منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 13 - 05 - 2012, 02:48 PM
الصورة الرمزية tito227
 
tito227 Male
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  tito227 غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 17
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 2,845

أنصاف الحقائق
بقلم: البابا شنودة الثالث

أنصاف الحقائق  بقلم: البابا شنودة الثالث  اغسطس 2006
ليس في أنصاف الحقائق أي إنصاف للحقائق‏..‏ فهي علي الرغم من ظاهر صدقها‏,‏ لا تعطي مفهوما كاملا للحقيقة كما هي‏,‏ ولذلك حسنا أنه في الشهادة أمام المحكمة‏,‏ ينص القسم الذي يقوله الشاهد علي أنه يقول الحق كل الحق ولا شيء غير الحق‏..‏ وعبارة‏(‏ كل الحق‏)‏ لها معناها بلا شك‏.‏



وكمثال أنصاف الحقائق أنني في بدء رهبنتي ـ وأنا أتأمل في حياة الاتضاح ـ كتبت هذه الأبيات‏:‏


يا تراب الأرض يا جـدي وجـد الناس طـرا

أنت أصلي أنت يا أقدم من آدم عـمرا

ومصيري أنت في القبر إذا وسـدت قبرا


فلما تقدمت في حياة الروح‏,‏ غيرت رأيي وقلت‏:‏

ما أنا طين ولكن‏..‏ أنا في الطين سكنت

لست طينا أنا روح‏..‏ من فم الله خرجت

وسأمضي راجعا لله أحيا حيث كنت


وفي مجموعتي الأبيات هاتين تظهر أنصاف الحقائق‏,‏ فالإنسان ليس مجرد إنسان مخلوق من تراب الأرض وحده‏,‏ ولا هو مجرد روح من عند الله‏,‏ إنما هو مكـون من الجسد والروح كليهما معا‏.‏


موضوع‏(‏ أنصاف الحقائق‏)‏ كما ينطبق علي الكلام‏,‏ كذلك ينطبق علي الحياة العملية أيضا‏,‏ وسنقدم لذلك الكثير من الأمثلة‏:‏


ففي محيط الأسرة‏,‏ يحدث الطلاق أحيانا‏,‏ وكل من الزوج والزوجة يلقي السبب في ذلك علي الطرف الآخر‏.‏ فالزوجة تقول إن سوء معاملته لي هي السبب‏,‏ بينما يقول هو إن تصرفاتها الخاطئة كانت تثيرني باستمرار‏,‏ علي أن هذه الاتهامات المتبادلة بين الطرفين تمثل نصف الحقيقة‏.‏ أما النصف الثاني الأساسي‏,‏ فهو أن المحبة المتبادلة التي كانت بينهما والتي كانت هذ الدافع إلي الزواج قد فترت ثم ظلت تقل بالتدريج إلي أن زالت وحل محلها شعور بالضيق والرغبة في الانفصال‏.‏


هناك في الحياة العملية أيضا نصفان من الحقيقة يجب أن نذكرهما معا‏,‏ وهما الحق والواجب‏,‏ أما الذي لك والذي عليك‏,‏ فأنت مثلا لك حق في الموضوع الفلاني‏,‏ ولكن من الناحية الأخري عليك واجب أو واجبات‏..‏ وبالمنطق نفسه نتحدث عن الفعل وما يقابله من رد الفعل‏.‏


فأنت تقول‏:‏ من حقنا أن نضرب عدو وطننا‏..‏ ونجيب بأن هذا أمر لا يجادل فيه أحد‏,‏ ولكن النصف الثاني من الحقيقة هو أن العدو لن يظل صامتا أمام ضربتنا‏,‏ بل سيقابلها من جانبه بضربات ربما تكون أشد‏..‏ فما نتائج ذلك؟‏..‏ وهل ستكون في مصلحتنا أم ضدنا؟‏..‏ إن كل شيء ينبغي أن يحسب له حساب‏,‏ والحماس للحرب ينبغي أن يوضع إلي جواره خطورة الحرب وتكاليفها ونتائجها من تخريب وتدمير وقتل‏.‏


شخص يقول‏:‏ لقد ضاقت بي الحياة هنا‏,‏ والأصلح لي أن أهاجر لأحقق في الخارج حياة أفضل‏,‏ ويقف أمام هذا الشخص النصف الآخر من الحقيقة وهو‏:‏ كيف يسافر؟ وهل إجراءات الهجرة سهلة‏,‏ ثم إذا سافرت إلي الخارج‏,‏ هل ستجد وظيفة تليق بك‏,‏ وهل شهادتك العلمية معتمدة هناك؟‏..‏ وهل ستجد سكنا؟ وهل الوسط هناك يناسبك ويناسب أولادك وتربيتهم؟ وهل إذا ضافت بك الحياة هناك أيضا وفكرت أن ترجع إلي وطنك‏,‏ هل ستجد عملك ومسكنك؟


فلا يصح إذن أن يركز أحد علي نصف واحد من الحقيقة‏,‏ ويتجاهل النصف الآخر وما يشمل من نتائج‏..‏


نلاحظ في المشتغلين بالصحافة أنه كثيرا ما يركز الصحفي علي حرية الكتابة والنشر‏,‏ علي أن النصف الثاني من الحقيقة أن حرية التعبير ينبغي إلي جوارها نزاهة التعبير وصدقه‏.‏ أما إذا تطورت حرية التعبير إلي حرية في التشهير‏,‏ فهذا أمر لا يقبله أحد‏.‏


وعلي العموم‏,‏ ان الحرية بوجه عام هي محبوبة ولازمة‏,‏ ولكن هذا هو نصف الحقيقة‏.‏ أما النصف الآخر فهو لزوم انضباط الحرية‏,‏ فالحرية غير المنضبطة لها خطورتها وأخطاؤها‏.‏


يدعو كثيرون إلي السلوك المثالي ووجوبه‏,‏ وهذا حسن جدا‏,‏ ولكن النصف الآخر من الحقيقة هو العقبات والموانع التي تقف في طريق ذلك‏,‏ فعلي الداعين إلي المثاليات أن يسهلوا الطريق إليها‏,‏ وأن يبحثوا عن العقبات التي تعترض طريقها‏,‏ ويحاولوا أن يجدوا لها حلا‏,‏ فهناك فرق كبير بين التفكير النظري والتفكير العملي‏.‏


يتحدثون عن الغواية‏,‏ فيذكرون باستمرار أن سبب سقوط الرجل هو المرأة‏,‏ وينسون النصف الآخر من الحقيقة وهو نوعية أخلاق الرجل‏!..‏ فالرجل ذو الخلق المستقيم تكون لديه حصانة داخلية ضد كل إغراءات المرأة أيا كانت‏,‏ فنقاوة قلبه تمنعه من الخطيئة‏.‏


أما إن فسدت أخلاق الرجل‏,‏ وزادت شهوته‏,‏ وضعفت إرادته‏,‏ فلا يلقي سبب سقوطه علي المرأة‏.‏


في الدراسة يركز غالبية الناس علي واجب التلميذ ومذاكرته واجتهاده‏..‏ أما النصف الآخر من الحقيقة‏,‏ فهو أيضا المدرسة والمدرسون‏:‏ فماذا عن اهتمام المدرس‏,‏ ومدي كفاءته في الشرح والتفهيم؟‏..‏ وماذا عن المدرسة والفصل الدراسي فيها يضم ستين طالبا أو أكثر‏,‏ مما لا يعطي فرصة للمعلم أن يهتم بكل طالب‏!‏


فهل نلقي اللوم كله علي التلميذ إذا لم يفهم ولم يستوعب؟‏..‏ وبالتالي يكون عرضة للرسوب‏!‏ فإذا أضفنا إلي هذا عدم اهتمام الأسرة به في الدراسة‏,‏ فما ذنبه؟‏..‏ إن التركيز علي سبب واحد في رسوب التلميذ أو ضعف تحصيله‏,‏ أمر غير عملي‏,‏ إنما يجب الاهتمام أيضا بباقي الأسباب‏.‏


هناك بعض أمثلة أخري‏,‏ نذكر منها باختصار وتركيز في فقرات‏:‏

محبة الوطن هي واجب مقدس من جهة جميع أبنائه‏,‏ والنصف الآخر من الحقيقة هو واجب الوطن نحو أبنائه‏..‏ وهذا أمر علي الدولة أن تقوم به‏,‏ بكل مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والشعبية‏.‏


النظام أمر لازم جدا ومطلوب‏,‏ أما النصف الآخر من الحقيقة‏,‏ فهو من الذي يرتب النظام ويشرف عليه‏,‏ وأيضا شعب يؤمن بالنظام‏,‏ ويرضي بالخضوع له‏.‏


كل أمور الإصلاح يلزمها اقتراحات بناءة ومفيدة‏,‏ ولكن من ذا الذي يضع المقترحات‏,‏ ومن ينفذها؟


يري رجال الاقتصاد أن المال هو العصب الأساسي لكل مشروع‏,‏ ولكن إلي جوار المال لابد من وجود اليد التي تدبره وتحسن إنفاقه بأمانة وحكمة‏.‏

رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أنصاف الحقائق والنصف الآخر من الحقيقة للبابا شنوده الثالث
القيم بقلم: البابا شنودة الثالث
الصياد والعصفورة-بقلم البابا شنودة الثالث
باب مفتوح في السماء بقلم: البابا شنودة الثالث
أنصاف الحقائق.....لقداسة البابا شنودة


الساعة الآن 01:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024