية، لذلك من الظلم أن يُتهم المسيحيون بالإلحاد طالما أن مقبودات الوثنيين ليست آلهة(5)، وينادي ترتليان بحرية الأديان ويتساءل لماذا يُسمح للوثنيين بحرية تامة في أن يعبدوا آلهتهم ونحتوا لهم معبودات من الطيور والحيوانات كما يشاءون، بينما المسيحيون، والمسيحيون فقط، ممنوعون من أن يكون لهم ديانة خاصة بهم (6). ثم يفند العلامة الأفريقي الاعتقاد بأن الرومان يحكمون العالم لأنهم يكرمون الأوثان، فالإله الحقيقي وحده يهب السلطان على الممالك لمنْ يريد (7)، والمسيحيون لا يمتنعون عن عبادة آلهة الدولة لأنهم معاندون أو مقاومون، كلا، بل لأنهم يعرفون أن هذا التكريم إنما يقدم للشياطين،ولذلك أيضاً لا يقدمون قرابين للآلهة لأجل راحة وسعادة الإمبراطور، كما يفعل الوثنيون، لعلمهم أن هذه الآلهة المزعومة عاجزة عن أن تساعده، وهكذا لا يُمكن أن يُحسب رفضهم تقديم القرابين جريمة، بل على العكس هم يصلون إلى الإله الحقيقي لأجل الحاكم والإمبراطور. "إننا مجتمع له شعور ديني مشترك، ووحدانية في التعليم ورابطة رجاء واحد، نلتقي في الاجتماعات كي نتقرب إلى الله في الصلاة ونجمع قوانا لنلتف حوله، وهذا الجهاد يرضى الله.. نحن نصلي لأجل الأباطرة، لأجل وزرائهم، لأجل هؤلاء الذين في السلطة، لأجل طمأنينة العالم ولأجل السلام على الأرض". (8) وفي القسم الأخير من الكتاب، يجيب ترتليان على القول بأن المسيحية ليست إلا فلسفة جديدة، فالمسيحية أعمق وأعظم من أن تكون مجرد مباحثات حول أمور فلسفية إنسانية، بل هي استعلان إلهي، وحقيقة أعلنها الله، لذلك لا يستطيع مضطهدوها أن يقووا عليها.(9) وفي "التاريخ الكنسي" ليوسابيوس القيصري، نقرأ أن "الدفاع" قد ترجم إلى اليونانية بعد صدوره بوقت قصير، ورغم أن هذه الترجمة -والتي أغلب الظن أنها تمت في فلسطين- قد اختفت سريعاً، إلا أن وجودها يدلل على أهمية عمل ترتليان.. وهذا "الدفاع" هو بإقرار الدارسين واللاهوتيين أفضل كتابات ترتليان.(10) 3) شهادة النفس The Testimony of The Soul (De Testimonio animae) اعتاد الفلاسفة الهيلينيين أن يستقوا معرفتهم عن الله من العالم الكبير macrocosm ومن العالم الصغير microcosm، العالم الكبير هو الكون كله، أما العالم الصغير فهو النفس البشرية وكان ترتليان يتبع نفس هذا النهج، ففي الفصل السابع عشر من دفاعه يكتب: "هل ستأخذون الدليل (على وجود الله) من أعمال يديه العديدة جداً والعظيمة جداً، التي تحتويكم وتحييكم؟ أم ستأخذون الدليل من شهادة النفس نفسها؟".(11) هذه المناقشة حول النفس، والتي وردت في كتابه "الدفاع" عدلها ترتليان باستفاضة فيما بعد في عمل منفرد بعنوان "شهادة النفس" كتبه في نفس العام الذي كتب فيه "الدفاع" أي 197م وتتضح السمة الدفاعية لهذا العمل ذي الفصول الستة من محاولة المؤلف أن يتخذ من النفس شهادة على وجود الله وصفاته، وشهادة على الحياة بعد الموت، وعلى الجعالة الحسنة والعقاب في الحياة الآتية. رأى ترتليان أنه لا حاجة للتأملات الفلسفية لأن الحقائق جميعها موجودة داخل النفس، فالطبيعة هي أعظم معلم لأنها تعكس صورة الله، فيعكس المدافعين اليونان، يؤكد ترتليان على عدم جدوى الاستعانة بالفلسفية، لأن الطبيعة ببساطة هي أفضل شهادة للحق. (12) 4) إلى سكابيولا To Scapula "إنه حق إنساني أساسي وامتياز من الطبيعة، أن كل إنسان يعبد بحسب معتقده، فديانة المرء لا تؤذي ولا تنفع أي إنسان آخر".(13) هذه المناداة بحرية العقيدة والعبادة نقرأها في افتتاحية الرسالة التي أرسلها ترتليان إلى سكابيولا Scapula حاكم أفريقيا (211-213م) الذي بدأ يضطهد المسيحيين وأخذ يلقيهم إلى الوحوش الضارية ويحرقهم حتى الموت، ويبدو أن ترتليان كتب هذا الدفاع نحو عام 212م. يتكون هذا الدفاع الشجاع من خمسة فصول، يؤكد ترتليان في الأول منه -وهو المقدمة- على أن الدافع وراء الكتابة ليس الخوف على المسيحيين، بل محبته المسيحية للحاكم واهتمامه به واللذين يوجبان عليه أن يحذره من اضطهاد المسيحيين، فهو أمر غير معقول ويتنافى مع حق حرية الضمير أن نُرغم المسيحيين على الذبح للأوثان، وهم ليسوا أعداء لأحد وبالأخص لإمبراطور روما لأنهم يعرفون أنه مُعين من قِبل إلههم، فيجب أن يحبوه ويوقروه وهم يتمنون له الخير، بل ولإمبراطوريته كلها. ولكن المسيحيين يحزنون عندما يجدوا السلطات لا تعاقب على جريمة سفك دم مسيحي، ثم ينتقل ترتليان لموضوع علامات غضب الله على المضطهدين، وأشار إلى نهايات بعض حكام الأقاليم الذين اضطهدوا المسيحيين(14)، وهو الموضوع الذي تناوله العلامة لاكتانتيوس باستفاضة فيما بعد في كتابه "نهاية المضطهدين" (انظر كتابنا "العلامة لاكتانتيوس" ضمن هذه السلسلة "أخثوس ΣΥΘΧΙ). ويحذر ترتليان الحاكم من أن القسوة لن تنجح بل فقط ستزيد من عدد المؤمنين: "ليس لنا سيد إلا الله، وهو أمامك ولا يمكن أن يغيب عنك ولكنك لا تستطيع أن تؤذيه، أما هؤلاء الذين تعتبرهم سادة، فهم مجرد بشر ويوماً ما سيموتون، أما هذه الجماعة (الكنيسة) فلن تموت، وتأكد أنها في الوقت عينه الذي تُهدم فيه، تُبنى بقوة أعظم".(15) 5) ضد اليهود Against The Jews (Adversus Judaeos) تزامن هذا الكتاب مع حدوث مجادلة ومحاورة بين أحد المسيحيين وأحد اليهود، استغرقت يوماً كاملاً حتى المساء، فرأى ترتليان ضرورة صياغة هذا الموضوع في كتاب حتى يستطيع حصر نقاطه. يوضح ترتليان في هذا الكتاب كيف أن إسرائيل قد ترك الرب ورفض نعمته، ولذلك لم يعد للعهد القديم والناموس أي قوة الآن، لكن يجب أن يُفسر روحياً، ولذا دُعيت الأمم للدخول في الإيمان(16)، ويشرح العلامة الإفريقي أن الوصايا المكتوبة في العهد القديم مثل الختان(17) وحفظ السبت(18) والتقدمات والذبائح (19) ليست ضرورية للخلاص وأنها قد انتهت، واستبدل قانون العين بالعين بقانون المحبة، ومعطى هذا العهد الجديد، كاهن الذبيحة الجديدة، حافظ السبت الأبدي(20)، قد ظهر، المسيح الذي تنبأ عنه الأنبياء وعن ملكه الأبدي، ويورد ترتليان الكثير من النبوات المسيانية التي تحققت في مخلصنا، وقد اعتمد ترتليان كثيراً في هذا العمل على كتاب القديس يوستين الشهيد "الحوار مع تريفو Dialogue with Trypho". |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الأعمال الدفاعية يوسابيوس القيصرى |
العلامة ترتليان (ترتليانوس) |
كتاباته: الأعمال الجدلية |
كتاباته: الأعمال الأخلاقية والنسكية العلامة ترتليان |
ترتليان العلامة والاستشهاد |