والبرهان الخارجي على امرأة القديس يوحنا هو مدون الإنجيل الرابع يتأكد لنا من الانتشار الواسع واستخدام آباء الكنيسة له منذ نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني وكذلك انتشاره في أوساط الهراطقة واستخدام أعداء المسيحية والوثنيين له، وكذلك ترجمته إلى أقدم الترجمات (السريانية واللاتينية والقبطية) ووجوده في أقدم المخطوطات القديمة، بل أن أقدم مخطوطة للعهد الجديد على الإطلاق هي لهذا الإنجيل وترجع لما بين 117 و135م.
أولًا: الآباء الرسوليين:
كان مضمون وجوهر الإنجيل للقديس يوحنا في فكر هؤلاء الآباء وعقولهم، وعلى الرغم من أنهم لم يقتبسوا من آياته مباشرة إلا أنهم استخدموا جوهرها ومضمونها مما يدل على وجود الإنجيل نفسه في محيطهم ووسطهم.
(1)- إكليمندس الروماني (95 م.): والذي نجد في رسالته إلى كورنثوس أربعة نصوص متأثرة بصورة واضحة بآيات الإنجيل للقديس يوحنا :
"يتمجد اسم الرب الحقيقي الوحيد" (1:43) مع يو 28:12 "أيها الآب مجد اسمك" يو 3:17 "أنت الإله الحقيقي وحدك".
"من كان له حب في المسيح فليحفظ وصايا المسيح" (1:49) مع يو 15:14 "إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي".
يسوع أعطى من جسده من أجل أجسادنا" (6:49) مع يو 51:16 "والخبز الذي أنا أعطى هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم".
"طهرنا بتطهير حقك" (2:60) مع يو 17ك17 "قدسهم في حقك".
(2)- رسالة برنابا (حوالي 100 م.): يستخدم كاتب الرسالة نفس فكر المسيح في حديثه مع نيقوديموس في شرح العلاقة الرمزية بين الحية النحاسية التي رفعها موسى في البرية وبين مجد المسيح على الصليب "فقال لهم موسى: عندما يلسع أحدكم فليتقدم من الحية المرفوعة على الخشبة وليأمل في إيمان بأنه رغم ميتة قادرة أن تعطى حياة وسيخلص في الحال. وفعلوا هكذا. في هذا أيضًا لديكم مجد يسوع ثانية، لأن كل الأشياء فيه وله" (17:12) مع يو 14:3 "وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي امرأة يرفع ابن الإنسان".
(3)- أغناطيوس الأنطاكي: تلميذ بطرس الرسول وقد استخدم جوهر آيات القديس يوحنا ونفس لغته يقول في رسالته إلى مجنيسيا (1:7) "وكما كان الرب متحدًا مع الآب ولم يفعل شيئًا بدونه سواء بذاته أو من خلال الرسل، كذلك أنتم لا تفعلوا شيئًا بدون الأسقف والقسوس" مع يو 19:5 "لا يقدر الابن أن يفعل من نفسه شيئًا إلا ما ينظر الآب يعمل" يو 28:8 "ولست أفعل شيئًا من نفسي بل أتكلم بهذا كما علمني أبى".
ويقول في رسالته إلى روما "رئيس هذا العالم يريد أن يخطفني.. لا يوجد فيَّ نار الحب للأشياء المادية ولكن فقط ماء حي.. أريد خبز الله الذي هو جسد يسوع المسيح". وهذه التعبيرات "رئيس هذا العالم"، "ماء حي"، "خبز الله" مأخوذة من أقوال السيد المسيح المدونة في الإنجيل للقديس يوحنا (يو 30:14؛ 31:12؛ 11:16؛ 10:4؛ 38:7؛ 36:36). ويقول في الرسالة إلى فيلادلفيا (1:9) "هو باب الآب" مع يو 9:10 "أنا هو الباب".
ويقول في الرسالة إلى أفسس (1:6) "لأن كل من يرسله رب البيت ليدبر شئونه يجب امرأة نقبله كما نقبل الذي أرسله" مع يو 20:13 "الذي يقبل من أرسله يقبلني. والذي يقبلني يقبل الذي أرسلني".
(4)- كتاب الراعي الهرماس (100-145 م.): يستخدم روح وجوهر الإنجيل في قوله "لا يقدر الإنسان أن يدخل ملكوت الله إلا من خلال اسم أبنه، الذي هو محبوبه.. الباب هو ابن الله، هذا هو المخل الوحيد للرب. لا يمكن لإنسان امرأة يدخل إليه إلا من خلال أبنه" (مثل 9ف 5:2) مع يو 6:14 "أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي".
ويقول في مثل 5 ف 3:6 "عندما طهر خطايا الشعب أراهم طريق الحياة وأعطاهم الناموس الذي تسلمه من أبيه".
(5)- الدياديكية (100 م.): والتي نجد فيها ظلال الإنجيل الرابع إذ أن كليهما يستخدمان لغة واحدة في الافخارستيا، وقد جاء فيها "وكما أن هذا الخبز كان منثورًا فوق الجبال ولكنه جمع معًا وصار خبزًا واحدًا" (4:9) مع يو 52:11 "ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد"، وجاء "نقدم لك الشكر أيها الآب القدوس من اجل أسمك القدوس الذي جعلته يسكن في قلوبنا" مع يو 11:17 "أيها الآب القدوس أحفظه في أسمك". وجاء في (5:10) "تذكر يا رب كنيستك لتخلصها من كل شر وتكملها في حبك" مع يو 15:17 "أسأل.. أن تحفظهم من الشرير.. ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به".
ثانيًا: تلاميذ القديس يوحنا (الشيوخ):
يقول إريناؤس أسقف ليون (Adr. Haer. 2:22) وينقل عنه يوسابيوس القيصري أن القديس يوحنا سلم لتلاميذه، الشيوخ، الإنجيل مكتوبًا "جميع الشيوخ الذين رافقوا يوحنا تلميذ الرب في آسيا يحملون الشهادة أن يوحنا سلمه (أي الإنجيل) إليهم. لأنه بقى معهم حتى حكم تراجان (245)".
ومن هؤلاء التلاميذ بوليكاربوس الذي أقتبس من رسالة القديس يوحنا الأولى وكانت روح الإنجيل متجلية بوضوح في رسالته.
ثالثًا: البردية إيجرتون 2 Pap. Egerton 2:
والتى يرى غالبيه العلماء إنها ترجع لنهاية القرن الأول أو بداية القرن الثاني وأكثرهم تطرفًا رجع بها إلى ما قبل سنه 150م، ومحفوظة في المتحف البريطاني بلندن وتتكون من ورقتين وثالثه تالفة وتحتوى على نصوص من الأناجيل الأربعة منها أربعه نصوص تتطابق مع (يوحنا 39:5، 45، 29:9، 30:7، 39:10) وهذه هي: "قال (يسوع) لحكام الشعب هذه الكلمة فتشوا الكتب التي تظنون أن لكم فيها حياه. فهي التي تشهد لي"، " لا تظنوا إني جئت لأشكوكم إلى الآب، يوجد الذي يشكوكم وهو موسى الذي عليه رجاؤكم"، "نحن نعلم إن موسى كلمه الله، وأما أنت فلا نعلم (من أين أنت) فأجاب يسوع وقال لهم لقد قام الاتهام الآن على عدم إيمانكم..."، لأنكم لو كنتم تصدقون موسى، لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عنى لآبائكم".
رابعًا: مخطوطة جون ريلاندز (ب 52) P 52:
والتي تحتوى على (يوحنا 31:18-34، 37-38) وقد اكتشفت في صحراء الفيوم بمصر سنه 1935م ويؤرخها معظم العلماء بسنه 125م، وهى من أقوى الأدلة على سرعة وكثافة انتشار الإنجيل للقديس يوحنا وعلى إنه قد كتب قبل نهاية القرن الأول، فإذا كان الإنجيل قد كتب في أفسس بآسيا الصغرى وأنتشر في مصر في مثل هذا التاريخ، فهذا يعنى إنه كتب قبل ذلك على الأقل بحوالي 30 سنه أو أكثر.
خامسًا: يوستينوس الشهيد:
والذى كتب في النصف الأول من القرن الثاني والذي يعتبر اقتباسه من الإنجيل للقديس يوحنا برهانًا حاسمًا على انتشار هذا الإنجيل في بداية القرن الثاني وبالتالي وجوده قبل ذلك في نهاية القرن الأول. وقد حاول بعض النقاد أن يبطلوا هذا البرهان، الذي برهن عليه بصوره حاسمة وقاطعه ساندي Sanday في إنجلترا وعذار ابوت Ezra Abbot في أمريكا، ولم يستطيعوا. وفيما يلي أهم اقتباساته من الإنجيل للقديس يوحنا، وإن كان يعتمد على الذاكرة في اقتباسه أكثر من النقل من الإنجيل مباشرة:
يقول في الدفاع 61:1 "لأن المسيح قال أيضًا: أن لم تولدوا ثانية لن تدخلوا ملكوت السموات، وهذا يعنى إنه من المستحيل لأولئك الذين ولدوا مرة أن يدخلوا أرحام أمهاتهم".
وهذا النص مأخوذ مباشرة من (يوحنا 3:3-5) "إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله. قال له نيقوديموس كيف يمكن الإنسان أن يولد وهو شيخ؟ ألعله يقدر أن يدخل بطن أمه ثانيه ويولد؟ أجاب يسوع.. أن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله".
وقد حاول بعض النقاد أن يوهموا بأن يوستينوس قد استعان بما جاء في (متى 3:18) "أن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات"، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل لأن نص يوستينوس ينفق في المعنى والمضمون والنص مع القديس يوحنا لأن كليهما يتكلمان عن الولادة الآباء من الماء والروح، كما أن يوستينوس يلمح لقول نيقوديموس عن فكره الرجوع لبطن الأم أو الأرحام، في حين أن نص الإنجيل للقديس متى يتكلم عن البساطة ونقاوة القلب، إذ يقول "في تلك الساعة تقدم التلاميذ إلى يسوع قائلين فمن هو أعظم في ملكوت السموات. فدعا يسوع إليه ولدًا وأقامه في وسطهم. وقال الحق أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات. فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الأعظم في ملكوت السموات" (متى 1:18-4).
جاء في حوار 88 "ولكنه (يوحنا المعمدان) صاح لهم: أنا لست المسيح، بل صوت صارخ، لأن الذي هو أقوى منى سيأتي الذي لست بمستحق أن أحمل حذاءه". وهذا النص مأخوذ من (يوحنا 20:1 و43) "وأقر أنى لست المسيح.. أنا صوت صارخ في البرية" و(ع27) "هو الذي يأتي بعدى الذي صار قدامى الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه".
وبرغم تقارب نص يوستينوس مع الأناجيل الثلاثة الأولى، إلا إنه متفق بصوره أدق وأقوى مع القديس يوحنا لأنه استخدم عبارات جاءت في الإنجيل الرابع فقد "أنا لست المسيح"، "لأن الذي هو أقوى منى سيأتي".
جاء في دفاع 63:1 "لا يعرفون الآب ولا الابن، أي اليهود، وهذا يتفق مع ما جاء في (يوحنا 19:8) "لستم تعرفونني أنا ولا أبى" و(يوحنا 3:16) "لأنهم لم يعرفوا الآب ولا عرفوني".
جاء في دفاع 22:1 أن المسيح "شفى كل المقعدين والمشلولين والذين ولدوا عميان" ولم تذكر.
الأناجيل الثلاثة الأولى أن المسيح شفى أحد المولودين عميان، بل هذا ما جاء في الإنجيل للقديس يوحنا فقط وبه فصل كامل (ص9) عن المولود أعمى الذي صنع له عينان من طين.
جاء في دفاع 13:1 "معلمنا هذه الأمور هو يسوع المسيح ولد لهذا الغرض أيضًا وصلب في حكم بيلاطس البنطي"، واضح هنا إنه يشير لقول المسيح لبيلاطس "لهذا قد ولدت أنا ولهذا قد أتيت إلى العالم" (37:18).
جاء في دفاع 66 "تعلمنا أن الخبز والخمر كانا جسد ودم يسوع الذي صار جسدًا" والعبارة الأخيرة "صار جسدًا" مأخوذة مباشرة من (يوحنا 14:1) "والكلمة صار جسدًا وحل بيننا".
جاء في دفاع 60:1 "أخذ موسى بإلهام الله وتأثيره نحاس وصنع (الحية) على شكل الصليب"، وفى (حوار 91) يشير إلى الحية النحاسية كرمز للصلب والصليب، ويقول أن الحية النحاسية لم تكن هي سبب نجاة من لدغتهم الحيات بل كانت مقصودة "لخلاص أولئك الذين يؤمنون أن الموت قد أعلن أنه سيأتي في الحية خلال الذي سيصلب" لأن الله "أرسل أبنهُ للعالم ليُصلب. لأن روح النبوة في موسى لم تعلمنا أن نؤمن بالحية". وهذا مبنى على قول السيد المسيح الذي جاء في (يوحنا 14:3) "وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع أبن الإنسان لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل له الحياة الأبدية".
وهناك برهان حاسم يؤكد لنا وجود الإنجيل للقديس يوحنا بين يدي يوستينوس، وهذا البرهان الحاسم هو شرحه لعقيدة "الكلمة Logos" كما جاء في مقدمة الإنجيل للقديس يوحنا تمامًا.
ا- يقول في دفاع 23:1 "يسوع المسيح بمعنى أوضح هو أبن الله الوحيد كونه كلمته (Logos) وبكر قوته الذي خلق كل شيء وأقامه به".
ب- ويقول في 63:1 "كلمة (Logos) الله هو ابنه..".
ج- ويقول في 13:2 "نعبد ونحب الكلمة (Logos) الذي من الله وغير المولود وغير المنطوق به، فقد صار بشرًا لأجلنا".
د- ويقول في 5:1 "الكلمة (Logos) ذاته الذي اتخذ شكلًا وصار بشرًا ودعى يسوع المسيح".
و- ويقول في 6:2. "الكلمة الذي كان معه أيضًا".
وهذه التعبيرات "الكلمة" و"أبن الله الوحيد"، الذي خلق كل شيء وأقامه به" و"صار بشرأً" و"إتخذ شكلًا وصار بشرًا" خاصة بالإنجيل للقديس يوحنا، وكلها مأخوذة من الإصحاح الأول. ونظرًا للتطابق التام بين هذه النصوص فقد أقر كثيرون من النقاد بصحة استشهاد يوستينوس بالإنجيل للقديس يوحنا.
سادسًا: هيراكليون وتفسير الإنجيل للقديس يوحنا:
كتب هذا الرجل الهرطوقي، الذي أشرنا إليه أعلاه، تفسيرًا للإنجيل يوحنا في النصف الأول من القرن الثاني، هذا التفسير علق عليه أوريجانوس فيما بعد. وهذا يدل على انتشار الإنجيل في بداية القرن الثاني بصورة واسعة حتى دعت الحاجة لتفسير آياته. ويعلق على ذلك أحد العلماء ويعدى فولكمار Volkmar بقوله "أيها الإله العظيم إذا كان قد تألف تفسيرًا لإنجيل يوحنا فيما بين 125 و155 م. ومثل هذا التفسير قد حفظ منه أوريجانوس قطعًا معتبرة، فماذا يبقى لنا للمناقشة ؟".
سابعًا: ثاؤفيلس أسقف إنطاكية (170-180 م.):
الذي أقتبس من الإنجيل لقديس يوحنا بالاسم "في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله، كقول يوحنا، الذي كان أحد الرجال حاملي الروح القدس" (246).
ثامنًا: إيريناؤس أسقف ليون:
والذي تعتبر شهادته حاسمة ولا جدال فيها لأنه تسلمها من بوليكاريثوس تلميذ القديس يوحنا مباشرة. وكانت شهادته هي شهادة الكنيسة الجامعة فقد كانت مبنية على الرسول يوحنا ذاته الذي لم يكن بينهما سوى حلقة واحدة فقط.
ونظرًا لما لشهادته من قيمة فقد حاول النقاد بكل جهدهم أن يقللوا من شأنه ولكنهم فشلوا فشلًا ذريعًا أمام مركزه التاريخي وما كان لديه من وسائل ووثائق كتب بناء على ما جاء فيها دفاعه عن العقيدة في كتبه ضد الهراطقة. ويقول عن كتابة القديس يوحنا للإنجيل الرابع "نشر يوحنا تلميذ الرب الذي اتكأ على صدره الإنجيل عندما كان في أفسس في أسيا".
وقد شهد أيضًا لكتابة القديس يوحنا للإنجيل الرابع تاتيان تلميذ يوستينوس الذي ضم آياته في كتابه الدياتسرون والوثيقة الموراتورية وترتليان في شمال أفريقيا وأكليمندس الأسكندرى وأوريجانوس وغيرهم من آباء كنيسة الآرامي والقيصري في قيصرية وجيروم في روما وغيرهم من آباء الكنيسة وعلمائها في القرن الأولى.
تاسعًا: شهادة الكتب الأبوكريفية والهراطقة وأعداء المسيحية:
وما يدل على إن الإنجيل للقديس يوحنا قد كتب ونشر في نهاية القرن الأول هو انتشاره بصورة واسعة ووجوده في أيدي كُتاب الكتب الأبوكريفية والهراطقة وأيضًا الوثنيين الذين هاجموا المسيحية.
(1)- العظات الكليمندية: والتي كتبت في بداية القرن الثاني، والتي أشارت إلى الأناجيل الأربعة بعبارة "أناجيلنا"، ثم اقتبست النصوص التالية من الإنجيل للقديس يوحنا:
"خرافي تسمع صوتي" وأيضًا "أنا هو باب الحياة، الذي يدخل بي يدخل إلى الحياة" Hom. 3:52 (يو 7:10،3،9).
"أجاب رّبنا على الذين سألوه بخصوص الرجل الأعمى منذ ولادته، الذي وهب له البصر، والذين سألوا أن كان هذا الرجل قد أخطأ أم أبواه حتى ولد أعمى، فأجاب لا هذا الرجل أخطأ ولا أبواه، بل لكي تظهر بواسطته قوة معالجًا خطايا الجهل.." hom. 19 وهذا ما جاء في (يوحنا 2:9،3).
(2)- كتاب البطاركة الاثني عشر: والذي كتب في بداية القرن الثاني وقبل الدمار الثاني لأورشليم سنة 130م هذا الكتاب يتحدث عن المسيح بألقابه التالية "نور العالم"، "المخلص"، "ابن الله"، "الابن الوحيد"، "حمل الله"، "الله الآتي في الجسد" ويقول "الروح يشهد للحق" وهذه كلها مأخوذة مباشرة من الإنجيل للقديس يوحنا.
(3)- مونتانوس الذي ظهر في فريجيا سنة 140 م. وزعم أنه اللوجوس والباراقليط بناء على ما جاء في الإنجيل للقديس يوحنا. ويرى العلماء إنه كتب فيما بين 120 و140 م.
(4)- مارسيون (140م) الذي قبل الإنجيل للقديس لوقا ورفض الأناجيل الثلاثة الأخرى، يقول ترتليان مؤكدًا وجود الإنجيل للقديس يوحنا في أيامه وقبل أيامه "إذا لم ترفض الكتابات المعارضة لنظامك فقد كان هناك إنجيل يوحنا ليقنعك" (247). وأكد في رده عليه أنه كان يعرفه ولكنه رفضه (248).
(5)- فالنتينوس (136-155 م.) الذي تأثر كثيرًا بالإنجيل للقديس يوحنا وأقتبس منه (5:3،6، 12:9، 11:14) ويقول لإيرناؤس أن أتباع فالنتينوس "يفندون أنفسهم في المسألة الأكمل للإنجيلى بحسب يوحنا" (249).
(6)- باسيليدس (117-138 م.) : يقول العلامة هيبوليتوس أن باسيليدس أقتبس من الإنجيل للقديس يوحنا قوله "كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيًا إلى العالم" (250) يقول متى ارنولد M. Arnold في كتابه "الله والكتاب المقدس" أن باسيليدس كان أمامه الإنجيل للقديس يوحنا (سنة 125 م.).
(7)- الاوفايتس والذي يقول عنهم إيرناؤس أنهم من أقدم الجماعات الغنوسية ويتحدث عنهم كأسلاف مدرسة فالنتينوس "آبائها وأمهاتها" (251). ويقول عنهم هيبوليتوس أنهم من أقدم الغنوسيين، ويقول أنهم استخدموا شهادات من الإنجيل للقديس يوحنا وهى (يوحنا 6:3،3:1،4،1:2-11، مع إشارات قوية إلى
ص35:6،21:8،33:13،9:10،21:4،21:9) ويقتبس أجزاء من كتب The Peratae التي تقتبس تكرارًا من الإنجيل للقديس يوحنا (252).
(8)- كلسس الأبيقورى: هاجم المسيحية سنة 178م ورد عليه فيما بعد أوريجانوس، وقد هاجم الأناجيل الأربعة والفكر المسيحي والعقيدة المسيحية ككل وأقتبس كثيرًا من الإنجيل للقديس يوحنا تضمنها رد أوريجانوس عليه. ويدل وجود الإنجيل بين يدي هذا الرجل الوثني سنة 178م على أن هذا الإنجيل كان منتشرًا قبل أيامه بكثير.
عاشرًا: قانون أسفار العهد الجديد:
كان للإنجيل للقديس يوحنا مكانة ثابتة بين الأناجيل الأربعة التي لم يشك أحد مطلقًا في وحيها وقانونيتها، فقد وُجد في أقدم المجموعات، وفى أقدم الترجمات، فقد ترجم إلى السريانية واللاتينية والقبطية في أقدم ترجماتها، ووجد في قوائم الكتب القانونية الموحى بها والمقدسة، وأقرته جميع المجامع التي ناقشت قوائم الأسفار القانونية.
حادي عشر: أقدم المخطوطات:
ومن أقدم ما يقدم كبرهان حاسم على كتابة الإنجيل للقديس يوحنا في القرون الأولى وانتشاره بكثافة في بداية القرن الثاني هو أن أقدم المخطوطات التي وجدت هي لهذا الإنجيل الرابع فتوجد له البردية (ب52) وترجع لما بين 117 و135م والبردية (ب66) وترجع لسنة 150م وتشتمل على الإنجيل بالكامل عدا بعض أجزاء تلفت صفحاتها، والبردية (ب75) وترجع لسنة 180م وتضم الجزء الأكبر من الإنجيل للقديس يوحنا والإنجيل للقديس لوقا، والبردية (ب45) وترجع لسنة 220م وتحتوى على أجزاء من الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل.
وهكذا تدل جميع الأدلة والبراهين على أن الإنجيل الرابع قد كُتب في نهاية القرن الأول وكان منتشرًا وبصورة كبيرة في بداية القرن الثاني، وكان موجودًا مع أباء الكنيسة والهراطقة وأعداء الكنيسة، وأنه لم يشك أحد ولو للحظة أن مدونه وكاتبه بالروح القدس هو القديس يوحنا الحبيب تلميذ السيد المسيح ورسوله.