رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هذه ساعتكم "هذه ساعتكم" (لو22: 53) في وقت القبض على السيد المسيح، قال لرؤساء كهنة اليهود ولقواد جند الهيكل والشيوخ المقبلين عليه: "كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصى. إذ كنت معكم كل يوم في الهيكل لم تمدوا علىّ الأيادي. ولكن هذه ساعتكم وسلطان الظلمة" (لو22: 52، 53). حدث التآمر ضد السيد المسيح لأنه جاء نورًا للعالم، وأحب الذين قاوموه الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة. لم يحتمل الذين سلكوا في الظلمة ما نادى به السيد المسيح من تعاليم تحرر الإنسان من قيود الخطية وظلمتها. ولم يحتملوا إنذاراته للجميع بالتوبة "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو13: 3). ولم يحتملوا إصغاء الناس له والتفافهم من حوله وقالوا بعضهم لبعض: "انظروا إنكم لا تنفعون شيئًا. هوذا العالم قد ذهب وراءه" (يو12: 19). وامتلأوا حسدًا.. لم يحتملوا العجائب والمعجزات التي صنعها، وظهر بها مجده فآمن به تلاميذه (انظر يو2: 11). ولم يحتملوا أنه كان يقاوم أساليبهم التي تعثر الشعب وتبعدهم عن معرفة الله؛ مثل تعشير الشبث والنعنع والكمون، وفي نفس الوقت ظلم الأرامل والأيتام. أو إطالة الصلوات تظاهرًا بالتقوى بلا صلة حقيقية بالله أو طلبًا للمنفعة (انظر مت23). كانوا قد حوّلوا الهيكل الذي هو مكان العبادة والصلاة وتقديم الذبائح طلبًا للغفران، إلى موضع للتجارة. فكان الهيكل مكتظًا بباعة الحيوانات والطيور وبموائد الصيارفة.. وأخذت العبادة وضعًا شكليًا، وكأن الرب تهمه ذبائح الكباش والتيوس فقط، ولا تهمه ذبائح شفاه معترفة باسمه، أو قلوب منسحقة أمامه، مع أن "الذبيحة لله روح منسحق" (مز50: 17) وكما هو مكتوب "غيرة بيتك أكلتني" (يو2: 17)، فقد تحرّك السيد المسيح بغيرة مقدسة لتطهير الهيكل من كل مظاهر محبة العالم قائلًا لهم: "بيتي بيت الصلاة يدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص" (مت21: 13). اصطدم السيد المسيح بمصالح الكهنة والفريسيين من أجل تطهير هيكله المقدس من كل مظاهر الانحراف المعلنة متحاشيًا الكشف عن خطاياهم الخفية وغير المعلنة، مع أنه كان يعرفها وكتب لهم بعضًا بإصبعه على الأرض في وقت سابق، وكانوا يعلمون أنه يعرف خطاياهم.. ووقتها لم يستطع أحد منهم أن يقف قبالته بل انصرفوا مبتدئين من الكبار (انظر يو8: 6، 9). ولكنهم كانوا يشعرون بخطورة بقاء شخص مثل هذا يعرف خطاياهم، وفي نفس الوقت يقاوم إعثارهم للشعب، ولا يرغب في بقائهم في مواقفهم القيادية، حينما لم يستمعوا إلى إنذاراته وتعاليمه ومناداته لهم بالتوبة عن خطاياهم، قائلًا لهم: "إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره" (مت21: 43).. وحينما فهموا أنه قال مثل الكرامين الأردياء عليهم، وحينما تكلم عنهم كقادة عميان يجوبون البحر والبر ليكسبوا دخيلًا واحدًا يصيرونه ابنًا لجهنم أكثر منهم مضاعفًا. لهذه الأسباب وكثير غيرها.. ولأن نقاوة السيد المسيح قد كشفت خبثهم ورياءهم، فإنهم قد تآمروا عليه، وذهبوا لإلقاء القبض عليه، وتسليمه إلى أيدي الأمم، بعد تجهيز كثير من التهم الباطلة والافتراءات التي أعلنوها أمام الحاكم الروماني، الذي علم من أسلوبهم المفضوح أنهم قد أسلموه حسدًا أو خوفًا على مصالحهم ورغباتهم المنحرفة. وهنا قال السيد المسيح لهم: "هذه ساعتكم وسلطان الظلمة" (لو22: 53). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
” هذه ساعتكم ” (لو22: 53) |