اليأس التجربة الثانية التي يشتاق إليها العدو أن يحطمنا بها هى الخوف، عندما يجسم لنا خطايانا، ويشككنا في عقيدة الخلاص من خطايانا بموت مخلصنا على الصليب... يخفى العدو هذا الإيمان. ويثير فينا الخوف من خطايانا، كي يخمد فينا كل أمل للخلاص، ويحطمنا باليأس وقطع الرجاء. لذلك يا أخي عود نفسك قبل الوقت كي تصد هذا الهجوم، وصمم من الآن أن تتمسك بشدة الرجاء الذي لنا في ربنا، بمعنى أن تحفظ قلبك بثبات الإيمان في قوة الفداء بموت ربنا على الصليب.. وهناك صلاة مناسبة ترفعها لربك وإلهك في هذه المناسبة: "ربى.. كثيرة هى أسباب مخاوفي، إذ أنك لو عاملتني بعدلك سأكون مذنبًا أمامك، وتطرحني من أجل خطاياي، ولكن رجائي المتجاسر أكثر في غفرانك بحسب رحمتك اللانهائية في ابنك مخلص نفوسنا يسوع المسيح، لذلك أتضرع أن تبقى لي صلاحك غير المحدود، أنا المخلوق المسكين، لأنه رغم أنني مذنب بالخطايا الكثيرة، إلا أنني مغسول بالدم الثمين الذي لابنك الوحيد ربنا.. " ويقول القديس ساويرس {أسقف الأشمونين (القرن العاشر الميلادي)} "إن الشيطان يخيف الإنسان بطرق أخرى، فقد يقول له: قد يلقاك في الطريق من يغرمك ويظلمك أو يقتلك، فإذا هو سمع منه وأبطل ما يجب عليه، تخلى عنه الروح القدس -الذي هو سيفه- وقوى عليه الشيطان عدوه وأهلكه. فإذا كان معه ترس الأمانة يقول له: كذبت يا شيطان، لا يقدر أحد أن يغرمني أو يظلمني أو يضربني أو يقتلني إلا بإرادة المسيح إلهي. وإذا كان قد أراد -المسيح- أن يفعل بي ذلك، فهو يستطيع أن يفعل بي ولو اختفيت في شقوق الأرض، وإذا لم يرد أن يفعل بي شيئًا من ذلك لا يقدر أحد أن يفعله بي، ولو كنت أنادى فوق السطوح، لأن شعر رأسي عنده معدود، وهو هكذا قال "عصفوران يباعان بفلس وواحد منهما لا يقع على الأرض إلا بإرادة أبيكم الذي في السموات، وأنتم جميع شعور رؤوسكم معدودة"... فهو بهذا التدبير الذي للأمانة سيغلب العدو ويقوى عليه ويدوم سيفه بيده -الذي هو الروح القدس- ويكون أجره أعظم من الشهداء، لأنه قد بذل نفسه للمسيح وحمل خشبة صليبه وتبعه، وأيقن أن لا مخلص غيره".