سر الإفخارستيا يذكرنا بكهنوت ملكي صادق
لقد قال بولس الرسول في وضوح تام، عن كهنوت المسيح إنه: "على رتبة ملكي صادق، لا يقال على رتبة هرون" (عب 7: 11) وإن كان لابد "على شبه ملكي صادق يقوم كاهن آخر" (عب 7: 15 ). ويركز الرسول على هذا الكهنوت المالكي صادقي فيقول في المقارنة بين السيد المسيح وكهنةالعهد القديم: "لأن أولئك بدون قسم قد صاروا كهنة. أما هذا فبقسم من القائل له: أقسم الرب ولن يندم أنك أنت هو الكاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق" (عب 7: 21). وقد اقتبس بولس الرسول هذا النص كله من النبوءة التي وردت في المزامير عن المسيح (مز 110: 4). فما هو هذا الكهنوت الذي كان لملكي صادق؟
ملكي صادق لم يقدم ذبيحة دموية. إنما قدم خبزًا وخمرًا (تك 14: 18) أو قل قدم الذبيحة الإلهية بشكل الخبز والخمر، كما فعل السيد المسيح في يوم
الخميس الكبير. وهنا كان كهنوت المسيح على مثاله، كما أنه لم يكن كهنوتًا عن طريق الوراثة كما كان هرون، بل كان في الكهنوت بلا أب بلا أم بلا نسب (عب 7: 2).
إن ذبيحة الخمر والخبز، تذكرنا بالبركات التي نالها يعقوب: قال أبونا إسحق عن ابنه: "جعلته سيدًا لأخوته.. وعضدته بحنطة وخمر" (تك 27: 37). وفي مباركته ليعقوب قال له: "ليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض، وكثرة حنطة وخمرًا" (تك 27: 28).. كان لابد أن يأتي من نسل يعقوب من تتبارك به جميع قبائل الأرض، ومن يستخدم الحنطة والخمر حسب كهنوت ملكي صادق، ويقول عنها: "هذا جسدي.. هذا دمى.. لمغفرة الخطايا".
ملكي صادق اعتبر كاهنًا، مع أنه لم يقدم ذبيحة حيوانية، وإنما قدم ذبيحة الخبز والخمر. والسيد المسيح جاء كاهنًا على طقس ملكي صادق..
إذن هناك كهنوت بتقديم ذبائح حيوانية، وهو الكهنوت الهرونى. وكهنوت بتقديم الخبز والخمر، وهو كهنوت ملكي صادق المستمر معنا إلى اليوم..
عبارة "كاهن إلى الأبد على طقس ملكي صادق"، معناها أن تقديم ذبيحة الخبز والخمر تظل قائمة ولا تنتهي، طالما نحن على الأرض في حاجة إلى مغفرة الخطايا.