رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يارب متى رأيناك؟!
يوحنا ذهبي الفم الله سّلم ابنه للموت، قدمه ذبيحة لأجلك أفلا تعطيه مجرد قطعة الخبز؟! الله لم يُشفق عليه لأجلك، فهل تزدري بمن هو ابن حقيقي، وتتركه يتضور جوعاً، بينما أنت تنفق على ذاتك من عطاياه؟! هل يمكن أن يوجد أسوأ من هذه المخالفة؟ فقد سّلم للموت لأجلك، ذُبح لأجلك، وجال جائعاً من أجلك، وأعطى لك مما له، لكي تنتفع أنت ذاتك، ورغم كل هذا فأنت لا تقدم أي شيء؟! مَنْ هم هؤلاء الذين فقدوا الحس كأنهم أحجار، الذين على الرغم من الإحسانات الكثيرة التي كان ينبغي أن تجذبهم إلى محبة المسيح، إلاّ أنهم لا يزالون في هذه الجفوة أو القسوة الشيطانية؟ لأنه لم يكتفِ بموته وصلبه فقط، بل أنه َقِبل أن يصير فقيراً، وغريباً، ومشرداً، وعرياًنا، ومسجوًنا، ويحتمل الآلام لكي يجذبك إليه، حتى ولو بهذه الطريقة. لأنه إن لم تبادلني العرفان بالجميل، لأني عانيت شيئًا من أجلك، قدم لي رحمة بسبب فقري، وإن لم تُرد أن ترحمنى لأجل احتياجي أو فقري، فلتتحرك مشاعرك لأجل آلامي، ترفق بي لأجل سجني. وإن لم يجعلك كل هذا محباً للناس، اقبل المطلب الزهيد. لأنني لا أطلب شيئًا مُكلِف أو كثير النفقات، إني أطلب خبزاً، ومسكًنا، وكلمة مُعزية. لكن إن كنت بعد كل هذا لا تزال قاسياً، فعلى الأقل لأجل ملكوت السموات يجب أن تكون أفضل، ولو لأجل المجازاة التي وُعدتَ بها. فهل لديك كلمة تقولها عن هذه هذه الأمور؟! ليتك تترفق على الأقل أمام الطبيعة البشرية ذاتها، لأنك تراني عرياًنا، وتذكّر ذلك العري الذي حدث فوق الصليب من أجلك. وإن كنت لا تريد أن تتذكر ذلك، فعلى الأقل تذكّر عُرييّ في الفقراء. سجنت لأجلك من قبل، والآن أُسجن لأجلك حتى تتحرك، سواء هنا أو هناك، لكي تصنع رحمة ما. صمتْ لأجلك، وأيضاً أجوع لأجلك. عطشت عندما عُلقت على الصليب، وأعطش في الفقراء، حتى أنه بواسطة هذه وتلك، أجذبك إليَّ، وأجعلك محباً للناس من أجل خلاصك. ولهذا فعلى الرغم منأنك مدين لي لأجل إحسانات لا ُتحصى، إلاّ أنني لا أطلب منك مكافأة كمن هو مديون لي، بل أنني أتوّجك كما لو كنت تمنحني عطايا كثيرة، وأهبك الملكوت عوضاً عن هذه الأمور الصغيرة. لأني أقول لك لا تهبني غنىَّ، رغم أنني صرت فقيراً لأجلك، بل فقط سدّد احتياجي. إنني أطلب فقط خبزاً، وملبساً، وتخفيفاً للجوع. وإن كنت بعد قد أُلقيت في السجن، فإني لا أطلب أن تحل القيود وتخرجني خارجاً، بل أطلب شيئًا واحد، أن تراني وأنا مقيد لأجلك، وحينئذٍ ستَرث ملكوت السموات، لجل هذا العمل فقط، على الرغم من أنني قد حللتك من قيود مرعبة جداً بل هى مرعبة أكثر من غيرها، إلاّ أنه يكفيني فقط أن تراني مُقيداً، إن أردت. إني أستطيع أن أتوجك دون أن تراني هكذا، لكني أُريد أن أكون مديوناً لك. ومن أجل هذا، وعلى الرغم من أنه يمكنني أن أُطعم نفسي، فإنني أجول متسولاً وأقف أمام بابك ماداً يدي. لأني أشتهي أن تطعمني، لأنني أحبك جداً. ولهذا فإنني أشتهي مائدتك، وهذا هو حال الذين يُحبون، وهم يفتخرون بهذا. وحين يجتمع سكان المسكونة (يوم الدينونة)، عندئذٍ سأعترف بك كمنتصر، وعندما يكون الجميع منصتين إليَّ، سأعترف أنك أطعمتني يوماً ما. أما نحن، فعندما يطعمنا أحد، نخجل من هذا وُنخفيه، ولكن المسيح له المجد، لأنه يُحبنا جداً، فحتى لو صمتنا نحن، فإنه سيعلن في ذلك الوقت ما حدث بإطراء كبير، ولن يخجل أن يتكلم به، وذلك عندما كان عرياًنا وكسوناه، وعندما كان جوعاًنا وأطعمناه .. شئ واحد فقط أريده منكم، هو إثبات المحبة بالأعمال، والطاعة بالأفعال. هذا هو المديح الذي أريده، فإن ذلك يُعد ربحاً لكم، ويعتبر بالنسبة لي كرامة تعلو على كرامة الإكليل. إذاً انسجوا لكم ولي هذا الاكليل بواسطة الفقراء، حتى نتغذى معاً بالرجاء الصالح، وعندما نرحل إلى الحياة الأبدية، ننال الخيرات التي لا ُتحصى، والتي ننتظر أن ننالها جميعاً، بالنعمة ومحبة البشر اللواتي لربنا يسوع المسيح الذي يليق به مع الآب والروح القدس المجد والكرامة إلى أبد الأبدين آمين. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
( مت 25: 41 ،46) يارب، متى رأيناك جائعا |
متى رأيناك غريباً |
متى رأيناك جائعاً |
متى رأيناك يا رب عطشاناً |
يارب متى رأيناك؟! _ يوحنا ذهبي الفم |