الأم تريزا: (أم الفقراء 1910-1997)
وُلدت أجنس بوجاكسيو في 27 آب 1910 في مدينة سكوبي اليوغسلافية، بينما أصلها من ألبانيا تلك الدولة التي يشكل المسلمين واليهود الأرثوذكس معظم سكانها، إلى جانب أقلية مسيحية غالبيتها من الكاثوليك.
بعد وفاة والدها المبكرة وحين بلغت الثانية عشر من عمرها أجنس اللطيفة، العطوفة سمعت قساً من الرهبنة اليسوعية الكاثوليكية يتحدث عن عمله في الهند، الأمر الذي غير حياتها، حيث قال: الهنود يذهبون للنوم كل ليلة وهم يعانون من الجوع. والكثيرون منهم لا يعرفون شيئاً عن يسوع. وهم يشعرون بأنه لا أحد يهتم بهم". مرت الليالي ثقيلة على أجنس التي كانت تفكر في جان دارك والقديس بولس فكانت تشتهي أن تموت من أجل ايمانها كما حصل معهما. ولأنها كانت تشعر بفراغ في نفسها فقد أدركت أنه لايستطيع أن يملأه سوى الله وحده فقررت الالتحاق برهبنة لوريتو في ايرلندا سنة 1929 واختارت لنفسها اسم ماري تريزا، ماري نسبة إلى السيدة العذراء مريم، وتريزا على اسم القديسة تريزا الطفل يسوع. كانت تريزا تساعد الممرضات "في مستشفى بنغالي صغير" من قروحهم المختلفة التي سببها لهم مرض السل. لقد سمعت تلك الأخت المُباركة يسوع على الصليب يقول لها أنا عطشان إلى محبتك، فقررت أن تروي عطشه بإن تتبعه بايمان وتهتم بالمرضى والفقراء والمسجونين والحزانى المتألمين.
عام 1947 كان دموياً للهند التي نالت استقلالها من الاستعمار البريطاني فطلبت الأخت تريزا الاذن من روما لكي تترك رهبانيتها وتذهب لتعيش بين فقراء كلكتا في الهند. وحين حانت ساعة الرحيل انخرطت مع اخواتها الراهبات والمكرسات بالترنيم مع البكاء لأن الكل حزين لفراقها، ثم خلعت رداء الراهبات الأوربي الطويل، وارتدت االساري الهندي الأبيض ولبست صندلاً بسيطاً.
طبعاً لا ننسى أنها مارست التدريس ودرست التمريض العملي، وتعلمت اللغة الهندية، وسنة 1950 أسست جماعة مكرسات لعمل الخير(مُرسلات المحبة)، كما أسست في كلكتا بيتاً لرعاية المصابين بأمراض غير قابلة للشفاء لكي يموتوا بكرامة. ومركزاً لرعاية الأطفال المرضى وآخر لمعالجة المُصابين بالبرص. ورغم تجاعيد وجهها وانحناءة ظهرها لكنها تمتعت بطاقة عجيبة جعلتها سنة 1952 تجوب شوارع الهند المكتظة من أجل مد يد العون للمحتاجين.
حصلت على العديد من الأوسمة والجوائز أهمها جائزة نوبل للسلام سنة 1979م. وقد توسعت المؤسسات الخيرية التي أنشأتها الأم تريزا وباتت تضم 570 مركزاً لخدمة المرضى والفقراء، تتولاها 4500 راهبة ومايزيد عن مائة ألف متطوع. سنة 1992 بدأت صحتها بالتدهور لكنها لم تتقاعس عن زيارة موطنها الأصلي ألبانيا، وافتتحت بيتاً للراهبات في تيرانا المدينة التي توفيت فيها والدتها وأختها. واستمرت في خدمتها حتى أسلمت الروح يوم 5 أيلول 1997. ودُفنت في كلكتا المدينة التي توفيت فيها شرقي الهند. نعم لقد رحلت أم الفقراء التي كان شعارها: اعمل الأشياء الصغيرة بمحبة عظيمة. رحلت الأم تريزا التي قالت يوماً: لقد دُعينا جميعاً لأن نُحب. وهاهو صدى قولها يتردد اليوم في عالمنا الذي يحتاج للحب