العقائد والمعرفة
إحدى السمات الرئيسية لكنيسة الإسكندرية اتساع فكرها وانفتاح قلبها نحو الفلاسفة فبينما تطلع قادة الكنيسة في البلدان الأخرى إلي الفلسفة كعدو للإيمان (مثل القديس يوستين وترتليان) إذ بآبائنا يحتضنون الفلاسفة بالحب، متطلعين إليهم كأطفال يحتاجون إلي الكنيسة لتعينهم حتى ينمو بالإيمان إلي النضوج. هكذا ننظر الإسكندريون إلي الإيمان ليس كمناقض للعقل والمعرفة وإنما كمشبع للذهن ورافع للأفكار حتى ينعم الإنسان بالمعرفة الإلهية. هذه المعرفة أسمي من المعرفة الفلسفية. الله يهب الإيمان للبشر الذين هم خليفته العاقلة، ولا يود تحطيم الأذهان التي خلقها بنفسه.
في القرن الثاني اعتقد القديس إكليمندس، وهو لاهوتي ذو تقوي عظيمة محب للقراءة ودارس للعلوم الزمنية، إن المؤمن الروحي هو "غنوصي"، معطيا لتعبير "غنوصية" (معرفة) معني مسيحيًا عوض المعنى الذي كان سائدًا في ذلك الحين ألا وهو "هرطوقي". إنه يقول: "الغنوصية هي أساس ومصدر كل عمل يناسب اللوغوس" (6)، "نعمة الغنوصية تأتي من عند الآب بالابن" (7).