الرقة والحساسية
الإنسان الرقيق الإحساس، دموعه سهلة وقريبة..
أما الشخص القاسى، الشديد القلب، فدموعه عزيزة، ومن الصعب أن يبكى. وإن بكى هذا الشخص في يوم ما، فلابد أن يكون السبب الخارجى قويًا جدًا وخطيرًا، بحيث لم يستطع طبع هذا الإنسان أن يقاومه.
لذلك نجد أن الدموع عند المرأة قريبة جدًا أكثر مما عند الرجل..
لأن المرأة أكثر من الرجل بطبيعتها. ولكن إذا بكى الرجل، تكون دموعه أكثر عمقًا وأشد تأثيرًا.
كذلك إن بكى الطفل أوالصبى، يكون هذا شيئًا طبيعيًا، شيئًا عاديًا في طبعه. أما إذا بكى رجل كبير السن، فإن دموعه تكون أغلى وأوقع، ولها أسباب أشد وأعمق، بحيث لم يستطع هذا الكبير أن يضبط نفسه..
الإنسان الرقيق يتأثر بأقل شيء، وتسيل دموعه بسرة وتلقائية..
وهى دموع طبيعية لا تصنع فيها، لأن مشاعره الحساسة تتأثر بسرعة، سواء بما يخصه أو يخص غيره.. وهناك أمور عديدة تهز القلب، بالنسبة إلى أصحاب المشاعر الرقيقة، بينما لا تؤثر في غيرهم من أصحاب القلوب الجامدة أو القاسية، أو من الذين لهم قوة السيطرة على مشاعرهم، أو الحرص على إخفائها..
الدموع والقسوة لا يتفقان..
إلا إذا صدمت القاسى بأسباب أقوى من قسوته، فهرته من الداخل وانهار أمامها..! تمامًا كما
حدث لعيسو، حينما صدم بضياع البركة منه بحيلة من أخيه.. ولم يحتمل الصدمة فصرخ باكيًا (تك 27: 34، 38).
على أن بكاء القاسى شيء مؤقت.
وهو أيضًا شيء غير طبيعى.. أما بكاء الإنسان الرقيق فهو أمر طبيعى، ومتكرر ومحتمل الحدوث في أي وقت، لسبب داخلى أو خارجى..
لهذا، فإن الذي يحب الدموع، ويرغب في اقتنائها، عليه أن يقتنى رقة الطبع أولًا
إن لم يكن رقيق الأحاسيس بطبيعته، فعليه أن يقتنى هذه الرقة ويبحث عن أسبابها، ويدرب نفسه عليها..وطبيعى كلما اقترب الإنسان إلى الله كلما رقت مشاعره.. وكلما عاشر رقيقى الطبع، كلما تعلم منهم رقتهم.. كذلك علية أن يبتعد عن الأسباب التي تؤدى إلى شدة الطبع وقساوة القلب وهى كثيرة..