رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لاشك أن عهد قداسة البابا شنودة الثالث – أدام الله حياته – قد شهد تطوراً هائلاً وواضحاً, وهو انتقال الكنيسة القبطية من المحلية إلي العالمية. العوامل التي ساعدت علي انتشار الكنيسة القبطية في العالم:ومع أن كنيستنا القبطية الارثوذكسية كانت علي مدي تاريخها كنيسة كارزة, إذ شهدت في عصورها الأولى كرازة امتدت شمالاً و جنوباً, وشرقاً وغرباً, إلا أن هذا الملمح انحسر بعض الشئ في عصور تالية, ثم عاد إلي الظهور مرة ثانية في عهد قداسته. فكنيستنا معروفة في تاريخها بأنها كرزت شمالاً في فلسطين وآسيا الصغري, وجنوباً في اريتريا وإثيوبيا وشرقاً حتى إلي الهند, وغرباً حتى إلي سويسرا وإيرلندا, وذلك عن طريق آباء ومُعلمي مدرسة الإسكندرية, وكذلك عن طريق بعض الأباء الرهبان والأقباط الذين مازالت ذكراهم خالدة في الوجدان الأوربي بعامة, والايرلندي والسويسري بخاصة ناهيك عن نفي القديس أثناسيوس expatriate في غاليا, وكتابة سيرة الأنبا أنطونيوس هناك, التي جعلت منه أباً للرهبان في كل العالم. (أيقونوستاسيس) في كنيسة قبطية أرثوذكسية أما اليوم وبعد جهاد ممتاز من قداسة البابا شنوده الثالث, والعديد من أبنائه الأساقفة والكهنة والرهبان والأراخنة والشعب القبطي, فقد امتدت الكنيسة إلي قارات الدنيا جميعاً. وأذكر أنني في مرة قلت لقداسة البابا "ها قد امتدت الكنيسة إلي كل قارات العالم", فأجابني قائلاً: "ليس بعد!!", فقلت لقداسته: "أين إذن, فأجابني: "أمريكا الجنوبية", فقلت: "وهل لنا أقباط هناك؟", فأجابني قداسته: "ومن أدراك؟".... وبالفعل أوفد قداسته نيافة الأنبا سرابيون إلي سفارتينا في البرازيل و الأرجنتين, فاكتشف هناك عدداً قليلاً من الأقباط. وبدأت هناك الخدمة حتى صار لنا في أمريكا الجنوبية أسقفان جليلان: "نيافة الأنبا أغاثون (البرازيل)" و"نيافة الأنبا يوسف (بوليفيا)". هناك عدة عوامل ساعدت علي انتشار الكنيسة القبطية حالياً في كل أنحاء العالم أهمها: 1- شخصية وتعليم ومواقف قداسة البابا شنوده: لاشك أن قداسة البابا يمتلك شخصية موسوعية للثقافة: اللاهوتَية والكتابَية و الكنسَيه والعامة, كما أنه استطاع بما يملك من "كاريزما" Charisma إن يكون له حضور واضح في المحافل الدولية والمسكونية, وكذلك في الصحافة والقنوات الفضائية والدوريات والإنترنت والإذاعة.. وذلك من خلال اجتماعه الأسبوعي منذ كان أسقفا للتعليم وحتي الآن, وكذلك كتبه التي زادت عن المائة كتاب, ومقالاته وحواراته التلفزيونية والإذاعية والصحفية. وقد تم ترجمة الكثير من كتب قداسته إلي أكثر من 15 لغة.... ونذكر هنا لقاءات قداسته مع الكثير من الملوك والرؤساء في أمريكا وأوربا وإفريقيا والخليج والعالم العربي, كما نذكر له شهادات الدكتوراة الكثيرة التي نالها من العديد من الجامعات في أنحاء العالم لجهوده العلمية والإنسانية والثقافية والوطنية, كما نذكر مفاتيح المدن التي اهديت لقداسته, ومواقفه الذائعة الصيت سواء في القضية الفلسطينية, أو موضوع الأقليات (هل الأقباط أقلية؟). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). أو وقوفه الشامخ ضد إباحة وتقنين "الجنسية المثلية"... وأذكر هنا مواقفه في مواجهة قيادات الكنيسة الانجيليكانية في قلب لندن, وفي هاواي, وكندا وغير ذلك. كما أن أحداث سبتمبر في عهد الرئيس الراحل أنور السادات, وما فعله علي رجل المواقف, الذي رفض محاولات التطبيع مع إسرائيل مانعاً الأقباط, من زيارة القدس, إلا بعد تحريرها من الاحتلال. 2- أنتشار الكنائس والأديره والاكليريكيات في مصر و المهجر: صدق من دعا قداسة البابا "كاروز المهجر", فهو – بلا شك – من بذل أقصي الجهود في رعاية أبنائه الأقباط في أكبر وأصغر تجمعاتهم, إذ جاهد في بناء المئات من الكنائس في أمريكا وكندا وأوربا وأستراليا والدول العربية, بالإضافة إلي مئات أخري داخل مصر, بناها قداسته وأبناؤه الأساقفة والكهنة والأراخنة الأقباط. ونحن نعرف مدي الجهد الذي كان يتابع به قداسته كل كنيسة تم بناؤها أو شراؤها في المهجر. بالإضافة ألي افتتاحها وتدشينها عندما تكتمل. أضف إلي ذلك سيامة أباء أساقفة, وإرسال أو سيامة كهنة, والعديد من الشمامسة والخدام في كل مكان. كما أمتدت الكنيسة القبطية – بعد وصولها بكثافة إلي تجمعات الأقباط في المهجر - إلي أماكن أخري كثيرة مثل: الصين واليابان وهونج كونج وفيجي والمكسيك وماليزيا وسنغافورة وتايلاند وباكستان.... الخ. كذلك أسس قداسته أديرة قبطية و اكليريكيات جديدة داخل وخارج مصر, دعماً للإيمان الكنسي في كل العالم. 3- الكنيسة الإثيوبية وتاسيس كنائس في أريتريا وفرنسا وإنجلترا: شهد عهد قداسة البابا استقلالاً كاملاً للكنيسة الإثيوبية, وتأسيساً للكنيسة الأريترية (إذ سام قداسته لها خمسة أساقفة ثم بطريركين)... ووضع لكل منها بروتوكولاً يؤكد الاستقلال الإداري لكل منهما, مع وحدة العقيدة, والتعاون في العمل الكنسي والرعوي والتنموي في ميادين متعددة. وكذلك في عهد قداسته تأسست الكنيستان الفرنسية القبطية, والبريطانية القبطية, حيث سام لهما قداسته مطرانين وأسقفاً, كما اعتمد المجمع المقدس لكليهما بروتوكولاً خاصاً, يوضح مبادئ وقواعد العلاقة والتعاون بين الكنيسة القبطية و بين كل منها. 4- الاشتراك الفعال في المجالس المسكونية: فقد شجع قداسته الاشتراك الفعال في مجلس الكنائس العالمي, حتى صار قداسته أحد رؤسائه لفترة, كما تشترك الكنيسة بفاعلية في كافة لجانه التنفيذية والمركزية. ومختلف نشاطاته, من خلال آباء مطارنة وأساقفة وآباء كهنة وخدام متميزين... أما مجلس كنائس الشرق الأوسط, فقداسته كان أحد رؤسائه لعدة دورات متتالية, بالإضافة إلي الحضور المكثف للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في تفاصيل نشاطاته, علي المستويات العالمية والإقليمية والوطنية, حتى صار احد أبناء الكنيسة القبطية سكرتيراً عاماً له. ونفس الأمر تكرر مع مجلس كنائس كل أفريقيا, ومجالس الكنائس في أمريكا وكندا واستراليا وأوربا...الخ. وتشهد كل هذه المجالس بالحضور النشط, والمستمر للكنيسة القبطية, ممثلة في قداسة البابا. وآباء أساقفة وكهنة وأقباط... لكن أبرز هذه النشاطات نلحظها في اللقاء الدوري السنوي لرؤساء الكنائس الشرقية الأرثوذكسية في الشرق الأوسط: القبطية والسريانية والأرمينية, حيث التحمت الكنائس الشقيقة الثلاث في نشاطات ومحبة وزيارات وتعاون مسكوني غير مسبوق, في مجالات التعليم اللاهوتي وخدمة الشباب والنشر والترجمة.. مع وحدة كاملة في مواقفها في المحافل المسكونية والقضايا العامة علي المستويات العالمية والإقليمية والوطنية. كما امتد ذلك النشاط إلي بقية كنائس عائلتنا الشرقية الأرثوذكسية كالهندية والإثيوبية والاريترية وكنيسة أرمينيا.... 5- الحوارات اللاهوتية: شهد عصر قداسة البابا حوارات لاهوتية غير مسبوقة في تاريخ كنيستنا, نذكر منها: أ- الحوار مع الكنيسة الأرثوذكسية البيزنطية: الذي شهد عشرات الجلسات, ووصل إلي صيغة موحدة في الكرستولوجي, والرعاية, يجري اعتمادها من كنائس العائلتين, الأرثوذكسيين. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وقد قام قداسته بزيارة العديد من هذه الكنائس مثل روسيا وأرمينيا ورومانيا وقبرص.... ولقداسته علاقات وثيقة مع قيادات هذه الكنائس. ب- الحوار مع الكنيسة الكاثوليكية : الذي بدأ بين الكنيسة القبطية و بينها, ثم امتد ليشمل العائلة الشرقية الأرثوذكسية. وقد تم الأتفاق في موضوع الكرستولوجي, وجرت مناقشة العديد من الخلافات حول: انبثاق الروح القدس و المطهر, ومفهوم الكنيسة.... وجاري استكمال الحوار في المزيد من القضايا. ج- الحوار مع الكنائس المصلحة WARC: وقد انتهي الفصل الأول منه, في جلسات كثيرة حول الكتاب المقدس والكنيسة... د- الحوار مع الكنائس الإنجليكانية واللوثرية والمشيخية: وهو حوار جري ويجري الآن, وان كان يتوقف أحياناً نتيجة موقفنا من اعتماد بعضهم للجنسية المثلية وانقسامهم الداخلي حول هذا الأمر. لقداسة البابا نشاط بارز في مختلف الموضوعات المطروحة علي الساحات: الوطنية والاجتماعية والإنسانية... وقد شهد عهد قداسته حضوراً مكثفاً للكنيسة في أمور مثل: أ الحوار المسيحي الإسلامي: في جلسات ممتدة لسنوات.. وعلاقات وثيقة مع فضيلة شيخ الأزهر وكبار القيادات الإسلامية. مع حضور قداسته للمؤتمرات الإسلامية العالمية وإلقائه محاضرات فيها.. تكون موضع تقدير عالمي.وغير ذلك من الموضوعات التي ناقشها قداسته في ندوات عامة وكنسية, في مجلس الشعب والجامعات المصرية والأجنبية والنوادي الشهيرة كالليونز واللوتاري... 7- رحلات قداسته حول العالم: قام قداسته برحلات كثيرة بلغت 39 رحلة حتى الأن, اسهمت في عالمية الكنيسة القبطية، وهذا بيانها: 1- رحلة البابا شنوده إلى ليبيا (مارس 1972م).لاشك أن قداسة البابا –أدام الله حياته – قد استطاع الخروج بالكنيسة القبطية –بنعمة الله ومعونته - من المحلية إلي الإقليمية... ومن الإقليمية إلي العالمية... شهادة للإيمان الحيً الذي استودعه الرب في كنيستنا المقدسة, من خلال الكتاب المقدس, والآباء الكارزين, والتقليد الرسولي.... حتى صار قداسته علامة بارزة في تاريخ كنيستنا المجيدة. نرجو لقداسته من الرب حياة مديدة, واستمرار لنشاطه المثمر, لمجد السيد المسيح, وامتداد ملكوته, و عمل كنيسته المقدسة. |
|