رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
" سأشدو لحبيبي أُغنية عن كرمه: كانَ لحبيبي كرمٌ على تلّ خصيب، فنقَّبهُ ونقَّى حجارته وغرس فيه أفضل كرمة، وبنى برجًا في وسطه، ونقر في الصخر معصرة، فٱنتظرَ أن يصنع عنبًا فأنتجَ لهُ حصرمًا! والآن يا أهل أورشليم ورجال يهوذا ٱحكموا بيني وبين كرمي، ماذا يُصنع أيضًا لكرمي وأنا لم أصنعه له؟ لماذا إذ ٱنتظرت أن يصنع عنبًا، أنتجَ حصرمًا؟ فالآن أُعرّفكم ماذا أصنع بكرمي، أنزع سياجه فيصير للرعي، أهدم جدرانه فيصير للدوس، وأجعلهُ خرابًا لا يُقضب ولا يُنقب، فيطلع شوك وحسك، وأُوصي الغيم أن لا يُمطر عليه مطرًا، إنَّ كرم رب الجنود هو بيت إسرائيل وغرس لذّته رجال يهوذا، ولكن عندما ٱنتظرَ حقًّا وجدَ سفك دماء، وعندما ٱلتمسَ عدلاً رأى صُراخًا. ويل للذين يصلون بيتًا ببيت، ويقرنون حقلاً بحقل، حتى لم يبقَ موضع، فصرتم تسكنون وحدكم في وسط الأرض، في أذني قال رب الجنود: البيوت العظيمة لا بُدَّ أن تُصبح خرابًا، والمنازل الفخمة تغدو مهجورة... ويل للمبكرين صباحًا يتبعون المسكر، للمتأخرين في العتمة تلهبهم الخمر، وصار العود والرباب والدف والناي والخمر ولائمهم، وإلى فعل الرب لا ينظرون وعمل يديه لا يرون، لذلك سُبيَ شعبي لعدم المعرفة، وتصير شرفاؤه رجال جوع، وعامته يابسين من العطش... ويل للجاذبين الإثم بحبال البطل، والخطيئة كأنَّهُ بربط العجلة... ويل للقائلين للشر خيرًا وللخير شرًّا، الجاعلين الظلام نورًا والنور ظلامًا، الجاعلين المرّ حلوًا والحلو مرًّا... ويل للأبطال على شرب الخمر ولذوي القدرة على مزج المسكر، الذين يبررون الشرير من أجل الرشوة، وأمَّا حق الصدّيقين فينزعونه منهم... من أجل ذلك حمي غضب الرب على شعبه، ومدَّ يده عليه وضربهُ حتى ٱرتعدت الجبال وصارت جثثهم كالزبل في الأزقة، مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد، فيرفع راية للأمم من بعيد، ويُصفِّر لهم من أقصى الأرض، فإذا هم بالعجلة يأتون سريعًا... ويمسكـون الفريسـة ويستخلصونهـا ولا منقذ، يهرون عليهـم فـي ذلـك اليـوم كهديـر البحـر، فـإن نُظِرَ إلـى الأرض فهـوَّذا ظلام الضيق، والنور قد أظلم بسحبها " (إشعياء 5 : 1 – 30). تأمَّل معي قليلاً بهذه الآيات.. وحاول أن ترجع بالذاكرة قليلاً إلى وضع لبنان قبل الحرب الأهلية التي دمَّرتهُ.. وإلى وضعه بعد الحرب الأهلية وحتَّى يومنا هذا. أُطلقَ على بلدنا هذا لقب " سويسرا الشرق "، وكانَ محط أنظار العالم من كافة النواحي، وكانَ بلدًا مزدهرًا، وكانَ أشبه بتل خصيب كما يقول هذا المقطع، وقد غرس الرب فيه أفضل كرمة.. وبنى فيه برجًا، والبرج يرمز إلى الحماية، ونقر في صخره معصرة لكي تُحوِّل محاصيله إلى بركات.. وصنعَ لهُ الرب كل ما يُمكن أن يُصنع.. لكــن.. عندما حان زمن الإثمار.. كانت المفاجأة غير السارة.. والمفاجأة المرعبة.. بدلاً من أن تُعطي هذه الكرمة عنبًا جيِّدًا.. أنتجت حصرمًا !!! والحصرم مقارنةً بالعنب.. يرمز إلى أمرين هامين أقلَّهُ: - طعمه حامض عوضًا عن حلاوة العنب، وهوَ يحمل شكل العنب لكنه مُزيَّف. ونتيجةً لذلكَ، وكما فعل الرب مع شعبه قديمًا، فعل مع لبنان: نزعَ سياجه فصارَ للرعي، وهدم جدرانه فصار للدوس.. وجاء على بلدنا كل ما يذكرهُ هذا المقطع من خراب وويلات.. ولو عدتَ أيضًا بالذاكرة إلى الوراء، وراجعت الأسباب السياسية المنظورة التي أطلقها أصحاب الشأن والقرار حينها، لاستنتجت أنَّ أسباب ما عصفَ بلبنان من حروب ودمار وتفرقة وعوز وهجرة و... يعود كما يقولون لقرار دولي بإعطاء هذا البلد لشعب آخر، ولإيجاد حلول لأزمات تعصف بالمنطقة ككل، ولو تابعت تسلسل الأحداث، لاكتشفت دون أدنى شك كيفَ تطوَّرت من صراعات طائفية إلى صراعات مذهبية، ثمَّ إلى صراعات داخل البيت الواحد وأضف كل ما يحلو لكَ. أحبائي: لا تضلّوا.. ولا تُشاكلوا هذا الدهر في تفكيره وفي ٱستنتاجاته، فالمقطع نفسه الذي نتأمَّل فيه يقول: " سُبيَ شعبي لعدم المعرفة ". سُبيَ هذا البلد لسبب عدم المعرفة، بأنَّ ما حصل لبلدنا ويحصل، ما هوَ إلاَّ نتيجة لما ٱقترفناه من شرور وخطايا، وبُعْد عن طرق الله ووصاياه، وبُعْد عن خطة الله لهذا البلد.. فالقرارت الدولية بٱستخدام هذا البلد لأغراض مشبوهة، هيَ حقيقة وليست وهمًا.. لكنها ليست السبب بل النتيجة الحتمية لكل ما فعلناه.. ولو تأملتَ بما فعله شعب الله وٱستحق ما يذكره هذا المقطع، لرأيتنا فعلنا أكثر بكثير.. والخلافات والانقسامات والتشرذم والتقاتل وعدم الأمان... ليست بسبب تنوُّع الطوائف والمذاهب والتوجّهات السياسية، بل هيَ نتيجة ما قمنا به، والذي يجعل تأديب الله يأتي علينا ومن إحدى نتائجه: " ... ولم يكن هناك من يأمن على نفسه من أعدائه في ذهابه وإيابه، لأنَّني أثرت كل واحد ضد صاحبه " (زكريا 8 : 10). إلى أين يُمكن أن تتجه الأمور؟ إلى أمر من إثنين: الأول: ما حصل لشعب الله قديمًا، والذي تذكره كلمة الله في هذا المقطع، والذي ما زلنا نشهد بعض فصوله، وإن كان بوتيرة أقل من أيام الحرب الدامية، وسوف نشرح لماذا خفَّت الوتيرة. الثاني: خلاص لهذا البلد، عودة السلام والطمأنينة والإزدهار إلى ربوعه، وٱفتقاد الرب لنا بنهضة روحية عظيمة، تجلب لنا خلاص وفير للنفوس. بالطبع كلنا يرغب ويتمنَّى أن تتجه الأمور بٱتجاه الخلاص والسلام والطمأنينة والنهضة، لكن السؤال يبقى: من يلعب الدور الأساسي بتحويل الأمور بهذا الاتجاه؟ وكيف؟ الكنيسة هيَ من تلعب هذا الدور وليسَ أحد سواها.. والكنيسة ليست الحجارة.. وليست طائفة معينة.. بل هيَ جماعة المؤمنين الحقيقيين، أولاد الله الذين بيَّضوا ثيابهم بدم الحمل، وقرَّروا أن يضعوا يدهم على المحراث دون النظر إلى الوراء، والذين لم يحبوا حياتهم حتى الموت، ونفسهم ليست ثمينة عندهم حتَّى يُتمِّموا بفرح ما كلَّفهم به الرب، وهم الذين قرَّروا أن لا يدخلوا بيت سكناهم ولا يعتلون فراشهم، ولا يُعطون عيونهم نومًا ولا أجفانهم نُعاسًا، قبلَ أن يروا هذا الأمر وقد تحقَّقَ !!! أحبائي: الحرب لم تتوقف صدفةً.. والقرارات الدولية التي ساهمت بوقفها لم تأتِ إكرامًا لنا، لأنَّ الدول نفسها التي أوقفتها، هيَ من عملت سابقًا على بدئها، لكن لأنَّ: " قلب الملك في يد الرب كجداول مياه، حيثما شاء يُميله " (أمثال 21 : 1). فقد أمالَ الرب قلوب الملوك وأصحاب القرار لوقف الحرب.. والسبب أنَّ الرب أبقى لهُ في هذا البلد بقية أمينة، صلَّت، تشفَّعت، بكت أمامه، صرخت إليه ليل نهار، حاربت في السماويات، حسمت معارك في العالم الروحي.. فسمع الرب، ورقَّ قلبه، وتحنَّن علينا، وفتح الباب أمام الحلول وأمام عودة السلام والطمأنينة والنهضة إلى بلدنا.. لكـــن.. ما زال أمامنا عمل كثير وكبير ومستمر، وينبغي إكماله على مسارين: الأول: الإلتزام بما نقوم به، والإستمرار دون توقُّف أو ملل، نُصلِّي ونتشفَّع ونُحارب ونحسم معاركنا ضد إبليس ومملكته وخططهما، ونمتلك الأراضي، مُتَّحدين كرجل واحد في الحرب، مُفسحين المجال للرب بأن يُنقِّينا ويُنقِّي دوافعنا، وبأن نتكل على قيادة الروح القدس وتوجيهاته لنا في كل خطواتنا. ثانيًا: أن نعمل ليل نهار، لكي نُحوِّل الحصرم إلى عنب جيِّد !!! أحبائي: الرب برحمته وغنى نعمته، وقلبه الذي يرق، ومشيئته التي تُريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحـق يُقبلـون (1 تيموثاوس 2 : 4)، والذي لا يُريـد أن يهلـك أحـد (2 بطرس 3 : 9).. لم يقلع الكرمة أبدًا، فلو تأملنا بالمقطع الذي أدرجناه، لا نقرأ أبدًا أنَّهُ قد قلع الكرمة، بل أزال السياج فقط من حولها، فتمَّ دوسها.. وهذه الكرمة ما زالت موجودة، لكنها تُنتج حصرمًا.. ومشيئة الرب لخلاص البشرية وعدم هلاك أحد.. لا تتم صدفةً، ولا تتم قضاءً وقدرًا كما يقول البعض.. بل هيَ نتيجة زرع.. فالحصاد لا يأتي تلقائيًا.. بل ما نزرعهُ سنحصدهُ نوعًا وكمًّا.. ولذلكَ علَّم الرب تلاميذه أن يُصلُّوا قائلين: " ليأتِ ملكوتك، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض " (لوقا 11 : 2). ولهذا أقامنا الرب، وأوكلَ العمل لنا، نحن جسده الذي سيُتمِّم مشيئته من خلاله.. والآن كيف نحل مشكلة الحصرم ليغدو عنبًا؟ المزارعون وأبناء القرى يعرفون تمامًا مبدأ " التطعيم "، وهذا الأمر ذكرته لنا كلمة الله: " فإذا كانت بعض أغصان الزيتونة قد قُطعت، ثمَّ طُعِّمتَ فيها وأنتَ من زيتونة بريَّة، فصرت بذلك شريكًا في أصل الزيتونة وغذائها " (رومية 11 : 17). عندما يجد المزارعون بعض الأشجار تُنتج ثمرًا مُزيَّفًا لنوعها الحقيقي، يقومون " بتطعيمها " بأغصان جيدة وحقيقية، لكي يتحوَّل ثمرها من ثمر رديء ومزيَّف، إلى ثمر جيِّد وحقيقي.. فالتوت البري الرديء الطعم، يغدو توتًا جيِّدًا.. والحصرم يغدو عنبًا لذيذ المذاق.. وهذه هيَ مهمتنا أيها الأحباء.. فنحن من قال الرب عنَّا أننا أغصان الكرمة، الكرمة الحقيقية التي ترمز للرب يسوع المسيح: " أنا الكرمة وأنتم الأغصان، الذي يثبت فيَّ وأنا فيه، هذا يأتي بثمر كثير، لأنَّكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا... إن ثبتُّم فيَّ وثبتَ كلامي فيكم، تطلبون ما تريدون فيكون لكم، بهذا يتمجَّد أبي أن تأتوا بثمر كثير، فتكونون تلاميذي " (يوحنا 15 : 5 – 8). " المطعوم الحقيقي " الذي يُمكنه أن يُحوِّل الحصرم إلى عنب، يأتي من الرب مباشرةً، وليسَ من الأغصان، فعندما نثبت في الرب، ثبات حقيقي، وعندما نتجاوب مع تنقيته الدائمة لنا، ويكون لنا قلب طائع دوافعه دوافع نقية، نلعب دور الغصن الذي ومن خلال ثباته بالكرمة ينقل العصارة الحقيقة، " التطعيم الحقيقي " للحصرم الموجود في العالم وفي الناس، ويجعلهم يُصبحون عنبًا حقيقيًا، ويقول الرب: " بهذا يتمجَّد أبي أن تأتوا بثمر كثير.. وتطلبون ما تريدون فيكون لكم ". نثبت في الرب.. نستمر في الصلاة والتشفع والحرب.. نتنقَّى ونصحِّح دوافعنا.. فنغدو غصنًا ينقل التطعيم الحقيقي والجيِّد من الرب إلى الحصرم فنُحوّله إلى عنب جيِّد.. وعندها نطلب ما نُريد فيكون لنا. ولأننا: " ملح الأرض... ونور العالم " (متى 5 : 13 – 14). ولأنَّ: " البر يرفع شأن الأُمَّة " (أمثال 14 : 34). ولأنَّهُ: " ببركة المستقيمين تتعظَّم المدينة " (أمثال 11 : 11). ولأنَّ الرب: " يرفع رأس شعبه إكرمًا لكل أتقيائه " (مزمور 148 : 14). سوف نسمع الرب يقول: " وأُزيل إثم هذه الأرض في يوم واحد " (زكريا 3 : 9). ويعود ويُنعش كرمته، ويبني السياج ويحميها من الدوس ويقول: " يزرعون في سلام، فتُعطي الكروم ثمرها والأرض غلاَّتها، وتجود السماء بأمطارها، وأُورث بقيَّة هذا الشعب الناجية كل هذه، وكما كنتم لعنة بين الأُمم يا أبناء (لبنان) فإنِّي أُخلِّصكم فتصبحون بركة. لا تجزعوا، بل تشدَّدوا. لأنَّهُ هكذا يقول الرب القدير: كما وطدت العزم أن أُعاقبكم بالشر عندما أثارَ آباؤكم سخطي، ولم أرجع عن عزمي، يقول الرب القدير، فإنِّي عُدتُ أيضًا فقضيت في هذه الأيام أن أُحسن (إلى شعب لبنان) فلا تجزعوا " (زكريا 8 : 12 - 15). ويُكمل الرب ليقول لنا: " إنَّ أصوامكم ... ستكون مواسم ﭐبتهاج وفرح وأعياد سعيدة يتمتَّع بها شعب (لبنان)... وستأتي شعوب أيضًا وأفواج من سكان مدن كثيرة (إليكم)، وسكان واحدة يسيرون إلى أُخرى قائلين: لنذهب ذهابًا لنترضي وجه الرب ونطلب رب الجنود، أنا أيضًا أذهب، فتأتي شعوب كثيرة، وأُمم قوية، ليطلبوا رب الجنود في (لبنان) وليترضوا وجه الـرب، هكتذا قتال رب الجنـود: فـي تلـك الأيـام يُمسك عشـرة رجـال مـن جميـع ألسنـة الأُمم، يتمسَّكون بذيل (مؤمن من وسطكم) قائلين: نذهب معكم لأننا سمعنا أنَّ الله معكم " (زكريا 8 : 19 – 23). ﭐستقبل هذا الكلام من الرب في هذا اليوم، وتأمل فيه، وﭐسمح للروح القدس أن يُكلِّم قلبك.. وأنا أضع اليوم هذا التحدِّي أمامكم لكي نقوم بدورنا، ومن ثمَّ نرى الرب يفي بوعوده، لأنَّهُ ساهر على كلمته لكي يُجريها، ولا بدَّ أن تتم في الموعد الذي حدَّدُه.. وقد أصبحَ قريبًا !!! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لم يَرَ المسيح الجُرم بل رأي الصدق |
يُعد العنب الأحمر أحد أنواع العنب ذات القيمة الغذائية العالية |
عنب ، العنب ، مشتقات بذر العنب |
العنب |
حبة العنب |