هلاوس سياسية
الكاتب سحر الجعارة – المصرى اليوم
الجمعة, 01 يونيو 2012 12:56
ماذا يحدث لو أصبحت مصر دولة دينية، رئيسها يستمد قدسية منصبه وحصانته من تنفيذ أوامر إلهية لا تخضع للنقاش؟.. الإجابة تحتاج قدراً كبيراً من الخيال، فإن لم يسعفك الخيال اعتبر السيناريو القادم مجرد هلاوس أو فانتازيا سياسية!
1- «الجمعة»: إنه الموعد الأسبوعى لإقامة الحد فى ميدان التحرير، التكبيرات تتعالى مع دخول عدد من الكتاب والمفكرين والفنانين إلى قلب الميدان، السيوف تتلألأ تحت أشعة الشمس والجمهور الحاضر يستغفر الله مما جناه «الزنادقة» فى حق الإسلام.. من تغييبهم الشعب المصرى وإلهائه عن الطاعة والعبادة بالعرى والأفكار الهدامة.. مذيع ملتحٍ على شاشة التليفزيون الرسمى: «هؤلاء الزنادقة متهمون بالتحريض على الخروج على الحاكم، طاعة أولى الأمر من طاعة الله»!.
2- «اليونسكو» تدين المشروع القومى المصرى لهدم الأهرامات، وتطالب المجتمع الدولى بفرض عقوبات اقتصادية على مصر بعد تحطيم «أبو الهول»، كما تدعو اليونسكو لتشكيل بعثة تفتيش دولية لإنقاذ محتويات المتاحف المصرية.
3- «الرئيس» يجتمع مع فقهاء الأمة لبحث عملية حربية محدودة للقضاء على المد الشيعى وإغلاق مساجد «آل البيت» التى يتخذها الشيعة مزاراً دينياً، الرئيس رفع حالة «الجهاد» لنصرة «حماس»، وقرر فتح الحدود لتتكامل الكتائب الجهادية.
4- «البرادعى» من منفاه فى «الواحات»: «غلق (تويتر) عملية إجرامية يرتكبها نظام الملالى الجدد، وعلى الشعب أن يتكاتف لإعادة الإنترنت بكامل فاعليته للتواصل مع ثوار العالم عبر فيس بوك .. قاوم الفاشية الدينية ولو بتويت».
5- «مجلس شورى العلماء» يقرر التوسع فى عملية «الاستحلال» لسد العجز فى بيت المال، وينزع ملكية الكنائس بعد أن ثبتت مخالفة العبادات داخلها لثوابت الإسلام.
6- «الجوارى» يتهامسن: لماذا تخلو سوق الرقيق من الأثرياء العرب؟، هنا تنتعش البورصة الوحيدة فى البلد، رغم سقوط الجنيه فى بئر عميقة «ضحكات ماجنة ودموع هيستيرية».
7- «نجل الرئيس»: صرح من على سلم الطائرة القادمة من أمريكا بأنه سيمنع ارتداء «الكرافت»، لأنها تكلف الدولة المليارات وسيوقع عقوبة الجلد على أى موظف عام لا يلتزم بتقصير الجلابية وإطلاق اللحية.. وعلماء الأمة يبايعون «الخليفة» على السمع والطاعة.
8- «الخروج عن النص»: كاتبة تحاول تسريب مذكراتها لتطبع فى بيروت، كانت مصر دولة «مدنية»، ترفع شعار المساواة ومبدأ حرية العقيدة حين قمنا بثورة على الفساد والاستبداد.. فشلنا فى تجميع القوى الثورية خلف مرشح رئاسى واحد، للأمانة كل مرشح تلبسته أوهام «الزعامة» فأضاع الثورة والبلد معا!. أذكر أننى كنت أسير سافرة فى الشارع، وأقول رأيى من خلال الصحف والفضائيات.. كنت أشارك - مع الحركة النسوية - فى مؤتمرات تناهض التمييز ضد المرأة، وكان بلدى يحظر ختان الإناث ويمنع زواج الصبايا دون الـ 18عاما حتى تربع «الأخوات» على مقاعد البرلمان.. القوى الرجعية كانت تتهمنا بأننا السبب فى تفشى البطالة بين الرجال فسجنونا خلف أسوار «الحرملك» حتى تهدأ شهواتهم وينفردوا بالحكم. حين سُرقت الثورة وسيطر تيار الإسلام السياسى على مقاليد الحكم لم يعد لنا صوت ولا ملامح.. أصبحنا نترحم على أيام الاعتصام والتصدى للرصاص الحى بصدورنا فى «محمد محمود».. دعونى أعترف لكم بأننى هاربة من إقامة حد الحرابة، لأننى لم أحترف النفاق أو ما يسمونه «الكتابة بما لا يخالف شرع الله»!!
