رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
احترس من الانحدار التدريجي سهل جدًا أن يحس الإنسان بالسقطة الفجائية. أما الانحدار التدريجي الذي يستغرق زمنًا طويلًا، فقد لا يشعر به.. هذا بالذات يحتاج إلى سهر ويقظة. والشيطان -كما قال عنه البستان- فتال جبال، يصنع منها سباكًا لاصطياد الإنسان. وهو طويل البال جدًا. قد يضرب الإنسان أحيانًا ضربة واحدة في سرعة، وفد يدبر لإيقاعه في الخطية خطة تستغرق 5 سنوات، عشر سنوات أو أكثر.. يجذبه قليلًا، في الفكر والإرادة والشعور، بطريقة غير واضحة، حتى يسقطه، ويكون خلال هذه المدة الطويلة قد تغير وأصبحت حالته الداخلية تساعد على السقوط، أو يكون تغير، وأصبحت حالته الداخلية تساعد على السقوط، يكون السقوط مجرد خطوة بسيطة بالنسبة إلى ما سبقها. ربما خلال هذه الفترة يكون قد أبعده عن وسائط النعمة.. أبعده عن الإنجيل، على اعتبار أنه يعرف كل ما فيه! وأبعده عن الأجبية، لكيما يتفرغ لصلواته الخاصة القلبية! وأبعده عن الاجتماعات الروحية، حبًا في الوحدة والهدوء! أبعده عن القراءات الروحية، بحجة أن التأمل أفضل! وأبعده عن التناول، باسم التواضع، والشعور بعدم الاستحقاق! وربما أبعده عن الصلاة أيضًا، لانشغاله بخدمة الآخرين! حجج شيطانية، يوجد ردود عليها. ولكنها بطول الوقت تصل! وفى كل ذلك، تضعف حياة الإنسان من الداخل، وتكون الأرض ممهدة تمامًا، ليزرع فيها الشيطان ما يشاء من أفكار ورغبات.. ثم يضرب ضربته التي يريدها. إن وجدت نفسك هكذا، فانتبه جدًا لنفسك. وأنت لا يمكن أن تدرك هذا، إلا إذا كنت ساهرًا تراقب نفسك، وتفحصها جيدًا، في حزم، وبلا مجاملة ولا أعذار.. فإن شعرت أنك لست في حرصك القديم ولا في تدقيقك السابق.. إن شعرت أنك لست في حرارتك السابقة، ولا في محبتك الأولى، ولا في انضباطك، ولا في احتياطك، ولا في تمسكك بالوصية، ولا في ابتعادك عن الخطية.. وإن رأيت أنك اصبحت تسمح لنفسك بما لم تكن تسمح به من قبل، بحجة أن هذا لم يعد يعثرك، وذاك لم يعد يتعبك، وأنك لم تعد تتأثر بالعثرات إلتفت حينئذ إلى نفسك، وإعرف أن العدو قد جذبك إلى أسفل، وأنه قد أعد لك كمينًا..! بينما زمامك قد بدأ يفلت منك. إعرف أن الحرص أفضل، والسهر لازم، حتى للقديسين.. تذكر أن الخطية قد "طرحت كثيرين جرحى، كل قتلاها أقوياء" (أم 7: 26). وارجع إلى سهرك القديم على خلاص نفسك، إرجع إلى حرصك وخوفك.. واعرف أن الخطية يمكنك أن تنجو منها بالاتضاع، وليس بالمغامرة والمجازفة. ولا بد أن تسهر على خلاصك مهما إرتفعت وعلوت.. فداود النبى، مع وصوله إلى درجة النبوة، ومع حلول الروح عليه، لم يكن فوق مستوى الخطية أو السقوط! وكذلك كان سليمان مع كل ما وصل إليه من حكمة، ومع ظهور الله له أكثر من مرة..! (1مل 3: 5، 9: 2). تذكر في الانحدار التدريجي، مثال الإناء الساخن وكيف يبرد لنفرض أن إناء كان على النار، ونزل من عليها وهو ساخن جدًا. إنه لا يبرد دفعة واحدة، وإنما قليلًا، ببطء شديد، وبطريقة غير ملحوظة، بحيث لو وقفت إلى جواره، ولمسته من لحظة إلى الأخرى لا تجد فارقًا في حالته بين لحظة وأخرى. ومع ذلك فالبرودة تعمل فيه، حتى يأتي وقت يكون فيه قد برد تمامًا، هكذا في الحياة الروحية في طريقة الانحدار التدريجى التي تحتاج إلى سهر ويقظة لكي يلحظها الإنسان، ويحس أنه يبرد.. لذلك عليك أن ترقب فترات الفتور التي تمر بك.. إنها تحتاج إلى سهر كامل.. فإن وجدت نفسك غير ميال للصلاة أو العمل الروحي، لا تجعل هذا الشعور يطول معك. وكما قال مار اسحق: إن حوربت بالرغبة في النوم وعدم الصلاة، إغصب نفسك على نفسك على صلاة الليل وزدها مزاميرًا.. إذا استمر الفتور مع إنسان غافل، ربما ينتهى به إلى الخطية أما الذي يحافظ على سهره الروحي، فإنه يتغلب على الفتور ويعود إلى حرارته. كل إنسان روحى، مهما كان سارًا، معرض أن يغفو أحيانًا بسبب الضعف البشرى. وكما يقول الكتاب "الهفوات، من يشعر بها؟!" (مز 19: 12). ولكن هذا الساهر يتميز بأنه يصحو بسرعة، لأنه تعود اليقظة والصحو. فإن غفا قليلًا، يقوم مرتلًا مع المزمور "أنا أستيقظ مبكرًا" (مز 57) إنه يعود بسرعة إلى تسابيحه وصلته بالله.. يعود وهو يرتل "مستعد قلبى يا الله، مستعد قلبى" (57) "أنا اضطجعت ونمت ثم استيقظت، لأنك أنت معى" (مز3)، هكذا يعود بسرعة إلى قوته وروحياته كما رجع داود النبى، كأنه لم يسقط، بل رجع أقوى مما كان.. ما الفرق إذن بين سقوط إنسان ساهر، وسقوط الغافل والمتهاون؟ الفرق هو: الساهر: وضعه الأساسى هو الحرص على روحياته. والسقوط أمر عرضى، وعن ضعف، ويقوم منه بسرعة.. أما الإنسان الخاطئ المتهاون، فالخطية هى وضعه الأساسى، والسقوط ربما يكون برغبته أو موافقته، ويكون فيه خائنًا للرب وقد لا يقوم بسرعة، لوجود محبة الخطية في قلبه، وعجزه عن القيام، أو عدم رغبته في أن يقوم.. احترس يا أخى إذن من الفتور ومن الانحدار التدريجي، |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الانحدار الروحي والأدبي |
الانحدار الي أعلى |
شمشون وخطوات الانحدار |
هل يَصَل بك الانحدار إلى هذه الدرجة يا ألياشيب؟ |
الانحدار إلى المستوى الجسداني |