الغضب
الغضب طاقة، مهما أستخدمه الإنسان كخطية.
* يعتبر خطية إن أخذ طابعًا جسدانيًا نفسانيًا.
جسدانيًا: إن تحول إلى نرفزة، بتوتر الأعصاب وثورتها، وعلو الصوت وهياجه، وعدم انضباط الملامح والحركات، مع أخطاء اللسان وعنف وقساوة الألفاظ.. ونفسيًا من حيث الغيظ والكراهية، والانتقام للنفس، وثورة القلب والفكر بأسلوب غير روحي، وربما يصل إلى أخطاء أشنع كالشتائم والإهانات وجرح إحساس الآخرين أو إلى الضرب..
* ومع ذلك فالغضب طاقة يمكن استخدامها للخير.
وقد شرحت لكم في كتابي عن (الغضب) كيف يكون الغضب أحيانًا غضبًا مقدسًا.. وكيف أن موسى النبي الذي قيل عنه "وكان الرجل موسى حليمًا جدًا، أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض" (عد12: 3).. موسى هذا لما رأى الشعب يعبد العجل الذهبي، "حمى غضبه"، وأخذ هذا العجل الذهبي، وحرقه بالنار، وطحنه حتى صار ناعمًا، وذراه، وانتهر هرون رئيس الكهنة ووبخه (خر32: 19-21).
إذن الطاقة الغضبية يمكن تحويلها إلى الخير.
ونلاحظ أن يوحنا كاسيان كتب بابًا عن الغضب في كتابه (المعاهد) وشرح فيه أقوال الآباء في شرح الآية "اغضبوا ولا تخطئوا" (مز4). وقال في ذلك:
يمكنكم أن تغضبوا ولا تخطئوا، إذا غضبتم على خطاياكم.
أي أن الإنسان إذا غضب على خطاياه ونقائصه وضعفاته وسقطاته، لا يكون مخطئًا أثناء غضبه،كما أن هذا الغضب المقدس يقوده إلى أنه لا يخطئ في المستقبل. وهكذا يكون قد قام بتوجيه الطاقة الغضبية في اتجاه سليم، ضد نفسه، لإصلاح نفسه وليس ضد غيره..
ألا يدخل في هذا قول الرب أيضًا "إن كانت عينك اليمنى تعثرك، فاقلعها والقها عنك" (مت 5: 29).
نحن لا نحطم الطاقة الغضبية، إنما نحسن توجيهها.
الطاقة الغضبية يمكن أن تنتج الحماس، والغيرة المقدسة، والنخوة. وإن تحطمت، صار الإنسان خاملًا.
بها يغضب الإنسان على الشر، كما غضب فينحاس الكاهن، وطوبة الرب وكافأه" (عد25: 6-13). وكما غضب داود ووقف ضد جليات يقاومه. وأراح الأرض من غروره وتحدياته(1صم17: 26-51).
ولا يمكن للإنسان الروحي أن يرى الشر أمامه، ولا يتحرك قلبه من الداخل! فقد قيل عن القديس بولس الرسول إنه لما ذهب إلى أثينا "احتدت روحه فيه إذ رأى المدينة مملوءة أصنامًا" (أع17: 16).
ولكن إذا غضب الإنسان من أجل هدف روحي، ينبغي أن تكون وسيلته روحية.
لأن الهدف المقدس تناسبه وسيلة مقدسة. فلا يشتم، ولا يتكبر ويتعالى على غيره، ولا يتجاوز حدوده ولا ينساب لسانه أو قلمه بغير انضباط وفى أسلوب خارج عن الأدب واللياقة..!! وهكذا كما وجه هدف الغضب توجيها مقدسًا، يوجه وسيلته أيضًا توجيهًا مقدسًا..