كتاب تسبحة البصخة: لك القوة والمجد
البابا شنوده الثالث
أهمية أسبوع الآلام
أسبوع الآلام، أو أسبوع البصخة المقدسة، هو أهم أيام السنة وأكثرها روحانية. هو أسبوع مملوء بالذكريات المقدسة في أخطر مرحلة من مراحل الخلاص، وأهم فصل في قصه الفداء. وقد اختارت الكنيسة لهذا الأسبوع قراءات معينة من العهدين القديم والحديث، كلها مشاعر وأحاسيس مؤثرة للغاية توضح علاقة الله بالبشر. كما اختارت له مجموعة من الألحان العميقة، ومن التأملات والتفاسير الروحية..
وقد كان آباؤنا القديسون في عصور الكنيسة الأولي يلاقون هذا الأسبوع بكل هيبة وتوقير، ويسلكون فيه بنسك شديد للغاية:
كانوا يمتنعون فيه عن أي طعام حلو المذاق "من الأطعمة الصيامية" كالحلوى والعسل والمربي مثلًا، لأنه لا يليق بهم أن يأكلوا وهم يتذكرون آلام الرب من أجلهم. والبعض ما كانوا يطبخون في هذا الأسبوع شيئًا علي الإطلاق، بسبب النسك من جهة، ولكي لا يشغلهم أعداد الطعام عن العبادة من جهة أخري. وغالبية الناس ما كانوا يأكلون فيه سوي الخبز والملح. والقادرون منهم كانوا يطوون الأيام صومًا، وكانوا يمتنعون عن الطعام من عشية الجمعة إلي ساعة الإفطار في العيد والنسك في هذا الأسبوع كان يشمل الزينة أيضًا. ولذلك كان النساء فيه يمتنعن عن التزين، بل يمتنعن أيضًا عن لبس الحلي..
و كان هذا الأسبوع مكرسًا كله للعبادة، يتفرغ فيه الناس من جميع أعمالهم، ويجتمعون في الكنائس طوال الوقت للصلاة والتأمل..
كان الملوك والأباطرة المسيحيون يأمرون أن تتعطل دواوين الحكومة ومصالحها خلال هذا الأسبوع ليتفرغ الناس للعبادة. بل كانوا يسمحون بخروج المحبوسين لكي يذهبوا هم أيضًا إلي الكنيسة ويشتركوا في صلوات هذا الأسبوع العظيم لعل ذلك يكون تهذيبًا لهم وإصلاحًا. وممن فعلوا ذلك الإمبراطور ثيئودوسيوس الكبير. وكان السادة يمنحون عبيدهم عطلة طول أسبوع البصخة، فلا يشتغلون هم أيضًا بل يعبدون الرب. وهكذا لا تكون روحيات السادة مبنية علي حرمان العبيد، بل الكل للرب، يعبدونه معا ويتمتعون معا بعمق هذا الأسبوع وتأثيره..