رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أنتَ هوَ الآتي.. أم ننتظر آخر؟ سؤال أرسلهُ يوحنا المعمدان مع ٱثنين من تلاميذه إلى الرب يسوع المسيح.. والعجيب في الأمر، أنَّهُ أرسلَ لهُ هذا السؤال بعد أن أخبروه بأنَّ الرب يصنع معجزات ويُقيم موتى !!! ويوحنا ذاكَ هوَ الذي شهد بأنَّ يسوع: هوَ حملَ الله.. هوَ ٱبنَ الله (يوحنا 1 : 26 – 34). فماذا حصل؟ في مدينة تُدعى " نايين " لمس الرب نعش ٱبن أرملة، وأقامه من الموت، فخرج هذا الخبر عنهُ في كل اليهودية، وفي جميع الكورة المحيطة، ونقلَ تلاميذ يوحنا المعمدان إليه خبر هذه كلّها: " فدعا يوحنا ٱثنين من تلاميذه وأرسل إلى يسوع قائلاً: أنتَ هوَ الآتي، أم ننتظر آخر؟ فلمَّا جاء إليه الرجلان قالا: يوحنا المعمدان قد أرسلنا إليك قائلاً، أنتَ هوَ الآتي، أم ننتظر آخر؟ وفي تلك الساعة شفى كثيرين من أمراض وأدواء وأرواح شريرة، ووهبَ البصر لعميان كثيرين، فأجابَ يسوع وقال لهما: ٱذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما، أنَّ العمي يُبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يُبشَّرون، وطوبى لمن لا يعثر فيَّ، فلمَّا مضى رسولا يوحنا، ٱبتدأ يقول للجموع عن يوحنا... أنَّهُ بيـن المولوديتن مـن النسـاء ليـس نبيّ أعظـم مـن يوحنـا المعمـدان، ولكن الأصغر في ملكوت الله أعظم منهُ " (لوقا 7 : 19 – 28). لم يُجب الرب تلاميذ يوحنا بنعم أو لا.. بل وكما تقول الكلمة: في تلكَ الساعة شفى كثيرين من أمراض وأدواء وأرواح شريرة، ووهبَ البصر لعميان كثيرين.. وعندها أجابهما الرب وقال لهما: ٱذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما.. وطوبى لمن لا يعثر فيَّ !!! جواب الرب لم يكن كلامًا بل أعمالاً فائقة للطبيعة !!! أحبائي: في هذا اليوم المُمَّيز.. ذكرى قيامة الرب يسوع من بين الأموات.. دعني من جديد أؤكِّد لك.. أنَّ الرب يسوع، ومعجزاته وصلبه وفداؤه وٱنتصاره على الشيطان وتجريده إياه من كل سلطان، وقيامته من بين الأموات.. ليسوا مجموعة إيحاءات نفسية.. فالرب ليسَ أفيون.. ولا جرعة مُسكر.. ولا دواء مُهدِّئ للإعصاب.. ولا مورفين مُسكِّن للألم.. لكنَّ إلهي إله حيّ.. غلب الموت وقام منتصرًا.. قبره فارغ.. وهوَ جالس على العرش.. يشفع فينا.. يمدّنا بكل قوة وسلطان.. لكي نكون مثله غالبين منتصرين نصنع آيات وعجائب.. ندوس على العقارب والحيات وكل قوة للعدو ولا شيء يضرنا.. نصعد إلى الأرض ونمتلكها لأننا قادرون عليها.. كان يوحنا في السجن، ينتظر قطع رأسه من قبل هيرودس.. يوحنا الذي شهد كما ذكرنا أنَّ يسوع هو ٱبن الله.. ولست أعلم كل الأسباب التي تقف وراء تشكيكه بالرب في ذلكَ الحين، بالرغم من أنَّهُ أُخبِر بالمعجزات التي قام بها الرب.. ربما تحت وطأة قساوة السجن، وتحت وطأة ٱنتظار قطع رأسه.. ضعف إيمانه وشكَّ بالرب.. والرب قال لتلاميذه: طوبى لمن لا يعثر فيَّ !!! وتلاميذه الذين رافقوه.. والنسوة اللواتي رافقنَ الرب أيضًا.. لم تكن ردود أفعالهم أفضل من يوحنا: " أمَّا مريم فكانت واقفة عند القبر خارجًا تبكي، وفيما هي تبكي ٱنحنت إلى القبر، فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحدًا عند الرأس والآخر عند الرجلين، حيث كان جسد يسوع موضوعًا، فقالا لها: يا ٱمرأة لماذا تبكين؟ قالت لهما: إنَّهم أخذوا سيِّدي، ولستُ أعلم أينَ وضعوه " (يوحنا 20 : 11 – 13). مريم تلك، هيَ التي أخرجَ منها الرب سبعة شياطين، وهيَ التي رافقت يسوع طيلة خدمته، وشاهدت معجزاته، وسمعت كلامه عن القيامة.. وعندما لم تجد جسد الرب في القبر، لم تُعطِ ولو ٱحتمالاً بسيطًا أن يكون الرب قد قام من الموت، بل كانت تبكي وتقول للملاكين: أخذوا ربِّي.. وبعدما قام الرب من الموت وظهر للتلاميذ، وأخبروا توما بذلك، فها هوَ توما يقول: " ... إن لم أبصر في يديه أثر المسامير وأضع إصبعي في أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أؤمن، وبعد ثمانية أيام كان تلاميذه أيضًا داخلاً وتوما معهم، فجاء يسوع والأبواب مغلقة ووقف في الوسط وقال: سلام لكم، ثمَّ قال لتوما: هات إصبعك إلى هنا وٱبصر يديَّ، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنًا، أجابَ توما وقال لهُ: ربِّي وإلهي. قال لهُ يسوع لأنَّكَ رأيتني يا توما آمنت، طوبى للذين آمنوا ولم يروا " (يوحنا 20 : 25 – 29). ثلاثة شروط وضعها توما لكي يؤمن بالرب: أن يبصر أثر المسامير.. أن يضع إصبعه في أثر المسامير.. وأن يضع يده في جنب الرب. والرب لبَّى لهُ طلباته الثلاث.. لكنَّهُ قال: طوبى للذين آمنوا ولم يروا !!! هذه كانت ردَّات فعل يوحنا المعمدان وتلاميذ الرب، فماذا كانت ردَّة فعل رؤساء الكهنة والشيوخ: " وفيما هما ذاهبتان، إذا قوم من الحراس جاءوا إلى المدينة وأخبروا رؤساء الكهنة بكل ما كان، فٱجتمعوا مع الشيوخ وتشاوروا وأعطوا العسكر فضَّة كثيرة قائلين: قولوا أنَّ تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه ونحن نيام... فشاع هذا القول عند اليهود الى هذا اليوم " (متى 28 : 11 – 15). فشاع القول عند اليهود بأنَّ جسد الرب سُرِق.. أي أنَّهُ لم يقم من الموت.. إلى هذا اليوم.. يوم كتابة متَّى لإنجيله.. لكن الخوف أن يكون هذا الخبر ما زالَ شائعًا حتَّى يومنا هذا.. ليسَ بين غير المؤمنين فحسب.. بل بيننا نحن.. المؤمنين.. أولاد الله !!! وكُثُر بيننا في ذكرى موت الرب وقيامته ما زال يتقبل التعازي.. ليس قولاً.. ولا فكرًا.. فالجميع يعرف في ذهنه، والجميع يعترف بفمه بأنَّ الرب قام من الموت منتصرًا غالبًا، سحق رأس الشيطان، وأعطانا سلطانًا وما شابهها من حقائق كتابية.. لكن المشكلة تكمن في أننا نتصرف تمامًا عكس ما نفكر ونقول.. تصرفاتنا تسال أغلب الأحيان السؤال نفسه الذي سأله يوحنا للرب: أنتَ هوَ الآتي.. أم ننتظر آخر؟ وتصرفاتنا تعكس، وكأنَّ جسد الرب سُرِق من القبر، وهوَ لم يقم.. ليسَ حيًّا وجالسًا على العرش.. لأنَّهُ إن كنا لا ننتظر آخر.. ونثق بأنَّ الرب حيّ جالس على العرش، دُفِعَ إليه كل سلطان، وقد أعطانا هذا السلطان، لكي ندوس كل قوة العدو، نشفي المرضى، نُقيم الموتى، نُحرِّر المُقيَّدين، نُعزِّي النائحين، نمتلك الأراضي، نُقيِّد القوي وندخل بيته ونُطلق النفوس الأسيرة وننهب الغنائم: ينبغي أن تكون حياتنا مختلفة عمَّا هيَ عليه اليوم.. ينبغي أن تكون كنيستنا مختلفة عمَّا هيَ عليه اليوم.. ينبغي أن يكون أصدقاؤنا ومعارفنا وأهلنا وقُرانا وبلدنا ومحيطنا مختلفين عمَّا هم عليه اليوم.. فما رأيك بهذا الكلام في صباح ذكرى قيامة الرب؟ هل نحن اليوم نُبشِّر ونُخبر عن شخص توفي من ألفي عام؟ أم أننا نُخبر عن إله لم يستطع القبر ولا الموت تَحمُّل وجوده، بل ٱنفجر القبر وٱنفجر الموت من رهبة الرب ومن قوة روح القيامة، وقام الرب الذي يشفي ويُحرِّر ويُقيم الموتى ويصنع المعجزات؟ أحبائي: أغلبنا يرقد في سجون مظلمة كالسجن الي كان فيه يوحنا، وأغلبنا كمريم نبكي، معتقدين أن اللصوص سرقوا جسد الرب.. وأغلبنا كتوما، لا نُصدِّق وعود الرب والرؤى والأحلام والنبوءات التي أعطانا إياها الرب، إن لم تتحقق شروط توما الثلاثة.. لكن... في هذه الذكرى العظيمة.. قيامة الرب.. دعني أقول لكَ أنَّ الرب حنَّان، مُشجِّع، إله كل نعمة صالحة، لا يُحاسبنا حسب ما نستحق، فهوَ بالرغم من تشكيك يوحنا ومريم وتوما، قال للناس الذين كانوا حوله بعدما مضى تلميذا يوحنا: أنَّهُ بين المولودين من النساء ليس نبيّ أعظم من يوحنا المعمدان.. ولمريم المجدلية ظهر، وكلَّمها وطيَّبَ قلبها.. وظهر لتوما أيضًا ولبىَّ لهُ طلباته الثلاث.. وهوَ اليوم يريد أن يفعل معك أكثر ممّا فعل معهم، لأنَّهُ قال: الأصغر في ملكوت الله أعظم منهُ (أعظم من يوحنا المعمدان). إن كنتَ ترى نفسك الأصغر بين كل من هم في ملكوت الرب، فأنتَ أعظم من يوحنا الذي لم تلد النساء مثله، والذي لم يكن نبي أعظم منهُ.. الرب يريد أن يُطيِّب خاطرك في هذا الصباح، ويُخرجك من ظلمة السجن، ويبني إيمانك من جديد.. لكن.. لا تنسى أبدًا أنَّ ملكوت السماوات يُغتصب ٱغتصابًا.. بعنف، بقوة، ليس من يد الرب، بل من يد الشيطان الذي يُحاول حجب كل البركات والوعود والرؤى والأحلام والنبوءات التي أعطاك إياها الرب.. سجن بولس وسيلا لم يتمكَّن من إضعاف إيمانهما كما حصل مع يوحنا.. لكن بالرغم من الضربات والجراح والمقصلة، سبَّحا الرب عند منتصف الليل، والنتيجة كانت: " فحدثَ بغتةً زلزلة عظيمة، حتَّى تزعزعت أساسات السجن، فٱنفتحت في الحال الأبواب كلّها وٱنفكت قيود الجميع " (أعمال 16 : 26). هذا هوَ إلهنا.. إنهُ هوَ ولا نحتاج أن ننتظر آخر.. إنه مُقام، مُمجَّد، صاحب كل سلطان، ولم يسـرق أحـد جسده.. إنه الإله الذي يُكرم الإيمان.. فيُزعزع أساسات السجون ويفتح الأبواب المُغلقة.. ويفك القيود.. جميع القيود. أحبائي: لن يأتي يوم يستطيع الرب أن يصنع معك ما صنعهُ حرفيًا مع توما.. لكنه يقول للجميع: طوبى للذين يؤمنون دون أن يروا !!! وما شغلني به الروح القدس اليوم، هوَ أن أقول لكل الذي نالوا دعوة من الرب، أُلحقت بإعلانات واضحة من كلمته، وبرؤى وبأحلام وبنبوءات، لكن ظروفهم اليوم مُعاكسة لكل ذلك، ربما هم في سجن مظلم، وربما لا توجد اي إشارات توحي بأن ما وعدهم به الرب سيتحقَّق، لا توجد ريح ولا يوجد مطر لكي ينتظروا المياه.. لكن لا تنسى ما قاله إبراهيم عندما وعده الرب بإسحاق وكان جسده وجسد سارة قد ماتا: " ... أمام الله الذي آمن بهِ، الذي يُحيي الموتى ويدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة، فهو على خلاف الرجاء آمن على الرجاء، لكي يصير أبًا لأمم كثيرة، كما قيل هكذا يكون نسلك، وإذ لم يكن ضعيفًا في الإيمان، لم يعتبر جسده وهو قد صار مُماتًا إذ كان ٱبن نحو مئة سنة، ولا مماتية مستودع سارة، ولا بعدم إيمان ٱرتاب في وعد الله، بل تقوَّى بالإيمان مُعطيًا مجدًا لله، وتيقَّنَ أنَّ ما وعد بهِ هو قادر أن يفعلهُ أيضًا " (رومية 4 : 17 – 21). على خلاف كل الظروف المعاكسة، آمن.. لأنَّهُ يعرف أن الرب يُحيي كل ما مات، ويدعو الاشياء غير الموجودة إلى الوجود.. يدعو من العدم.. وشعب الرب الذي كان يحتاج المياه في إحدى معاركه، جاءَهم النبي العظيم أليشع ليقول لهم: " لأنَّهُ هكذا قال الرب: لا ترون ريحًا ولا ترون مطرًا، وهذا الوادي يمتلئ ماءً فتشربون أنتم وماشيتكم وبهائمكم، وذلك يسير في عيني الرب... وفي الصباح عند إصعاد التقدمة، إذا مياه آتية عن طريق أدوم فٱمتلأت الارض ماءً " (ملوك الثاني 3 : 17 – 20). لا يوجد ريح.. ولا يوجد مطر.. فمن أين تأتي المياه؟ المياه تأتي من صانع المعجزات عندما تؤمن أنه قادر.. أنه قام من الموت.. أنه هوَ الآتي ولا داعي لكي تنتظر آخر.. عندما تؤمن أنهم لم يسرقوا جسده بل قام.. عندما تؤمن دون أن ترى أثر المسامير ولا الجنب المطعون.. وهل قرأت من أين أتت المياه؟ جاءت من أرض أدوم.. أرض الأعداء.. مكان لا يُمكن أن تتوقَّع أن يكون مصدرًا لتنفيذ الوعود والإعلانات والأحلام والنبوءَات والرؤى.. لأنَّهُ كما قال عنه شمشون: " يُخرج من الجافي حلاوة ومن الآكل أكلة " (قضاة 14 : 14). كان صباح يوم عندما أُصعدت فيه تلكَ التقدمة، ثم جاءت المياه.. واليوم الذبيحة الكاملة أُصعدت من ألفي عام لمرة واحدة.. لكن نتائجها لم ولن تتوقف يومًا.. ثق بهذه الذبيحة اليوم، التي قُدِّمت من أجلك، وثق بأن الحمل المذبوح قام من بين الأموات ويريد أن يُطيِّب قلبك، ويؤكِّد لكَ أنَّهُ لم ينسك أبدًا.. كل ما وعدك به، كل الرؤى والأحلام والنبوءات والإعلانات التي خصَّكَ بها، ستتم مئة بالمئة، لا يسقط وعد، بل الكل يكون، لأن فم الرب تكلم.. فقط تجاوب مع رسالته، وثق به اليوم من جديد.. ولا تنتظر ريحًا ولا مطرًا، لأنَّ المياه ستُفاجئك قريبًا بأنها آتية من مكان آخر.. شرط ألاَّ تنتظر آخر !!! وعنـدها ستصـرخ لهُ كما صرخ أيوب قائلاً: " بسمع الأُذن قد سمعتُ عنكَ، والآن رأتك عيني " (أيوب 42 : 5). المسيح قام.. حقًّا قام.. فصح مجيد للجميع !!! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
«أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟» ( مت 11: 2 ، 3) |
أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟ ( مت 11: 2 ، 3) |
سأحبك إلى الأبد وحتّى إلى ما بعد الأبد |
كيف ننتظر |
نحن ننتظر الفرح الآتي بقدوم يسوع |