رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
’’لقد حان الوقت، أخي الشاب، لتلتفت إلى الصوت الذي طالما كان يدعوك. إنه صوت لم تُطِعْه من قبل؛ أو ربما سمعته، ولكنك لم تفهم مغزاه، ولم تُطِعْه. إنه صوت يسوع‘‘ الأب كالسيو عندما ألقى الأب كالسيو، الأستاذ بكلية اللاهوت في بوخارست Bucharest (برومانيا)، سلسلة محاضراته عن: "الإلحاد طريق إلى اليأس"، منعت إدارة الكلية الطلبة عن الحضور. كان الأب كالسيو إنساناً عملياً، فهو يعرف المشاكل والصعوبات التي تواجه مستمعيه، كما تواجه الكنيسة في رومانيا. فهو لم يكن يلقي كلمات جوفاء منمقة؛ بل كان يطرح الأسئلة معطياً لها إجابات عملية. إن التجربة المريرة التي مر بها جعلته يدرك أنه بمجرد خروج مستمعيه من الشباب الصغار من الكنيسة، فسوف يُجْبَرون على أن يحيوا بعيداً عن إيمانهم تحت نظام يضاد كليةً معتقدهم الديني. لقد ناقش موضوع الحرية، أو بالأصح غياب الحرية. كيف يستطيع المرء اكتشاف الحرية؟ لقد أجاب الأب كالسيو أنهم يمكنهم أن يجدوا الحرية داخل الكنيسة الحرة. ولكن كيف يمكنهم أن يجدوا الطريق إلى الكنيسة؟ يشير الأب كالسيو إلى الطريق، الطريق من خلال أبواب مفتوحة دائماً، كما أوضح مرة قائلاً: "فلْنَبْنِ الكنائس داخل قلوبنا المستنيرة"، "فالكنيسة كائن حي حر، فيها نحيا ونتحرك ونوجد في المسيح، الذي فيه نجد حريتنا الكاملة. نتعلم في الكنيسة الحق، والحق يجعلنا أحراراً". كان لكلمات الأب كالسيو تأثير لا يقاوم على آذان سامعيه، وذلك بسبب حماسته وغيرته الملتهبة. نتيجة لهذا، لفقت له السلطات تهمة "الفاشية" وتم القبض عليه في مارس 1979، وحُكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات. تعرض في السجن لاستجوابات كثيرة، وحُرم من الطعام ومن النوم. ولكنه كان ينكر أنه كان يناصر الفاشية إبان الحرب العالمية الثانية، وذلك لسبب بسيط، أنه لم يكن قد بلغ بعد الثالثة عشرة من عمره. لم تكن هذه الطريقة في التحقيق جديدة عليه، فعندما كان ما يزال طالباً في كلية الطب أيام حكم ستالين، قضى في السجن ستة عشر عاماً، أمضى منها ثلاث سنوات في سجن بيتيسي Pitesi الرهيب، حيث تعرض لتجربة مريرة أرادوا بها أن يسلبوه آدميته. لقد أُرغم الأب كالسيو على تعذيب زملائه في المساجين! وفي وسط هذه المعاناة، أحسن بالدعوة إلى الكهنوت، وأدرك أهمية احتياج الإنسان إلى أن يغفر للآخرين. وبينما كان يرى زملاءه الصغار يتساقطون قتلى من حوله كل يوم، نذر أن يقدم هو حياته لله. وعندما أُطلق سراحه تم رسامته كاهناً. أثناء سجنه عام 1979، تعرض للضرب المبرح، واستعملت العقاقير المخدرة لانتزاع "اعتراف" من فيه، ولكن دون جدوى. فحبس في عزل انفرادي مظلم لمدة طويلة حتى صار شبه أعمى. إن حالته الصحية الآن سيئة جداً(1). فعندما زارته زوجته آخر مرة رأت يديه متورمتين وتنزفان دماً إذ هجم عليه الحراس وأوسعوه ضرباً، وذلك عندما رأوه واقفاً يصلي. في مارس 1978، قبل القبض عليه، وفي كنيسة معهد اللاهوت الأرثوذكسي في بوخارست برومانيا، ألقى الأب كالسيو كلمة عن "قبول دعوة المسيح" أمام بعض الشباب المسيحي جاء فيها: [لقد حان الوقت، أخي الشاب، لتلتفت إلى الصوت الذي طالما كان يدعوك. إنه صوت لم تُطِعْه من قبل؛ أو ربما سمعته، ولكنك لم تفهم مغزاه، ولم تطعه. إنه صوت يسوع. اراك منذهلاً ومندهشاً من كلامي؛ بل ألمحك تضحك غير مصدق، صديقي الصغير. إن الصوت الذي يدعوك ليس صوت إنسان ميت؛ بل هو صوت من قام من الأموات. إنه صوت لا يأتيك من غياهب التاريخ؛ بل ينبع عميقاً من داخلك. ماذا تعرف عن المسيح! هل كل ما تعرفه هو ما يلقنه إياك البعض ليبعدوك عن الله؟ إذاً، فقد سلبوك معرفة الحق، الحق الذي يستطيع أن يحررك. هل سمعت من أي إنسان هذه الكلمات: ’’أحبب أعداءك، بارك لاعنيك، صلِّ لأجل الذين يسيئون إليك ويضطهدونك‘‘. إن لم تكن استمعت لتلك الكلمات من قبل. فمَنْ منعك عن سماعها، وبأي حق صدَّك عنها؟ مَنْ أعاقك عن معرفة أنه يوجد طريق أفضل من المتاهة التي تضل فيها؟ مَنْ وضع الغمامة على عينيك فأعمالك عن رؤية نور المسيح العجيب؟ فاتح أُذنيك واصغِ إلى صوت المسيح، واستمع إلى دعوة كنيسته. إن بقاءك خارج الكنيسة سيخرِّب نفسك، وستخسر حياتك إلى الأبد. إني أراك على حافة الهاوية، وأُسائل نفسي: مَنْ المسئول عن ذلك؟ تعالَ إلى الكنيسة، ففيها فقط سوف تنعم بالعزاء وتجد الحق. في الكنيسة فقط سوف تسمع صوت المسيح الحلو يناديك برفق: ’’بنيَّ، مغفورة لك كل خطاياك، لقد تألمت كثيراً، ولكني أهبك الصحة، اذهب ولا تُخطيء أيضاً‘‘. لم يقل لك أي إنسان قط هذا الكلام، كل ما كنت تسمعه هو كلام عن الكراهية أو عدم المحبة. إن كلمة ’’المحبة‘‘ غريبة على مسامعك، أما الآن فإن الكنيسة ترشدك إلى الطريق الأفضل، طريق المحبة. إلى الآن كنت ما تزال محكوماً بغرائزك، وإن جسدك لم يكن إلا أداة للتعبير عن هذه الغرائز. أما الآن فإن الرب يسوع يناشدك بفم بولس الرسول: ’’ألا تعلم أنك هيكل لله، وروح الله يسكن فيك‘‘. تراك قد سمعت مَنْ يقول إن الإنسان ما هو إلا حيوان، ولكنه تطور وارتقى. ولكنك الآن (بعودتك إلى الله) اكتشفت تلك الحقيقة، أنك هيكل الله، وروحه يسكن فيك. هكذا أٌعيدت إليك صورتك الأصلية، وكرامتك كخليقة روحانية يمكنها التواجد أمام الله. نحن ندعوك للعودة إلى الطهارة، تعالَ إلى كنيسة المسيح لتتعلم معنى المحبة والطهارة الحقيقية. سوف تعجب عندما تكتشف أن الحياة لا تنتهي بالموت، بل بالقيامة، فوجودنا متمركز حول المسيح؛ وعندما تكتشف أيضاً أن هذا العالم لا يخلو من معنى وقيمة: سوف تنال الرجاء، والرجاء سوف يجعلك قوياً. سوف تنال الإيمان، وإيمانك سيخلصك. سوف تنال المحبة، والمحبة ستبررك. لم يُعلمك أحد (من قبل) أن تحارب غرائزك، ولكن المسيح يدعوك، المسيح يبحث عنك، وها هو قد وجدك... (وما عليك إلا أن تسمع لصوته وتستسلم لقيادته التي ستخرجك إلى الحرية الحقيقية)]. __________________ * عن: ’’Light through the curtain‘‘ "نور يتخلل السنار الحديدي". Selected and comipled by: PHILIP WALTERS AND JANE BALENGARTH, Copyright 1985, Keston College. (1) أي وقت تأليف هذا الكتاب سنة 1985م. من كتاب فرح القيامة في أشد الضيقات والأب كالسيو - الأب متى المسكين |
|