شيطان المشغولية
وإن أردت أن تجلس مع نفسك وسط كل ذلك:
قد لا يمنعك الشيطان، بل يقول لك: (وأنا أيضا سأجلس معك، حتى إن وقفت سأقف معك أساعدك). وهكذا يذكرك بعشرات الموضوعات التي يسرح فيها عقلك، وتعاود التفكير فيها وتجد أنك لا تصلى، ولا تجلس مع الله أثناء جلوسك مع نفسك. فما زلت في مشغولياتك! ولماذا؟
لأن المشغوليات استقرت في عقلك الباطن، وتعمل فيه.
لم تعد فقط مشغولا من الناحية العملية، ومن جهة الوقت، وانما من جهة الفكر أيضا. كل ما يشغلك دخل إلى عقلك، وإستقر فيه، واحتل بؤرة اهتمامك. وإن حاولت، في فترات متقطعة أن تخلو إلى ذاتك، تخرج من عقلك الباطن صور وأخبار وموضوعات تشتت ذهنك، وتجذبك إليها، فما أسرع أن تنجذب، وتظل الكرة تتدحرج.. حتى في وحدتك وخلوتك، يمكن أن يربكك الشيطان، ويسرح بك في ميادين متنوعة لكي يشتت تفكيرك، ويدخلك في طياشة الفكر.
عالم مشغول، وسيظل مشغولا، إلى أن تأتى الأبدية.
الكل يدور في دوامته. والشيطان يجهز لكل إنسان الدوامة التي تناسبه، والتي يتحرك فيها بلا توقف، ويظل يتحرك، إلى أن يأتي الموت، فيسحبه منها، على الرغم من إرادته والعجيب أنه ربما يوجد أشخاص في ساعات الموت، يكونون مشغولين بأمور أخرى بعيدة عن خلاص أنفسهم! ويخيل إلى أنه حينما تأتى الساعة الأخيرة، ساعة الأبدية ويأتي السيد المسيح في مجيئه الثانى ويبوق الملائكة بالبوق، يكون الناس لا يزالون منهمكين في مشغولياتهم متعلقين بها، لا يحاولون الفكاك منها، ولا يريدون.. عجيب أن يظل الناس في مشغولياتهم حتى أتاهم الموت يجدهم مشغولين لا يخرجون من دواماتهم!!
كل منهم، يحب داومته التي يحركها، أو التي تحركه! عالم مشغول. متى تراه سيفرغ من هذه المشغولية، ويعطى ولو جزاءا من وقته لله؟ متى؟ يحصل على فتره هدوء أو سكون يقضيها في التأمل ، لأجل راحته النفسية وراحته الروحية؟