Donatus نشأ في نوميديا Numidia في شمال غرب أفريقيا، بجوار الجزائر. إذ كان بعد شماسًا في عهد مينسيورس Mensurius أسقف قرطاجنة الذي طلب منه القنصل أنيلينوس Anulinus الكتب المقدسة فسلمه كتب مزورة، قاد دوناتس حركة انشقاق في قرطاجنة كمقاوم للكهنة الذين سلموا الكتب المقدسة للسلطات أثناء الاضطهاد العظيم (303 - 305 م). وذلك قبل اختيار كاسليان Caecilian أسقفًا، وإليه يُنسب الدوناتستيون. سيم دوناتس أسقفًا منافسًا لكاسليان في قرطاجنة عام 313 م. شرح قضيته في إيطاليا بعد سنوات قليلة من سيامته، لكن قسطنطين دانه عام 316، وفي عام 317 نُفي هو وأتباعه وعانى شعبه من الضغط الشديد عليهم. وفي عام 321 أصدر قسطنطين أمرًا بعودة المنفيين من الدوناتست، وبقي أغلبهم في سلام حتى عام 346. يرى القديس جيروم أن دوناتس قد نجح في خداع كل أفريقيا اللاتينية تقريبًا (منطقة شمال غرب أفريقيا). لكنه عاد ففشل إذ تشامخ، وفي عام 346 أُرسل مندوب إمبريالي إلى شمال أفريقيا لينظر في طلبه أن يكون الأسقف الوحيد لقرطاجنة فهاجمه الحكام الدوناستيين، ونُفي دوناتس وقادة حركته. ومات في بلاد الغال عام 355 م.
أفكاره:
لم يبق شيء من كتاباته، لذا يصعب تحديد أفكاره. أعتقد بضرورة مكافأة الأبرار وعقاب الظالمين فورًا، وأن كنيسته لا تضم سوى الأبرار، ولا خلاص للذين خارجها. كما رفض تمامًا أي تدخل من الدولة، إذ يقول: "ماذا يمكن للإمبراطور أن يفعل بالكنيسة؟" بعد قرن من سيامته أسقفًا دُعي الخطيب والمصلح الديني الذي طهّر كنيسة قرطاجنة من الخطأ.
الدوناتستية:
هي حركة انشقاق حدثت في شمال أفريقيا بعد الاضطهاد العظيم في 303 - 305 م، شقت الكنيسة في القرن الرابع وبداية القرن الخامس. بدأت هذه الحركة تنهار بعد سنة 411 م عندما أعلنت الحكومة الإمبريالية بأن الكنيسة الحقيقية في شمال أفريقيا هي التي تحت قيادة القديس أغسطينوس. ولكن بقيت هذه الحركة حتى دخول الإسلام هناك في القرن السابع. أما علة ظهور هذه الحركة فهي أن بعض الكهنة سلموا الكتب المقدسة للسلطات أثناء الاضطهاد فنُظر إليهم كخونة. كان الدوناتست متشددين جدًا في هذا الأمر، وحسبوا كل كاهن فعل هذا لن يعود لعمله الكهنوتي مهما قدم من توبة. وإذ وجدوا معارضة من الكنيسة لتشددهم حسبوا أنفسهم الكنيسة الحقيقية في شمال أفريقيا التي تهتم بالطهارة والقداسة والكمال التي تقف أمام الكنيسة الرسمية. حسبوا أن كل سرّ يقيمه كاهن ساقط في خطيةٍ باطل، ومن سامه كاهن أو أسقف من الخونة تُحسب سيامته باطلة، ولذا وجب إعادة معمودية من نالوا العماد من كاهن خاطئ أو كاهن سيم بيد أسقف خاطئٍ أو خائنٍ. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء). حسبوا أنفسهم شعب الله المتألم الذي عينّه الله للاستشهاد واحتمال الآلام من أجل الحفاظ على كمال المجتمع المسيحي. بلاشك ظهور هذه الحركة أوجد مدافعين ولاهوتيين من بينهم، يقوم تعليمهم على الفصل بين المخلصين والهالكين، يقطن الأولون مدينة الله والآخرون مدينة إبليس. وكان لهذا أثره العظيم على لاهوتيات القديس أغسطينوس في حديثه عن طبيعة المدينتين وفي حديثه عن "مدينة الله". يرى بعض الدارسين أثر هذه الحركة على المسيحية الغربية، خاصة في ظهور حركة البروتستانت التي تركز على التزام الفرد وعلى الكمال والقداسة والاستعداد للبذل حتى الموت.