رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كما تكثر الآلام تكثر التعزية لا يستطيع الإنسان أن يدرك قوة قيامة المسيح، ولا أن يدرك إعلان أسراره الإلهية، ولا يمكن أن يدخل إلى أمجاد الحياة الأبدية.. لا يمكن أبدًا أن يشترك مع المسيح في مجده إلا إذا اشترك معه في آلامه. لاشك أن الإنسان في لحظات الألم يكون موضع عناية خاصة من الله ويحل عليه روح الله، وإذا حل عليه روح الله فهناك نعمة وفرح وتعزية وسلام، كما يقول معلمنا بولس الرسول: "وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ. وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ" (غل5: 22). "وَلَكِنَّنَا فِي هَذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا" (رو8: 37). فإبراهيم مع أنه نبي ويرشده روح الله ويعلن له أمورًا كثيرة، لكن في لحظات ذروة الألم أخذ إلهامًا خاصًا من الروح القدس، رفعه إلى مستوى الرؤيا السامية جدًا والإعلان الفائق للطبيعة.. وهو يجتاز بحر الآلام ويمسك السكين لكي يذبح إسحاق ابنه. في هذه اللحظة كان في حالة رؤيا واستعلان يفوق النظرة البشرية تمامًا، واستطاع أن يرى السيد المسيح معلقًا على صليب الجلجثة.. واستطاع أن يرى التدبير الإلهي لخلاص البشرية، واستطاع أن يرى السيد المسيح قائمًا من الأموات منتصرًا على الموت والخطية،هكذا اختفى إسحاق من قدامه، لم يعد يرى إسحاق ولكنه رأى السيد المسيح نفسه معلقًا على الصليب. ومن يتطلع لهذا المشهد يرى أبًا يمسك بالسكين لكي يذبح ابنه، لكن هذا الأب لم يكن يرى هذا الابن ولم يكن يرى هذه السكين، ولكنه كان يرى العدل الإلهي وهو يستوفى حقه في ذبيحة الصليب. وعندما رجع إسحاق معه حيًا، بعدما أرسل الله حملاً من السماء لفداء إسحاق، لم يكن إبراهيم يرى إسحاق، إنما كان يرى بعين النبوة السيد المسيح عندما ظهر لتلاميذه في العلية وقال لهم سلام لكم "فَفَرِحَ التّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبَّ" (يو20: 20). عاش إبراهيم تلك اللحظات المجيدة في أيامه.. عاش وشعر بها. ويقول معلمنا بولس الرسول: "فِي الإِيمَانِ مَاتَ هَؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ، وَهُمْ لَمْ يَنَالُوا الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ" (عب11: 13). |
|