رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
كلمات المسيح السبع على الصليب الكلمة الأولى ...( 1 )... ( 2 ) «لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون!» وبما أن الشفقة والإخلاص هما عنوان روح المسيح، لذلك دعم طلبه بحجة بديعة ساطعة: «لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون!». فهي حجةٌ تدل على براعة المحامي، لأن الجناية ثابتةٌ على الجناة. ومع ذلك فالمجني عليه يرى بعين الرحمة أنهم أساءوا إليه وهم يجهلون حقيقة شخصه، ويتدرّج من ذلك إلى التماس العذر لهم، معتبراً أن هناك تفاوتاً في أنواع الجرائم، فليس الذي يخطئ بجهلٍ كالذي يتعمّد إيقاع الخطأ. كان بنو إسرائيل حكماء في أشياء كثيرة، ولكنهم من جهة المسيح كانوا في جهلٍ مطبق، فقد جهلوا مجده الإلهي بسبب ما رأوا فيه من مظاهر التواضع والضعف الإنساني و « لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ ٱلْمَجْدِ» (١ كورنثوس ٢: ٨). وجهلوا النبوات عنه لإهمالهم دراسة كتبهم المقدسة بقلب مفتوح، ولسماعهم تفاسير معلّميهم المغلوطة. ولو أنهم فتشوا كتبهم لوجدوا فيها حياةً أبدية، لأنها تشهد للمسيح (يوحنا ٥: ٣٩). وجهل اليهود حقيقة دعوى المسيح أنه المخلِّص المنتظَر بسبب ما رأوه من عداوة كهنتهم ورؤسائهم له وتحريضهم على قتله كثائر مجدف. وجهلوا مجد صلاحه وبرّه لأن ظلمة الخطية أعمت عيونهم، فكانوا كمريضٍ محموم يهزأ بطبيبه. وبما أن الجهل يعقبه الخطر الداهم، كالخطر الذي يصيب رجلاً جاهلاً يلعب بالنار في مخزن البارود، فقد رأى المسيح ما سيحل باليهود عقاباً لجهلهم فطلب رفع هذا العقاب. ومع أن الناس اليوم تقدموا في العلوم ونبغوا في الاختراعات والاكتشافات واتسعت دائرة معرفتهم، إلا أن نظرهم لا يزال قصيراً من جهة الخطية، فهم يستخفّون بها ويرونها أقل بكثير مما هي. فمنهم من يخطئ ويستر خطأه بالقول إن نيته كانت سليمة. ومنهم من يخطئ ويتعلل بتفسيرات سخيفة مغلوطة لبعض آيات الكتاب المقدس، ويجعل من هذه التفسيرات عكاكيز يسير عليها في طريق الخطأ. ومنهم من يخطئ وهو يتّخذ ضعف الطبيعة البشرية وِسادة يستريح عليها. ومنهم من يخطئ وهو يقارن بينه وبين غيره من الخطاة ويجعل من هذه المقارنة منظاراً يصغّر به خطاياه الخاصة. ومنهم من يخطئ لتأخُّر القصاص عنه فلا يزيد تفكيره عن تفكير النعامة التي إذا رأت الصياد خبأت رأسها في الرمل، وهي تظن أنها في أمان، مع أنها في قلب الخطر. ولا شك أن الخطية شرٌّ أكثر مما يمكن لبشرٍ أن يتصوَّر! أليست هي التي تنبع من القلب النجس الذي يخدع الإنسان كمخدّر لا يُدريه شرَّ ما يفعله؟! أليست هي خطأً يُرتكب ضد قداسة الله وشريعته؟ أليست هي التي لم يكن لها دواء إلا كفارة الصليب؟ أليست هي التي أوجدت عذابات الجحيم الأبدية؟ أليست هي التي تُلقي في أتون نار الضمير المحمَّى سبعة أضعاف؟ أليست هي التي تنغّص الحياة وتجلب شتى البلايا علينا وعلى مَن هم حولنا؟ فمن يعمل الخطية بجهلٍ هو كمن يضع يديه على عينيه ويسير إلى حفرة عميقة وهاوية سحيقة. ليت صلاة المسيح الشفاعية تقرع كأجراس عالية في آذاننا ليكون لنا، على مثال المسيح، قصدٌ روحي نحو العالم ومطمع كبير غير محدود لخلاص الجميع حتى ألدّ أعدائنا وأشد مقاومينا، ولنرحب بغير المسيحيين ترحيباً عاماً، فنقوم بأعمالٍ نشيطة جدّية، وندعوهم لنوال الخلاص المشترك. ألم يتأثر المسيحيون الأولون بمثال المسيح، فكانوا يسيرون صفوفاً صفوفاً يرنمون بخشوع إلى السجن وإلى أفواه الأسود، وهم يرون السماء أمامهم ويطلبون الرحمة لأعدائهم؟ يقول الجهلاء إن الجو الآن غير ملائم لتبشير الملايين المحيطين بنا. ولكن هؤلاء الملايين يخلقون من حولنا جواً مملوءاً بالعداوة والفجور أكثر مما عمل اليهود مع المسيح. والمسيح يطالبنا أن نقوم في الحال ونعمل بكل نشاط لنقودهم للخلاص. فلنقُم ونكمل بكرازتنا نقائص شدائد المسيح (كولوسي ١: ٢٤) فيكون لنا من عمل المسيح وسعيه لخلاص العالم أُسوة تُقتفى ومثالاً يُحتذى. ثم أرجو أن ينتبه الذين يعيشون في خطاياهم إلى التحذير المخيف المصرَّح به في هذه الصلاة. ألم يلتمس المسيح عذراً للذين يخطئون بجهالة؟ إذاً مَن يخطئون ضد النور بعد أن أخذوا معرفة الحق لا يبقى لهم عذرٌ لعفوٍ أو سببٌ لاستعطاف. والخطية درجات، وحذار أن تصلوا إلى نقطةٍ يبطل فيها عمل المسيح النيابي، إذ توجد خطية ليست للموت وتوجد خطية للموت لا رحمة لها (١يوحنا ٥: ١٦). واعلموا أن الصليب هو أظلم جناية ارتكبها العالم، فهو يكشف أصول الخطية. فمن شاء أن يقبل كفارة الصليب فهو يكرم ابن الله، ومن تكبّر ورفض كفارة الصليب فقد رفض ابن الله وزاد شراً عن قاتليه، فلا يُحسب دم المسيح له بل عليه. شكرك أحبك كثيراً الرب يسوع المسيح يحبكم جميعاً فتعال...هو ينتظرك |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الكلمة الثالثة على الصليب... |
الكلمة الثانية على الصليب... |
الكلمة الأولى على الصليب... |
أعط الكلمة المكانة الأولى في حياتك |
سرّ الكلمة وقوة الصليب |