الجهاد في تقديس الحواس
إن كان الروح القدس هو الذي يقوم بالتقديس لكن يؤكد القديس أنطونيوس في نفس الرسالة قائلًا: (إن الجهاد للحصول على النقاوة الكاملة يتطلب جهاد النفس والجسد معًا في أعمال التوبة بتناسق وتساوٍ (7)).
والرسول بولس أيضًا يقول: "لم تقاوموا بعد حتى الدم" (عب4:12) فالروح القدس يعمل فينا بقدر ما نتجاوب معه بالعمل والجهاد، وقد قلنا أن أول أعمال الجهاد هو الصلاة وطلب حياة الملء الدائم من الروح، هذا مع جهادنا في حفظ حواسنا بعيدًا عما يعثرها والانطلاق بها لتشبع بما هو مقدس للرب.
1- فمن جهة النظر:
يعتبره القديس أغسطينوس أأول حلقة من حلقات السقوط وإليك بعض ارشادات عملية بخصوص النظرات الشريرة:
(أ) اهرب من المكان الذي تشعر فيه بالضعف (جنسيًا) أمام شخصية معينة، ولو كان السبب هو ضعفك الداخلي وليس ذلك الإنسان. وهروبك هذا ليس بجبن بل فيه شجاعة إذ تقاوم عاطفة قوية في داخلك،لا تقف عند هذا الجانب السلبي بل اهتم أن تتوب وتصلي وتتمتع بربنا يسوع حتى تصير عيناك بسيطة فلا تعثر بأحد.
(ب) لا تجول بعينيك باحثًا عن المناظر المثيرة... متذكرًا أن النبي داود صاحب المزامير بنظرة واحدة مستهترة انحرف إلى الخطية.
(ج) لا تجعل نظرتك فاحصة تنقل إليك الشهوة متذكرًا أن من هم أمامك اخوتك واخواتك. وكما قال القديس باخوميوس للفتاة التي حاولت اغرائه وهو صبي: "هل عيناي عيني كلب حتى أضاجع أختي؟!".
(د) لا تخدع نفسك بأنك تتأمل الجمال في ذاته، لأن الجمال هو الخير المطلق؛ فاحذر لأن الشهوة مختفية فيه وأنت لا تعلم!
(ه) إن أحسست بنظراتك أنها غير طبيعية نحو شخصية ما تلتقي معها بحكم العمل أو الظروف ارفع قلبك إلى الله مناديًا "اسم يسوع" حتى تتقدس نظراتك.
(و) اهتم أن تضع صورًا للسيد المسيح والقديسين في حجرتك وعلى مكتبك لكى تكِّرك هذه الصور بقداسة أصحابها ونقاوة سيرتهم.
(ز) احذر الكتب الرخيصة والمجلات السوقية والأفلام التي تستخدم الحوادث الغرامية المثيرة والمناظر الخليعة... واعلم أن وقتك أثمن من أن يضيع في مثل هذه الأمور!!
(ح) لا تعتمد على قامتك الروحية الحالية، فتترك نظراتك تجول هما وهناك حاسبًا أنك قوي، لا تتعثر. أذكر شابًا يتسم بالروحانية جاءني يومًا يعترف بأنه ذهب إلى أماكن معثرة، لكنه كان يشعر أن كل النساء اخواته بالرغم من عدم احتشامهن، وأنه لم يجد فيهن عثرة قط... مرت سنوات وجاءني ذات الشاب يشتكي بمرارة من صراعه المرّ بسبب النظرات القديمة التي مرّ عليها سنوات دون عثرة. لقد جاء وقت الضعف ليتذكرها، أو لتتراقص في ذهنه وتسحبه بكل قوة إلى أفكار دنسة محطمة. إنه رصيد خبرة خاطئة قبلها بإرادته حاسبًا في نفسه أنه قوي.
2- من جهة السمع:
(أ) اهرب قدر ما تستطيع من مجالس المستهزئين حتى لا يعلق بأذنيك الهزل الباطل والفكاهات المثيرة والألفاظ التي سرعان ما تراودك في الفترات التي يضعف فيها الرقيب الداخلي، مثل فترات النوم أو أحلام اليقظة أو المرض أو الارهاق البدني الشديد!
(ب) إن كنت تعشق الموسيقى فاعلم أن كثيرين قد دخلوا إلى أعماق الشركة مع الله عن طريق الألحان الكنسية الجميلة خاصة ألحان أسبوع الآلام، فإنها قادرة أن تشبع هوايتك وتفيد نفسك!
3- من جهة التذوق:
ليكن لمعدتك ميزانًا يتناسب مع صحتك والمجهود البدني الذي تبذله (مع الاسترشاد بأب اعترافك).
4- من جهة حاسة الشم:
فتذكر ألا تكون مغاليًا في التزين ومحبًا للتنعم بالأمور الأرضية، مفضلًا على ذلك حياة السهر والصلاة التي تؤهلك لتصير أنت ذاتك رائحة المسيح الذكية للذين يخلصون (2كو15:2).
5- من جهة حاسة اللمس:
... وخاصة في الأماكن المزدحمة ارفع قلبك لله واشغل فكرك فيه... نادِ اسمه.
وأخيرًا ليعطنا الرب أن نتذكر دائمًا أن كل أعضاء جسدنا وكل حواسنا هي ملك للرب... أذكر أنك ابن الله، أنك مفدي بدم ثمين هذا مقداره... تذكر دائمًا مقدار نفسك عندئذ يسهل أن تتحول كل طاقاتك لتكون عاملة حسب إرادة الله الكاملة المرضية.
______________