القيامة كرمز القيامة هي رمز للتوبة: أو أن التوبة تشبه بالقيامة: فنحن نعتبر أن الخطية هي حالة من الموت، وأقصد الموت الروحي. وقال القديس أوغسطينوس "إن موت الجسد، هو انفصال الجسد عن الروح، أما موت الروح، فهو انفصال الروح عن الله "فالله هو ينبوع الحياة، أو هو الحياة الكلية. كما قال في الإنجيل "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 14: 6). "أنا هو القيامة والحياة" (يو 11: 25) من يثبت في الله، يكون بالحقيقة حيًا. ومن ينفصل عن الله يعتبر ميتًا. والخطيئة هي انفصال عن الله، لأنه لا شركة بين النور والظلمة" (2 كو 6: 14) فالخاطئ إذن هو ميت روحيًا، مهما كانت له أنفاس تتحرك وقلب ينبض.. قد يكون جسده حيًا . ولكن روحه ميتة ميتة.. وهكذا في مثل الابن الضال، الذي شرد بعيدًا عن أبيه ثم عاد إليه، وقال عنه أبوه في هذه التوبة: ابني هذا كان ميتًا فعاش. وكان ضالًا فوجد (لو 15: 24). وقيل في الكتاب عن الأرملة المتنعمة إنها ماتت وهى حية" (1 تى 5: 6). وقال القديس بولس الرسول لأهل أفسس "إذ كنتم أمواتًا بالذنوب والخطايا التي سلكتم فيها قبلًا.. (اف 2: 1) وقال أيضًا "ونحن أموات بالخطايا، أحيانا مع المسيح.. وأقامنا معه، وأجلسنا معه في السماويات" (أف 2: 5). وقال السيد المسيح موبخًا راعى كنيسة ساردس: "إن لك اسمًا إنك حي، وأنت ميت" (رؤ 3: 1). فحياته الظاهرية حياة حقيقية، لأن الحياة الحقيقية هي الحياة مع الله، أو الحياة في الله، هي الحياة في الحق، وفي النور والبر. أما ذلك الخاطئ، فإن له اسمًا أنه حي، وهو ميت.. لذلك كنت أقول في معنى الحياة الحقيقية: "أحقًا نحن أحياء..؟" إن الحياة لا تقاس بالسنين والأيام، وإنما بالفترات الروحية الحلوة التي نقضيها مع الله.. هي وحدها التي تحسب لنا، والتي يقاس بها عمرنا الروحي، وبها يكون تقرير مصيرنا في القيامة. لذلك أيها الأخ بماذا تجيب حينما يسألك الملائكة كم هي أيام عمرك على الأرض؟ هل ستحسبها بالجسد أم بالروح؟.. ومع ذلك، فإن الخاطئ المعتبر ميتًا: إذا تاب تعتبر قيامة.. وعن هذا المعنى يقول القديس بولس الرسول للخاطئ الغافل عن نفس "استيقظ أيها النائم، وقم من الأموات، فيضئ لك المسيح" (أف 5: 14). مشبهًا التوبة هنا، بأنها يقظة روحية، وأنها قيامة من الأموات.. وقد ذكر الإنجيل للسيد المسيح ثلاث معجزات أقام فيها أمواتًا. ويمكن اعتبار كل منها رمزًا لحالة من التوبة: أقام ابنه يايرس وهى ميتة في بيت أبيها (مر 5). وأقام ابن أرملة نايين من نعشه في الطريق (لو 7) وأقام لعازر وهو مدفون في القبر من أربعة أيام.. وكانت كل إقامة هذه الأحداث الثلاثة تحمل رمزًا خاصًا في حالات التوبة. أ-ابنه يايرس وهى في البيت، ترمز إلى الذي يخطئ وهو لا يزال في بيت الله، في الكنيسة، لم يخرج منها ولم يخرج عنها. ولذلك قال السيد عن ابنة يايرس "إنها لم تمت، ولكنها نائمة" (مر 5: 39). ولما أقامها أوصاهم أن يعطوها لتأكل (مر 5: 43). لأن هذه النفس تحتاج إلى غذاء روح يقويها، حتى لا تعود فتنام مرة أخرى. ب – أما ابن أرملة نايين وهو ميت محمول في نعش.. فهذا ميت خرج من البيت ترك بيت الله، وأمه تبكى عليه، أي تبكى عليه الكنيسة أو جماعة المؤمنين. هذا أقامه المسيح، ثم "دفعه إلى أمه" (لو 7: 15). أرجعه إلى جماعة المؤمنين مرة أخرى.. ج – لعازر المدفون في القبر، يرمز إلى الحالات الميئوس منها: حتى أن أخته مرثا لم تكن تتخيل مطلقًا أنه سيقوم. وقالت للسيد أنتن، لأنه له أربعة أيام " (يو 11: 39). إنه يرمز للذين ماتوا بالخطية وتركوا بيت الله، بل تركوا الطريق كله، ومرت عليهم مدة طويلة في الضياع، ويئس من رجوعهم حتى أقرب الناس إليهم. ومع ذلك أقامه المسيح، وأمر أن يحلوه من الرِباطات التي حوله (يو 11: 44). فمثل هذا الإنسان يحتاج أن يتخلص من رباطاته التي كانت له في القبر. كل هذه أمثلة تدعونا إلى عدم اليأس من عودة الخاطئ، فلابد أن له قيامة..