مهما بدا أنه تأخر
الله لا يتأخر مطلقًا. عبارة "تأخر" هنا لها معني نسبي، بالنسبة إليك! وكذلك عبارة "لا تبطئ" (مز 69). أي لا تجعلني أشعر أنك قد أبطأت علي وتأخرت!
إن الله يعمل بطريقة هادئة متزنة، قد نحسبها نحن بطئًا.
كلأ أعمال الله تكون في وقتها المناسب. لا سرعة فيها ولا تأخير. وتوقيتها محسوب بحكمة إلهية عجيبة، بكل دقة.
لقد وعد الله آدم وحواء بالخلاص.. ومرت آلاف السنوات..
قال لهما أن نسل المرأة سوف يسحق رأس الحية. ومرت آلاف السنوات، والحية لا تزال رافعة رأسها في شموخ! وبدا أن نسل المرأة في انهيار ستمر.. حتى أن الله اغرق العالم بالطوفان، وأحرق سادوم بالنار، وأمر الأرض أن تفتح فاها لتبتلع قورح وداثان وأبيرام.. وبقي وعد الله قائمًا..
هلك هذا النسل. ولو!! لنا رجاء في نسل آت للخلاص..
كان الرجاء معلقًا في أولاد نوح. أفسد أغلبهم؟! يبقي الرجاء في أولاد إبراهيم. أفسد أغلبهم؟ يبقي الرجاء في أولاد يعقوب.. لابد سيحقق الله وعده بالخلاص.. ومهما انتظر سمعان الشيخ طويلًا، لابد سيأتي عليه الوقت الذي يقول فيه -وهو يحمل المسيح- "الآن يا رب تطلق عبدك بسلام، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك" (لو 2: 29، 30)،حتى المرأة السامرية -علي الرغم من كثرة خطاياها- لم يفارقها مطلقًا هذا الرجاء في مجيء المسيح، المسيح، لذلك قالت: "أنا أعلم أن مسيا، الذي يقال له المسيح، يأتي.."(يو 4: 25).
وكثيرون رقدوا قبل أن يبصروا الخلاص. ولكن رقدوا علي رجاء..
وفي ذلك يقول معلمنا القديس بولس الرسول: "في الإيمان مات هؤلاء أجمعون وهم لم ينالوا المواعيد. بل من بعيد نظروها، وحيوها وأقروا بأنهم غرباء ونزلاء علي الأرض" (عب 11: 13). هؤلاء رتلوا مع المزمور "لأنك لن تترك نفسي في الجحيم، ولن تدع قدوسك يري فسادًا" (مز 16: 10). وفي كل ذلك سنسأل سؤالًا هامًا وهو:
هل حقًا تأخر الله في تنفيذ وعده بخلاص العالم؟
كلا، إنه لم يتأخر الوقت علي الرغم من مرور آلاف السنين. بل انه كان يعد البشرية لاستقبال هذا الخلاص.. يعدهم بالنبوات وبالرموز وبالتوبة وبالإيمان. كم من الذبائح والمحرقات قدموها، حتى صارت عقيدة الكفارة والفداء راسخة في أذهانهم، وصارت المغفرة بالدم أمرًا سهلًا مقبولًا.. وانتظر الرب حتى أصبح الإيمان أذهانهم، وصارت المغفرة بالدم أمرًا سهلًا.. وانتظر الرب حتى أصبح الإيمان ممكنًا، حتى وسط الأمم. وانتظر الرب حتى يوجد المعمدان الذي يعد الطريق قدامه وحتى توجد العذراء الطاهرة التي تكون إناء للتجسد، والتي تقدر علي احتمال ذلك المجد العظيم.إذن لم تكن مرحلة تأخير، إنما مرحلة إعداد تقوي الرجاء.. ونفذ الله وعده الذي لم ينسه مطلقًا خلال آلاف السنين، بل كان يمهد له.. وأخيرًا استطاع نسل المرأة أن يستحق رأس الحية (تك 3: 15). وتم فعلًا ما قاله لأبينا إبراهيم: "بنسلك تتبارك جميع قبائل الأرض" (تك 22: 18، أع 3: 25).
لقد خلصهم "في ملء الزمان" (غل 4: 4)