كيف تخلي ذاتك؟
والآن، كيف تخلي ذاتك أيها الأخ:
إن لم تتمكن من إخلاء ذاتك بالتمام، فعلي الأقل:
· إخفض نفسك درجة عما تستحقه، أو عما تظن أنك تستحقه، في نظر نفسك، وفي نظر الناس. في إحدى المرات رسم كاهن جديد، وقضي فترة الأربعين يومًا في الدير. وفي تلك الفترة -وهو في الدير سألني- نصيحة له في خدمته المقلبة، فقلت له:
"كن ابنًا وسط إخوتك، وأخًا وسط أولادك".
"انزل درجة باستمرار، أو درجات... وباستمرار أسلك بالبساطة في معاملة تلاميذك، وأولادك، وأخوتك الصغار...". واليك تدريب آخر:
· جرب كيف تتنازل عن حقوقك، وعما يليق بك من كرامة. وفي كل وقت ضع أمامك الآية التي تقول: "المحبة لا تطلب ما لنفسها" (1كو13: 5)... فلا تطلب أن تأخذ كل حقوقك، ولا تطلب أن تدافع عن نفسك في كل شيء... ولا ترد التصرف بمثله...
· في إخلائك لذاتك ألق عنك الأشياء التي تضخمك في نظر نفسك أو في نظر الناس. سواء كانت داخل نفسك أو من الخارج. عليك أن تتخلي عن مظاهر العظمة، وتعيش بسيطًا...
· واعلم أن السيد المسيح في إخلائه لذاته، أعطانا فكرة أن العظمة لا تنبع من مظاهر خارجية، ولا من رفعة تحيط وإنما العظمة الحقيقية تنبع من الداخل، من كنه الذات النقية. كلما يصير القلب نقيًا، يأخذ صورة الله، ويصير حقًا على مثال الله حسبما خلق في البدء على صورة الله وشبهه (تك1: 26، 27).
· وفي كل نقاوتك وفضائلك، أنسِب الفضل كله لله لا إلى نفسك. أشعر دائمًا أن الله هو العامل فيك، وليس أنت. وأنك بدونه لا تستطيع أن تعمل شيئًا.
وإذا اشتركت مع إنسان في عمل، قدمه على نفسك في كل شيء. أعطه التفوق، وأعطه الفضل، وانسب إليه ما تحاول بأن تنسبه إلى نفسك من العظمة. وتحاول أن تختفي ليظهر الله، وليظهر أخوتك...
· وإن لم تستطع أن تخلي ذاتك، فعلي الأقل لا تضع فوقها ثقلًا جديدًا من الارتفاع، حتى لا تنوء نفسك تحت ثقل ارتفاعك..
على الأقل... لا تكبر ذاتك. لا تتحدث عن نفسك، لا تشرح للناس فضائلك لا تسرد قصصًا يفهمون منها شيئًا عاليًا عنك...
ضع أمامك صورة المسيح في إخلائه لذاته..