رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مثاليـــة المسيـــح وشخصيتــه المتكاملـــة بقلم قداسة : البابا شنودة الثالث أهنئكم يا أخوتي وأبنائي جميعا ببدء عام جديد وبعيد الميلاد المجيد, جعلها الله أياما سعيدة عليكم جميعا, وعلي بلادنا المحبوبة مصر, وعلي العالم أجمع, مصلين أن ينجيه الله من أخطار الزلازل والفيضانات والحروب, ويعيد السلام والبنيان إلي تلك المناطق المنكوبة, وأن يخفف آلام ما بقي من شعوبها, وأن يبسط رحمته علي العالم, فالله رحيم ومتحنن وأن يعطينا بركة هذا العيد وفاعليته في حياتنا. *ولعله من المناسب لنا أن نتأمل في شخصية السيد المسيح له المجد, وكيف أنها شخصية مثالية متكاملة في الفضائل والصفات فقد كان يتصرف بحكمة سامية, كما قيل في سفر الجامعة لكل شيء تحت السماوات وقت. فكان يقوم بالعمل المناسب في الوقت المناسب. لا يسلك بوتيرة واحدة في كل حالة, ومع كل أحد. وهكذا كان يعرف متي يشفق ومتي يؤدب, ويكون في تأديبه شفقة. ويعرف متي يتكلم ومتي يصمت, ويكون في صمته حكمة وموعظة.. متي ينظر في حنو, ومتي ينظر في غضب؟ متي يستخدم القوة, ومتي يستخدم اللين؟ وعموما كيف يتصرف مع كل نوع من الناس. وهكذا كان الشخصية المتكاملة في أسلوب عملي, يجمع بين صفات تبدو مختلفة عن بعضها البعض. ولكنها منسجمة في تناسق عجيب. *** كان يجمع بين الخلوة, والعمل لأجل الآخرين كان يجمع بين حياة التأمل, وحياة العمل. وحياة التأمل كانت له علي الجبل. والجبل في حياة السيد المسيح له مكانته ووضعه, والحديث عنه يلزمه مجال أوسع, ومن أشهر أماكن خلوته, كان جبل الزيتون, وبستان جثسيماني. لذلك ما أعمق ما قيل عنه في الإنجيل مضي كل مراحله إلي خاصته. أما يسوع فمضي إلي جبل الزيتون( يو8:1) علي الجبل, كان يسكب محبته للآب السماوي. وفي المدينة كان يفيض بمحبته علي الناس. وقيل عنه أنه كان يجول يصنع خيرا, ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس (أع10:38). كان يعلم في مجامعهم, ويكرز ببشارة الملكوت, ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب( مت:4:23).. يقدمون إليه جميع المرضي بأنواع أمراض كثيرة, فكان يضع يديه علي كل واحد منهم فيشفيهم( لو4:40). كان يعلم. ويفتح أعين العميان, ويقيم موتي.. وكان كل من يقابله, ينال منه بركة. فأحبه الجميع. *** كان السيد المسيح يجمع بين العظمة والتواضع كان يجمع بين الهيبة والوقار من جهة, والبساطة من جهة أخري.. كانوا في هيبته يدعونه يا معلم أو أيها المعلم الصالح أو السيد.. البعض كان يستمع إليه وهو جالس عند قدميه, والبعض كان يسجد له.. وكانت له مكانة كبيرة عند الناس, وتوقير واحترام, وشعبية هائلة جدا.. وفي عظمته وقف في نور عظيم, متجليا علي جبل طابور( مر9) ومن جهة التواضع, أخلي ذاته وأخذ شكل العبد( مت2:7) وأنحني وغسل أرجل تلاميذه( يو13). وسلك في بساطة مع الأطفال. وحضر موائد العشارين والخطاة. وحينما كانوا يلومونه علي ذلك كان يقول لا يحتاج الأصحاء إلي طبيب بل المرضي.. لأني لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة إلي التوبة( متي9:13,12) *** وفي تكامل شخصيته, كان المسيح أيضا يجمع بين الوداعة والحزم: كان وديعا ومتواضع القلب( متي11:29). قيل في وداعته أنه كان لا يخاصم ولا يصيح, ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف, وفتيلة مدخنة لا يطفيء( متي12:20,19). كان رقيقا شغوفا إلي أبعد حد. وفي رقته, بكي علي أورشليم( لو19:40). وبكي في طريقه إلي قبر لعازر( يو11:35) وفي وداعته أيضا, تحدث مع السامرية دون أن يخدش شعورها( يو4) وبنفس الوداعة تحدث مع الخاطئة المضبوطة في ذات الفعل( يو8) بكل رفق... ولكن وداعته لم تمنع حزمه. وهكذا في حزم وشدة, طرد الباعة من الهيكل, وقلب موائد الصيارفة. وقال لهم مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعي, وأنتم جعلتموه مغارة لصوص( متي21:13) وبنفس الحزم وبخ الكتبة والفريسيين( من علماء اليهود). وقال لهم ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون, لأنكم تغلقون ملكوت السماوات قدام الناس. فلا تدخلون أنتم, ولا تدعون الداخلين يدخلون( مت23:13). كما وبخ الصدوقيين قائلا لهم تضلون إذ لا تعرفون الكتب( متي22:29) كما وبخ اليهود أكثر من مرة علي حرفيتهم في حفظ السبت. وكان يتعمد أن يجري بعض معجزاته في يوم سبت, كما فتح عيني المولود أعمي في يوم سبت( يو9) وأقام لعازر من الموت في يوم سبت( يو11). وشفي مريض بيت حسدا في يوم سبت. وذلك ليريهم أنه يمكن يحل عمل الخير في السبوت( متي12:9 ـ13) وأحيانا كان يوبخ تلاميذه علي أخطائهم, علي الرغم من محبته الشديدة لهم. *** أيضا كان في تكامل شخصيته, يعرف متي يتكلم ومتي يصمت؟ كان إذا تكلم يقنع. وإذا حاور يفحم ويبكم. وكثيرا ما كان يتكلم كمعلم. وكانوا يبهرون من تعليمه( مت7). كان في حديثه كلام منفعة, ووعظ وتعليم. كان أحيانا يتبسط في التعليم, ويلقيه أحيانا في هيئة أمثال. وأحيانا أخري يتكلم بسلطان( مت7:29). ويقدم التعليم كقاعدة ملزمة.. وكثيرا ما كان يصحح المفاهيم القديمة, ويبدأ بعبارة أما أنا فأقول لكم...( متي5) وأحيانا كان يصمت, ويكون صمته أبلغ من الكلام, وفي صمته حكمة. كما كان صامتا أثناء محاكمته أمام مجمع السنهدريم( متي26) وأمام بيلاطس( متي27) *** كان أيضا يعرف متي يمنح, ومتي يمنع؟ كان في منحه كثير العطاء. فمنح تلاميذه أنواعا من السلطان والمواهب. ومنح مكانة للطفل وللمرأة, مما لم يكن معروفا لدي اليهود. وفتح باب الملكوت أمام الكل, وبخاصة للأمم وللسامريين الذين ما كان اليهود يتعاملون معهم( يو4:9). ومنح شفاء للمرضي, وعتقا للمأسورين من الشياطين, وكذلك عطفا علي الضعفاء والمساكين, ومغفرة للخطاة( لو7)( يو8)( مر2). وبركة للكثيرين... وكما كان يمنح, كان أحيانا يمنع. مثلما منغ الكهنوت عن كهنة اليهود في أيامه. وقال لهم إن ملكوت الله ينزع منكم, ويعطي لأمة تصنع ثماره( مت21:43). وكما رفض طلب الكتبة والفريسيين في أن يصنع لهم آية( أي أعجوبة). وقال لهم جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطي له( مت12:39) *** وكما كان المسيح رجل الجماهير, كان كذلك يهتم بالفرد الواحد كانت تتبعه الآلاف, وتزدحم حوله الجموع والجماهير. وفي معجزة إشباع الجموع من الخمس خبزات, قيل عن الجموع الذين حوله أنهم كانوا خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأولاد( مت14:21) أي نحو12 ألفا. وفي معجزة شفائه للمفلوج, كان الزحام شديدا حول البيت لدرجة أنهم أنزلوه إليه من السقف( مر2:4) وفي عظته المشهورة علي الجبل, قيل في مقدمتها انه لما أبعد الجموع صعد إلي الجبل( مت5:1) وعلي الرغم من أزدحام الجموع حوله, كان يهتم بالنفس الواحدة. ففي قصة زكا العشار, كان الزحام شديدا جدا, لدرجة أن زكا صعد إلي جميزة لكي يراه. فمن وسط هذا الزحام, قال له السيد يا زكا إسرع وانزل, لأنه ينبغي أن أمكث في بيتك. ولما تذمر اليهود علي دخوله إلي بيت رجل خاطيء, قال لهم اليوم حصل خلاص لهذا البيت إذ هو أيضا ابن لإبراهيم, لأن ابن الإنسان جاء يطلب ويخلص ما قد هلك( لو19:1 ـ10) وترك الجموع ليبحث عن الواحد الضال تكررت في( لو15). وبحثه عن النفس الواحدة, ظاهرة في لقائه مع نيقوديموس, ومع المرأة السامرية, ومع مريم ومرثا... *** وفي الحديث عن الشخصية المتكاملة للسيد المسيح, نذكر بعض أمثلة منها: *جمعه بين العدل والرحمة, بغير تناقض بينهما. فكان رحيما في عدله, وعادلا في رحمته. كان عدله مملوءا رحمة, ورحمته مملوءة عدلا أيضا اهتمامه بالروح والجسد. فمع اهتمامه الكبير بالروح, لدرجة قوله الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة( يو6:63), كان يهتم جدا بالجسد وشفائه( مت9:12) كان مدققا في تنفيذ أوامر الشريعة. ولكنه في نفس الوقت, كان يهتم بمفهومها السليم, وبروحانية الوصية وليس مجرد حرفية الوصية. *** ختاما, لقد ترك السيد المسيح لنا نموذجا نسير عليه في تكامل الشخصية, حتي نسلك حسب مثاله. وفي هذا العيد, نرفع صلواتنا من أجل بلادنا العزيز, ومن أجل أن يؤيد الرب الرئيس حسني مبارك بقوة من عنده, ويوفقه في كل جهاده وأسفاره لأجل السلام في الشرق الأوسط, في فلسطين والعراق والسودان وباقي البلاد الشقيقة. وكل عام وجميعكم بخير. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المسيـــح نفســـه |
ننتظـــر المسيـــح |
المسيـــح القــــدوة |
من هو يســـوع المسيـــح ؟ |
مثاليـــة المسيـــح وشخصيتــه المتكاملـــة وثورة في التفكير |