القديس داود المقاري
خدمته في السودان:
نشأ وديع سعيد في أسيوط من عائلة حريصة على العقيدة الأرثوذكسية، مجاهدة في تدعيمها ضد التعاليم الغربية التي كان الأمريكيون يعملون على نشرها، وكانوا قد اتخذوا من أسيوط مركزًا لنشاطهم.
أكمل دراسته الابتدائية والثانوية فالتحق بوظيفة في وزارة الصحة، ثم سافر إلى السودان سنة 1914 م للعمل، وهناك ساهم في بناء الكنيسة القبطية وفي مدارس التربية الكنسية والاجتماعات المسائية.
بتوليته وخدمته بالقاهرة:
لما عاد إلى القاهرة سنة 1921 م انتظم ضمن خدام كنيسة مار جرجس بالقللي. ومع استمراره في وظيفته الحكومية إلا أنه انضم أيضًا إلى جمعية أبناء الكنيسة. وإذ فضَّل التبتل خصص له زملاؤه في هذه الجمعية غرفة كأنها قلاية، ذلك أنه كان مشتاقًا إلى دخول دير القديس مقاريوس الكبير. كان بمثابة العمود الفقري للجمعية، فقد ألَّف هو وزملاؤه فرقة شمامسة للخدمة في كنائس مختلفة كل أسبوع وكانت تختار لهذه الخدمة الكنائس القائمة في الأحياء الفقيرة أو البعيدة.
إلى جانب هذه الخدمة أصدرت الجمعية مجموعة من الكتب الهامة مثل كتاب الخولاجي، وصلوات الإجبية بالقبطي والعربي، والأناجيل الأربعة، وأسفار موسى الخمسة بالقبطية. ثم رأى وديع سعيد أن يُخرِج للأقباط تقويمًا يتضمن تعاليمهم وأعيادهم إلى جانب الأعياد العامة.
رهبنته:
كان خلال عمله البنَّاء للكنيسة مازال موظفًا في وزارة الصحة حتى وصل إلى وظيفة مدير مكتب وكيل الوزارة، كما كان قد حصل على الجزء الأول من الدكتوراه في القانون، إلا أنه قرر ترك كل ذلك، فاستقال ودخل الدير.
خدمة مستمرة:
نتيجة لبعض الدعايات المغرضة صدر أمر بإخراج الراهب داود من الدير، فرجع إلى العالم ولكن بالزي الرهباني. عاد ليخدم بأكثر نشاط وبأكثر روحانية، وكأن قلبه لم ينكسر. فقد ساهم في بناء كنيسة السيدة العذراء بروض الفرج، وبنى ملجأ للأولاد سماه "بيت النعمة" ملاصقًا للكنيسة، وبنى بعد ذلك مدرسة إلى جوار الملجأ لتكون المنشأتان في كنف الكنيسة. وإلى جانب الأبنية أصدر مجلة أسبوعية باسم الأنوار سنة 1946 م، وبعد إصدارها بعدة شهور بدأ يصدرها شهريًا بالإنجليزية. إذ كان قد تفاهم مع هيئة اسمها "الجمعية الأفريقية الآسيوية المركزية" استهدافًا لنشر الثقافة القبطية خارج مصر، فكان في هذا المجال أيضًا سباقًا.
بعد هذا الجهاد المستمر بلا هوادة، وبعد أن تاجر بوزناته إلى أقصى طاقته انتقل إلى فردوس النعيم.
العيد يوم 19 كيهك.