رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
" ٱحترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قُدَّام الناس لكي ينظروكم، وإلاَّ فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات، فمتى صنعتَ صدقة، فلا تُصوِّت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الأزقة، لكي يُمجَّدوا من الناس، الحقَّ أقول لكم أنهم قد ٱستوفوا أجرهم، وأمَّا أنتَ فمتى صنعتَ صدقة، فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك، لكي تكون صدقتك في الخفاء، فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانيةً... وأمَّا أنتَ فمتى صلّيت، فٱدخل إلى مخدعك وٱغلق بابك، وصلِّ إلى أبيك الذي في الخفاء... لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ... بل ٱكنزوا لكم كنوزًا في السماء... ". (متى 6 : 1 – 20). لا تعرف شمالك ما تفعل يمينك !!! ما أصعب أن نخدم الله في الخفاء.. ما أصعب أن نُساعد الناس في الخفاء.. ما أصعب أن لا يُشجِّعنا أحد على ما نقوم به سوى الله وفي الخفاء.. ما أصعب أن نقوم بما يُطلب منَّا دون توقُّع مكافآت أو إطراء.. ما أصعب أن لا يُعيرنا من هم حولنا الاهتمام اللازم.. ما أصعب أن لا نُقدَّر من الناس.. ما أصعب أن نضع مبلغًا في سلَّة العطايا لشخص محتاج دون أن يعرف من نحن.. ما أصعب أن نُصلِّي لشخص ما يمر في ضيقة دون أن نُخبره.. وما أصعب أن نساهم في ربح النفوس دون أن يعرف أحد.. وما أصعب.. وما أصعب.. وما أصعب.. أن.. وأن... لكـــن.. جواب الرب على هذه الصعوبات التي نُطلقها.. واحد: لا تعرف شمالك ما تفعل يمينك !!! إعمل في الخفاء.. وأنا أُجازيكَ علانيةً.. لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض.. بل في السماء.. ووصيَّة الرب لنا: يا ٱبني ٱعطني قلبك... (أمثال 23 : 26). قلبك.. وليسَ أعمالك.. هذا ما يُريدهُ الرب منَّا في هذا اليوم.. وقت ذهبي وثمين يُريدنا الرب أن نُمضيه مع كلمته، ومع الروح القدس في هذا اليوم، لكي يفحص دواخلنا، ويفحص دوافعنا التي تقف وراء كل ما نقوم بهِ من أجله، ومن أجل الآخرين.. والهدف من ذلكَ، لكي لا نكنز كنوزًا على هذه الأرض، فيفسدها السوس ويسرقها السارقون، فيضيع أجرنا، بل لكي نكنز كنوزًا في السماء، فيبقى أجرها مدى الحياة الأبدية !!! جميعنا نخدم الرب، ونعمل من أجل ٱمتداد الملكوت، وخلاص النفوس، ومساعدة الناس في معاناتهم ووجعهم.. لكن السؤال يبقى، ما هوَ هدفنا من كل ذلك؟ وسأساعدك اليوم لكي تفحص دوافعك، بقيادة الروح القدس، من خلال رسالته لنا اليوم، لكي يُنقِّي كل دوافع غير نقية، فلا يمضي عمرك على هذه الأرض، وتذهب لتقف أمام كرسي المسيح، وتتفاجأ أنَّ النار.. نار ٱمتحان كل ما قمتَ بهِ، قد أحرقت عملك، فتخلص أنت، وأمَّا أعمالك فتحترق كلها، ويضيع أجرك !!! نبَّهنا الرسول بولس، بصراحة واضحة من هذا الأمر الهام جدًّا، عندما قال: " ولكن إن كانَ أحد يبني على هذا الأساس، ذهبًا، فضةً، حجارةً كريمةً، خشبًا، عشبًا، قشًّا، فعمل كل واحد سيصير ظاهرًا، لأنَّ اليوم سيُبيّنه، لأنَّهُ بنار يُستعلن، وستمتحن النار عمل كل واحد ما هوَ، إن بقيَ عمل أحد قد بناه عليه، فسيأخذ أُجرة، إن ٱحترقَ عمل أحد، فسيخسر، وأمَّا هوَ فسيخلص، ولكن كما بنار ". (1 كورنثوس 3 : 12 – 15). نعم.. الخلاص من العذاب الأبدي، هوَ خلاص مجَّاني للجميع دون ٱستثناء، على حساب دم الرب يسوع المسيح، ولا يستطيع لأحد مهما قامَ بأعمال ومهما كانت دوافعهُ، أن يحصل على هذا الخلاص بسبب هذه الأعمال، فالكل متساوون أمام الله في هذا المجال.. خلاص مجاني على حساب دم الرب يسوع المسيح.. أمَّا وكما يقول بولس، فالبناء على هذا الأساس أي على خلاص الرب المجاني.. فهذا ما ستمتحنهُ نار الرب، عندما نقف أمام كرسيه، لكي نؤدِّي حسابًا عن كل ما قمنا بهِ على هذه الأرض.. ذهبًا، فضة.. حجارة كريمة.. ننال أجرًا ومكافأة عليها في السماء.. لأنَّ النار لا تستطيع أن تحرقها.. خشبًا، عشبًا، قشًّا.. سنخسر أجرنا ولن ننال مكافأة عليها في السماء.. لأنَّ النار ستحرقها.. ما مغزى هذه التشبيهات التي أعطاها بولس الرسول؟ ببساطة مُطلقة.. الذهب والفضة والأحجار الكريمة صغيرة الحجم.. لكنها كبيرة القيمة وغالية الثمن.. صغيرة الحجم بحيث لا يراها الناس بسهولة.. بل يراها الله في الخفاء ويُجازي عليها علانيةً.. صغيرة الحجم.. لكنها صلبة لا يُمكن للنار أن تحرقها.. إنها العطاء في الخفية.. لا تعرف اليد اليسرى ما فعلتهُ اليمنى.. إنها الصلاة في الخفية للناس دون تمنينهم وجعلهم مديونين لنا.. إنها العمل لربح النفوس دون التطبيل والتزمير لكي يشاهد الناس ما قمنا بهِ.. إنها العمل لامتداد الملكوت بنشاط وبصمت.. دون توقُّع إطراء القادة والناس لما نقوم به.. إنها الدوافع النقية بكل ما لهذا الكلام من معنى !!! أمَّا الخشب والعشب والقش.. فهيَ كبيرة الحجم.. لكنها قليلة القيمة.. كبيرة الحجم بحيث يراها الناس بسهولة.. فننال منهم التمجيد والإطراء.. هيَ مكاسب هشَّة لأنها تحترق بسرعة وبسهولة.. إنها الأعمال التي نُطبِّل ونُزمِّر أمام الناس عندما نقوم بها.. إنها العطاء أمام الناس لكي يروا ما نقوم بهِ.. إنها العمل لربح النفوس وٱمتداد الملكوت.. لكن ليسَ إلاَّ من خلالي، وإلاَّ لن أكون راضيًا.. إنها الأعمال التي أقوم بها ولا أرضى إلاَّ أن أنال المديح والإطـراء مـن الناس بسببها.. إنها الدوافع غير النقية بكل ما لهذا الكلام من معنى !!! أسئلة نوجهها اليوم لأنفسنا، قد تُجنِّبنا ٱمتلاك الخشب والعشب والقش التي لا بدَّ أن تحرقها النار: - عندما تصلي لشخص مريض أو محتاج أو يمر بأزمة، ما هوَ هدفك؟ أن تُمنِّن الله بأنك تقوم بواجبك؟ أن تُمنِّن ذلكَ الشخص بأنك صليت من أجله؟ أن تضمن مكافآت في السماء؟ أم يهمك أن يُشفى ذلكَ الشخص ويُسد ٱحتياجه ويخرج من الأزمة، حتَّى ولو لم يعرف أحد بصلاتك؟ - هل يهمك خلاص نفس شخص تُحبه كثيرًا، لكي ينجو من النار والعذاب الأبديين كائنًا من يكن من بشره؟ أم لا تريده أن يخلص إلاَّ من خلالك؟ من خلال نبذة كتبتها أنت وليس سواك؟ من خلال كلام تقوله لهُ أنت وليسَ أحد سواك؟ - هل يهمك نجاح الخدمات في الكنيسة، كائنًا من يكن يقف وراء هذا النجاح؟ أم أنَّ المعادلة المسيطرة عليك هيَ: أنهُ ينبغي أن تنجح الأمور من خلالك فقط؟ لا بل أكثر.. هل يُغيظك إكرام أشخاص قاموا بعمل بسيط، أدَّى إلى نجاح خدمة معينة، في الوقت الذي ساهمت أنتَ بتضحيات ضخمة لإنجاح هذا العمل، لكن في الخفية، ولم تنل إطراء أي قائد أو أي شخص من حولك؟ سأكتفي بهذا القدر من الأسئلة، تاركًا للروح القدس لكي يكشف لكَ أمورًا أخرى.. وتعالَ نتعلَّم معًا من كلمة الله بعض الدروس المفيدة: دوَّن لنا الرسول بطرس هذه الكلمات الذهبية: " وكم فتَّشَ الأنبياء قديمًا وبحثوا عن هذا الخلاص، فهم تنبأوا عن نعمة الله التي كانَ قد أعدَّها لكم أنتم، وٱجتهـدوا لمعرفـة الزمـان والأحـوال التـي كانَ يُشير إليها روح المسيح الذي كانَ عاملاً فيهم... ولكنَّ الله أوحى إليهم أنَّ ٱجتهادهم لم يكن لمصلحتهم هُمْ، بل لمصلحتكم أنتم " ( 1 بطرس 1 : 10 – 12). من هُم هؤلاء الذين قاموا بهذا العمل؟ بولس الرسول يُخبرنا من هُمْ: " في الإيمان ماتَ هؤلاء أجمعون، وهُمْ لم ينالوا المواعيد... وآخرون عُذِّبوا ولم يقبلوا النجاة... وآخرون تجرّبوا في هزء وجلد، ثم في قيود أيضًا وحبس، رُجموا، نُشروا، جُرِّبوا، ماتوا قتلاً بالسيف، طافوا في جلود غنم، وجلود معزى، مُعتازين مكروبين مُذلّين، وهُمْ لم يكن العالم مستحقًا لهم، تائهين في براري وجبال ومغاير وشقوق الأرض، فهؤلاء كلهم مشهودًا لهم بالإيمان، لم ينالوا الموعد " (عبرانيين 11 : 13 – 39). كلام صعب وكبير.. من يستطيع سماعه وتحمله !!! هل هكذا ستكون ردَّة فعلنا عندما نقرأ هذا الكلام؟ ٱجتهدوا.. عُذِّبوا.. تجرّبوا في هزء وجلد وقيود وحبس.. رُجِموا.. نُشِروا.. ماتوا قتلاً بالسيف.. طافوا في جلود غنم وجلود معزى.. مُعتازين مكروبين مُذلّين.. تائهين في براري وجبال ومغاير وشقوق الأرض.. والأهم من كل ذلكَ.. أنهم لم ينالوا هُمْ الوعد.. بل أنَّ كل ما قاموا به، لم يكن لمصلحتهم هُمْ، بل لمصلحتكم أنتم !!! أينَ نحن من هذا الكلام؟ هل تعرضتَ لواحدةٍ فقط، ممَّا تعرضوا لهُ هُمْ، ولم تستفد أنتَ شخصيًا من ذلكَ بل أشخاص آخرين ٱستفادوا.. وبالرغم من ذلكَ فرحت وتمتعت وقلت: لقد تحقق هدفي؟ سؤال كبير سأتركهُ بينَ يديك.. هذه هيَ الدوافع النقيَّة.. هذه هيَ المحبة الحقيقية والعملية، التي لا تطلب ما لنفسها بل ما للآخرين.. كلمات أخرى من فم الله: " وكان رجل في أورشليم ٱسمه سمعان... وكان قد أُوحيَ إليه بالروح القدس، أنَّهُ لا يرى الموت، قبل أن يرى مسيح الرب، فأتى بالروح إلى الهيكل، وعندما دخل بالصبي يسوع أبواه، ليصنعا لهُ حسب عادة الناموس، أخذهُ على ذراعيه وبارك الله وقال: الآن تُطلِق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام، لأنَّ عينيَّ قد أبصرتا خلاصك " (لوقا 2 : 25 – 30). سمعان الشيخ.. كانَ لهُ هدف واحد: أن يُبصر خلاص الله يتحقَّق للبشرية.. وعندما أبصرهُ قالَ لله: الآن تُطلق عبدك بسلام !!! ليسَ التمني أن أعيش لكي أخدم الرب وأُساهم في إيصال خلاصه للنفوس الضائعة هوَ بالأمر السيء.. بل على العكس تمامًا، هوَ أمر مطلوب منَّا القيام بهِ، لكن ما أريد أن ألفت ٱنتباهكم إليه، هوَ الدافع الذي يقف خلف ذلك.. هل هوَ كدافع سمعان الشيخ؟ خلاص النفوس.. سواء تحقق ذلك من خلاله، أو من خلال آخرين؟ أم هوَ دافع مشكوك بأمره.. أريد خلاص النفوس، لكن من خلالي أنا فقط، ولأهداف يعرفها الرب وحده، فاحص القلوب ومُختبِر الكلى؟ لأنَّ كل طرق الإنسان نقيَّة في عيني نفسه، والرب وازن الأرواح " (أمثال 16 : 2). نعم.. هوَ وحدهُ من يفحص الدوافع، فلنعطهِ المجال في هذا اليوم ليفعل ذلكَ.. ما أصعب الأنا.. وما أكبر تمحورنا حولَ ذواتنا.. ولسان حالنا في كل ما نقوم بهِ: ماذا عنِّي؟ ماذا عنِّي؟ ماذا أستفيد من كل ما أقوم بهِ؟ ولسان حال الرب: " ليس لأحد حب أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه " (يوحنا 15 : 13). وأخيرًا سأضع بينَ يديك هدفين ثمينين، ينبغي أن يكونا محور حياتك مع الرب، من خلالهما تستطيع أن تحكم على دوافعك بطريقة سليمة: الهدف الأول: أن أقوم بكل شيء، طاعةً لوصايا الرب وتوجيهاته، ولمجد ٱسمه وحده، وليس لمجدي الشخصي. الهدف الثاني: أن أقوم بكل شيء، من أجل مساعدة الآخرين، وليسَ من أجل منفعتي الشخصية ومن أجل الحصول على المديح والإطراء ولفت الأنظار. واليوم إن تجاوبتَ مع رسالة الروح القدس لكَ، وجعلتهُ يفحص دوافعك ويُنقيِّها، وووضعتَ نصب عينيك، الهدفين اللذين ذكرتهما لكَ، سيحرق الرب كل خشب وعشب وقش موجودين في حياتك، لكي لا تأخذهم معك، عندما ستقف أمام كرسيه، حيث لا ينفع الندم عندها، فتخسر أجرك دون أي تعويض.. وسيملأ الرب حياتك بالذهب والفضة والحجارة الكريمة، لكي تأخذها معك عندما تقف أمام كرسيه، فتنال أجرًا كبيرًا.. والأهم من كل ذلكَ، أنكَ ستحيا ما تبقَّى من عمرك على هذه الأرض، وهمَّك الوحيد أن تُطيع الرب، وتُضحِّي بكل ما لديك، من أجل منفعة الآخرين، فتُثمر للرب ثمر يدوم.. وترى نفوس كثيرة تُخطف من النار الأبدية وتأتي إلى ملكوت الله.. لا تحاول أن تُنقِّي وتُغيِّر دوافعك بقوتك الشخصية، بل سلِّم نفسك اليوم للروح القدس، ودعهُ يفحص دوافعك، ويساعدك لكي تفعل ما يقولهُ هوَ لك. |
|