وأخذته سحابه عن أعينهم
"وأخذته سحابه عن أعينهم" (أع1: 9)
عند صعود السيد المسيح إلى السماء بعدما أوصى تلاميذه "ارتفع وهم ينظرون، وأخذته سحابة عن أعينهم" (أع1: 9).
كان السيد المسيح في قمة مجده بين تلاميذه بعد القيامة.. وحينما كان يظهر لهم كانوا يفرحون بصورة غير عادية، إلى جوار الرهبة العميقة التي كانوا يشعرون بها في حضرته الإلهية.
حينما ظهر للتلاميذ في الأحد التالي لأحد القيامة، قال لتوما: "هات إصبعك إلى هنا وأبصر يديَّ، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمنٍ بل مؤمنًا، أجاب توما وقال له: ربى وإلهي" (يو20: 27، 28)
أي أن جميع التلاميذ قد اعترفوا بألوهيته، وأيقنوا ذلك.. وكانت القيامة هي الإعلان الدافع إلى ذلك، كقول معلمنا بولس الرسول: "وتعيّن ابن الله بقوة، من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات" (رو1: 4).
في قمة هذا المجد الذي قال عنه السيد المسيح: "أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا، ويدخل إلى مجده" (لو24: 26)، اختار السيد المسيح أن يترك العالم، ويمضى إلى الآب حيث المجد السماوي.
ترك السيد المسيح تلاميذه بحسب الجسد حينما "انفرد عنهم وأُصْعِد إلى السماء" (لو24: 51)، ولكنه لم يتركهم بحسب لاهوته بحسب وعده "ها أنا معكم كل الأيام إلى إانقضاء الدهر" (مت28: 20).
هكذا اتضع السيد المسيح في خدمته.. لأنه ترك العالم.. ولم يعد تلاميذه ينظرونه حسب الجسد.. وقد فعل ذلك وهو في قمة مجده على الأرض بعد القيامة،لأنه لم ينظر إلى المجد الأرضي.. بل كان المجد الحقيقي في نظره، هو أن يصنع مشيئة الآب الذي أرسله.. وأن يمضى إلى الآب ليدخل إلى الأقداس السماوية، باعتباره رئيس الكهنة الأعظم "خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان" (عب8: 2).
المجد الأرضي الذي ناله السيد المسيح بعد القيامة، لم يجتذبه عن رسالته السمائية.. فغادر الأرض.. واختفى عن أعين تلاميذه. وأخذته سحابة عن أعينهم.