رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الذين يرغبون في الإقامة دون رهبنة انتشرت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة، حيث تقدم إلى جميع الأديرة أشخاص أكثرهم أو كلهم من كبار السن، الذين أحيلوا إلى المعاش ولم يعد لديهم في منازلهم من يحيون معهم سواء زوجة أو أولاد، فلربما توفيت الزوجة وتزوج الأبناء أو هاجروا البلاد، ومن ثم أصبحت الوحدة والفراغ يحاصران الشخص ويسببان له صغر النفس، ومن ثم فهو يفكر في تعويض ما فاته في شبابه، وربما أيضا اشتاق إلى حياة هادئة يقضى فيها بقية أيامه بعد أن عاش عشرات السنين وسط ضجيج البشر وضوضاء الآلات وملايين القصص في ثرثرة لا تبنى. ولكن الأديرة -في الغالب- تعتذر عن ذلك بسبب صعوبة الحياة بالنسبة لمثل أولئك الذين جاءوا متأخرا، ولا يمكن بالطبع اعتبارهم أصحاب الساعة الحادية عشرة فهم أصحاب الساعة الثالثة أو السادسة ولكن الأمر يتعلق بكيفية التكملة وليس العمل من أساسه. ولربما قال قائل بأن بعض القديسين قديما ترهبوا في سن الشيخوخة مثل القديس بولا البسيط، هذا صحيح ولكن جميع الشيوخ ليسوا مثل القديس بولا البسيط فإن كان هناك من يستطيع أن يحيا كما عاش بولا فمرحبا به!! كما أن الاستثناء لا يصح أن يتحول إلى قاعدة. وهل يجوز أن يحيا أولئك حياة اجتماعية بحتة في الدير؟ هذا بالنسبة للشيوخ أو المتقدمين في السن، فماذا عن الشبان والشابات؟، يحدث أيضا ذلك عندما يرغب شخص ما رغبة صادقة في الحياة مع الله وتكريس الوقت والقلب له بشكل كامل وصادق متنازلا في ذلك عن أي شكل أو وضع رسمي أو قانوني، مثل أن يمكث في بيت الخلوة أو بين العمال أو ملتحقا بأي عمل يحتوى على مسكن بسيط ملحق به وقد يحيا لسنوات عديدة في ذلك الإطار، ولكن المشكلة تكمن في أنه قد يتراجع عن ذلك الأسلوب في الحياة ليبدأ من جديد في العالم حياة طبيعية، وعندئذ قد يندم ويتألم لضياع تلك المدة التي عاشها في الدير داخل ذلك الإطار دون عائد مالي يذكر ودون مهنة تفيده في العالم، بل وحتى الشهادة الحاصل عليها تكون قد تقلصت أهميتها بسبب عدم وجود الخبرة التي كان من الممكن الحصول عليها في حالة عمله بها في العالم، وربما لا يتوقف الأمر عند حد الندم، بل قد يمتد إلى مواجهة وابل من الأسئلة أو علامات الاستفهام الصامتة حول تلك الفترة، ويجد ذاته مسئولا أمام المجتمع ليجيب عنها. والفرق في هذا بين الأيام السابقة وأيامنا هذه، هو أن الخبر في مثل هذه الحالات سريعا ما ينتشر حول بقاء شخص ما في الدير تحت أي مسمى مهما كان ثم عودته من جديد. ومع ذلك فهناك بعض ممن سلكوا هذا السبيل، ولكن دون أن يعلنوا عن رغبتهم هذه بل التحقوا بالأديرة من بوابة العمل، وأثناء عملهم سلكوا طريقا رهبانيًا واستطاعوا بهدوء أن يحققوا ذلك.. أما رواتبهم فقد كانوا يضعونها كاملة في صناديق العطاء بكنيسة الدير، وعرفوا كيف يسبحون في كل فجر مع الرهبان وكيف يتناولون في قداسات لا تتعارض مواعيدها مع مواعيد أعمالهم، كما أن أحدا لم يشعر بهم وبنمط حياتهم إلا بعد فوات سنوات. |
|