رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أنواع من المعرفة هناك معرفة حسية تأتى عن طريق الحواس، يعرفها الناس بالنظر، أو باللمس، أو بالشم، أو بالسمع. وهناك معرفة تأتى عن طريق العقل، يعرفها بالدراسة أو الاستنتاج. وهناك معرفة هي نوع من الكشف الإلهي أو الإعلان الإلهي: يكشف بها الرب لقديسيه ما يريد لهم أن يعرفوه. وذلك بواسطة الروح القدس الذي قيل عنه في سفر إشعياء النبي (روح الحكمة والفهم.. روح المعرفة) (أش 11: 2) وهى التي كان يطلبها المرتل في صلواته قائلا (عرفني طرقك فهمني سبلك). إنها أعظم معرفة، هذه التي نقول عنها في القداس الغريغورى (أعطيتني علم معرفتك) هذه أيضًا التي قال عنها السيد المسيح في مناجاته للآب (هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك..) (يو 17: 3) وقال أيضًا "أيها الآب البار إن العالم لم يعرفك، أما أنا فقد عرفتك" (يو 17: 25) وقال عن تلاميذه في منحه لهم لهذه المعرفة الإلهية (عرفتهم اسمك وسأعرفهم، ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به، وأكون أنا فيهم) (يو 17: 26) إذن هي المعرفة التي تقود إلى محبة الله، وإلى سكناه فينا. العالم شغوف أن يبحث عن المعرفة التي تعطيه فكرة عن القمر والكواكب، بسفن الفضاء التي تكلفه أموالا طائلة جدا . ولكن ليس بنفس الشوق إطلاقا إلى معرفة الله.. إنه يسعد جدا أن أحضر بعض حجارة من القمر، أو بعض صور، لأنها تعطيه بعض المعرفة عن الطبيعة التي من خلق الله دون أن يسعد بمعرفة الله ذاته.. ونفس الكلام يقال عن كثير من الاكتشاف التي يقوم بها الإنسان.. وهناك معرفة تأتى من الآخرين. عن طريق الكتب، أو صحف، أو الأفلام، أو وسائل الإعلام المتعددة.. ومعرفة تأتى عن طريق الأصدقاء أو الزملاء.. وهناك معرفة تأتى عن طريق الشيطان. إما يلقيها إلى أذهان الناس، كما فعل مع حواء. وقد يلقى الشيطان معرفة ما عن طريق فكر أو حلم أو بواسطة أحد جنوده.. وقد تكون معرفة كاذبة. أو قد تكون صحيحة، ولكنه لم يستغلها من أجل غرض سيء.. وربما يسعى الإنسان بنفسه ليحصل على معرفة من الشيطان عن طريق السحر، أو استشارة الموتى أو الأرواح، أو بطرق عديدة.. هذا الذي نهى عنه الوحي الإلهي بقوله (لا يكن فيك من يعرف عرافة، ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر، ولا من يسأل جانا أو تابعة، ولا من يستشير الموتى. لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب) (تث 18: 10، 11) ومن أمثلة من وقعوا في هذا الأمر شاول الملك، حينما طلب المعرفة عن طريق صاحبة جان كانت عرافة في عين دور (1صم 28: 7) ومن أمثلة هؤلاء أيضا: من يلجئون إلى المنجمين، وإلى قارئي الكف والفنجان، وإلى ضاربي الرمل، وإلى استشارة الأرواح عن طريق التنويم المغناطيسي أو البندول، وما أشبه.. من الأمور التي وصفها الرب بأنها رجس الأمم (تث 18: 9، 12). ما الذي تعرفه من يقينية هذه الأخبار، أو مدى استخدامها للضلالة..؟! اعرف جيدا أن الشيطان إن أعطاك معرفة ما، لا يعطيها لك مجانا، أو بدون مقابل. ولا يعطيها بدون هدف شيطاني يريد الوصول إليه للإضرار بك، أو لجعلك تحت سلطانة أو تحت إرشاده.. نوع آخر من المعرفة هو أن تعرف نفسك. هذه الحكمة التي دعا إليها سقراط الفيلسوف: (اعرف نفسك). وما أعظم الفوائد التي تحصل عليها من معرفة النفس. تعرف أنك تراب ورماد، لكي تتضع. وتعرف خطاياك لكي تندم وتتوب وتنسحق. وتعرف طبيعتك وحروبك، لكي تنجو منها. بل تعرف مواهبك، لكي تستخدمها لتمجيد الله. معرفة أخرى هي أن تعرف كتاب الله وصاياه كما قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس (وأنت منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص بالإيمان) (2تى 3: 15) هذا الكتاب الذي هو (نافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر) (2تى 3: 16) وهو الذي بمعرفته تعرف طريق الرب، وتعرف كيف سار فيه القديسون. وبهذه المعرفة تدخل إلى الحكمة والتمييز. وتعرف ما هو الخير لك، وتميز طريق الله وضلالة الشياطين وحيلهم. بل إن عرفت هذا (تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا) (1تى 4: 16). وبهذه المعرفة تميز بين الأرواح. كما قال القديس يوحنا الرسول (لا تصدقوا كل روح. بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله. لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم) (1يو 4: 1). أيضا أعرف غيرك، لكي تعرف كيف تتعامل معه. وهذا كما ينطبق في محيط الصداقة، وفي محيط العمل والحياة الاجتماعية، ينطبق أيضًا في محيط الأسرة. حيث يعرف كل من الزوجين طبيعة شريكه في الحياة وكيفية التعامل معه. بل ويعرف نفسية الطفل وكيف يعامله. وفي الحياة الاجتماعية يعرف نفسية المعاق، ونفسية العاقر، ونفسية المراهق، وكيف يتعامل مع كل هؤلاء.. اعرف الله. واعرف أنه يراك حيثما كنت. ويعرف أفكارك ونياتك وشهواتك وخطاياك، لكي يدركك الخجل من كل فكر شرير ومن كل شهوة بطالة. بل ضع أمامك العبارة التي كررها الرب في كل رسائله إلى ملائكة الكنائس السبع التي في آسيا: (أنا عارف أعمالك) (رؤ 2، 3) وبهذه المعرفة تدخل إلى قلبك مخافة الله.. اهتم بمعرفة الحق. وإن عرفته اتبعه. وما أجمل قول داود النبي في المزمور الكبير (اكشف عن عيني، لئلا تعاينا الأباطيل) (مز 119) وحاول أن تعرف أيضًا احتياجات الناس، لكي تدبرها لهم. وأن تعرف طريق الخلاص، لكي تمشى فيه، وتقود الناس إليه. واحترس من المعارف التي فوق مستواك. التى قال عنها أيوب النبي (قد نطقت بما لم أفهم. بعجائب فوقى لم أعرفها) (أى 42: 3) فكثير من الناس يبحثون في الإلهيات فوق مستواهم فيضلون.. وكثيرون يبحثون في أمور خاصة بعالم الأرواح فتضل أفكارهم.. أما أنت فتواضع.. وابحث عن الأمور التي توصلك إلى خلاص نفسك. |
|